السبت، 31 مايو 2014

رقيقةُ المجاهدين لابن القيم



رقيقةُ المجاهدين
لابن القيم
الحمد لله معزِّ من أطاعه وناصرِه, ومذلِّ من عصاه وخاذِلِه, جعل الجلال والجمال هالةً على رايات المجاهدين, والصلاة والسلام والبركة على من بعثه الله هاديًا مجاهدًا مبشّرًا نذيرًا, أما بعد:
فما بال أقوم يرومون إبطال ذروة سنام الإسلام بذريعة إسقاط مدّعِي الجهاد, فيهدم الأصل التالد لشجرة الجهاد بحجة كسر عودٍ دخيل عليها, ويغلق باب القتال في سبيل الله عامّة بشبهة سدّ الطريق على غلاته الذين أخذتهم صولته وحماسته ومعمعان لهيبه عن حسن متابعة إمام المجاهدين الذي لا يقبل الله جهادًا إلا ما كان على شرعته وسنته, ولا يدخل أحدٌ من أمته على الله إلا من بابه وحسن التأسّي به, فالقتال في سبيل الله عبادة, وشرطا قبول العبادة الإخلاص والمتابعة, والحماسة مالم تُضبط بالوحي فهي وبال.
 يا قوم: متى كان الناس معيارا للشريعة؟! ومتى كانت حروبنا ضد الخوارج مانعة من قتال الكفرة؟!
الجهاد باق إلى قيام الساعة بنا أو بغيرنا " وإن تتولوا يستبدل قوما غيركم ثم لا يكونوا أمثالكم" وفريضة الوقت هي إقامته وبيان حدوده وضوابطه وأحكامه لا هدمه وإبطاله.
والخوارج باقون, ومن لف لفهم من البغاة والظلمة وقطاع الطرق ومتصيدة الأخطاء باقون كذلك, والعبرة ليست بديموتهم في ميدان الابتلاء, بل في المصلحين لما انثلم من بناء الجهاد والمجددين لما اندرس من معالمه ونافخو روح الحماسة الإيمانية في صدور أهله, فما تركه قوم إلا ذلوا وأُديل عليهم وأُبدلوا.
وكما يُقاتل الكافر المحارب بأمر الشريعة؛ فكذلك يقاتل الخارجي المارق, فهم شرّ قتلى تحت أديم السماء, فهم مبدّلةٌ متهوّكة غلاة. قال الإمام أحمد رحمه الله: صح الحديث في الخوارج من عشرة أوجه وقد رواها مسلم في صحيحه وروى البخاري منها ثلاثة أوجه حديث علي وأبي سعيد الخدري وسهل بن حنيف, وفي السنن والمسانيد طرق أخر متعددة. وقد قال صلى الله عليه وسلم في صفتهم ( يحقر أحدكم صلاته مع صلاتهم وصيامه مع صيامهم وقراءته مع قراءتهم يقرءون القرآن لا يجاوز حناجرهم يمرقون من الإسلام كما يمرق السهم من الرمية. أينما لقيتموهم فاقتلوهم; فإن في قتلهم أجرا عند الله لمن قتلهم يوم القيامة; لئن أدركتهم لأقتلنهم قتل عاد ).
هذا وإن الحرب العوان معهم أو مع من أٌمرنا بحربهم ليست شرًّا محضا وإن احترق بِأتُونها الأبرياء, بل هي كَيرُ امتحانٍ لمعادن الرجال, ومعيار دقيق لصدقهم مع ربهم "الم . أحسب الناس أن يتركوا أن يقولوا آمنا وهم لا يفتنون . ولقد فتنا الذين من قبلهم فليعلمن الله الذين صدقوا وليعلمن الكاذبين" وفي حديث صاحب السهم لما خر شهيدًا وقد أصابه السهم في ذات المكان الذي رغبه: "صدق الله فصدقه الله" رواه النسائي بسند صحيح في قصة شريفة.
وروى الإمام أحمد بسند صحيح حديث ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "بعثت بين يدي الساعة بالسيف حتى يعبد الله وحده لا شريك له, وجعل رزقي تحت ظل رمحي, وجعل الذلة والصغار على من خالف أمري, ومن تشبه بقوم فهو منهم" ومن فروعه الرباط في سبيل الله, ويكفيه أن أجره مستمر بازدياد وهو في قبره, فعن سلمان رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "رباط يوم وليلة خير من صيام شهر وقيامه، وإن مات فيه جرى عليه عمله الذي كان يعمل, وأجري عليه رزقه, وأمن من الفتان" رواه مسلم, وعن سهل بن سعد رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "رباط يوم في سبيل الله خير من الدنيا وما عليها، وموضع سوط أحدكم من الجنة خير من الدنيا وما عليها، والروحة يروحها العبد في سبيل الله أو الغدوة خير من الدنيا وما عليها" متفق عليه.
ألا ما أصدق وأعطر آهات الراغبين في الانتظام في سفر الخالدين من الذين أنعم الله عليهم.
لئن قرّب الأبرارُ في العيد أنعُماً ... وَضَحَّوْا لمولاهم بعيراً فَما ليا؟
فيا ربِّ فاقبـلها قرابينَ راحتي ... فئاماً من الكفار أضحتْ بَوَاليا
أيا مبتغي الفردوس عجّل بصارمٍ    ...   وكن صادق الإقبال عند التلاقيا
فإن تحيَ عشت العز في كل لحظةٍ ...  وإن كانت الأخرى ستلقى المراقيا
فأسأل ربّي أن تكونَ منيّتي   ...   بعيداً عن الأوطان للشّرك غازيا
فخذ من دمائي يا سميعاً لدعوتي   ...   فما أطيب الآلام إن كنت راضيا
لئن عَزّ ديني واستبيحت جوارحي    ...   فأين مقام العزّ إلا مقاميا؟
إن الحديث عن الجهاد والنصر والاستشهاد لَيسعدُ النفسَ المؤمنة ويهزّها طربًا وأُنسًا, ومن قرأ القرآن والسنة رأى أن الجهاد بأنواعه محورٌ هامّ يقوم عليه ساق الإيمان بالله وبكريم موعوده. وقد تكلّم العلماء كثيرًا فضائله وبيان منزلته وتفاصيل أحكامه, وذهب جمع إلى أنه أشرف النوافل بإطلاق, ومهما كثر عديد القُربِ فيبقى منها لذروة السنام ذروة السنام!
ومن أمثل ما رأت عيني صحائف خطتها يراعة ابن القيم رحمه في زاد المعاد في كلامه عما بعد الهجرة وتدرج الشريعة في فريضة الجهاد, ويكأنما يصهل بها في محتدم الطعان ويهتف بها لمن رام نعيم الجنان.
 قال الإمام ابن القيم في الزاد (63-80) - بتصرف واختصار -:
فلما استقر رسول الله صلى الله عليه وسلم بالمدينة، وأيده الله بنصره بعباده المؤمنين الأنصار، وألف بين قلوبهم بعد العداوة والإحن التي كانت بينهم، فمنعته أنصار الله وكتيبة الإسلام من الأسود والأحمر، وبذلوا نفوسهم دونه، وقدموا محبته على محبة الآباء والأبناء والأزواج، وكان أولى بهم من أنفسهم، رمتهم العرب واليهود عن قوس واحدة، وشمروا لهم عن ساق العداوة والمحاربة، وصاحوا بهم من كل جانب، والله سبحانه يأمرهم بالصبر والعفو والصفح حتى قويت الشوكة, واشتد الجناح، فأذن لهم حينئذ في القتال، ولم يفرضه عليهم، فقال تعالى: (أذن للذين يقاتلون بأنهم ظلموا وإن الله على نصرهم لقدير ) [ الحج : 39 ] .
ثم فرض عليهم القتال بعد ذلك لمن قاتلهم دون من لم يقاتلهم فقال: (وقاتلوا في سبيل الله الذين يقاتلونكم ) [ البقرة : 190 ] .
ثم فرض عليهم قتال المشركين كافة، وكان محرما، ثم مأذونا به، ثم مأمورا به لمن بدأهم بالقتال، ثم مأمورا به لجميع المشركين، إما فرض عين على أحد القولين، أو فرض كفاية على المشهور.
والتحقيق أن جنس الجهاد فرض عين إما بالقلب، وإما باللسان، وإما بالمال، وإما باليد، فعلى كل مسلم أن يجاهد بنوع من هذه الأنواع.
أما الجهاد بالنفس ففرض كفاية، وأما الجهاد بالمال ففي وجوبه قولان: والصحيح وجوبه؛ لأن الأمر بالجهاد به وبالنفس في القرآن سواء، كما قال تعالى: (انفروا خفافا وثقالا وجاهدوا بأموالكم وأنفسكم في سبيل الله ذلكم خير لكم إن كنتم تعلمون) [ التوبة : 41 ] وعلق النجاة من النار به ومغفرة الذنب ودخول الجنة فقال: ( يا أيها الذين آمنوا هل أدلكم على تجارة تنجيكم من عذاب أليم تؤمنون بالله ورسوله وتجاهدون في سبيل الله بأموالكم وأنفسكم ذلكم خير لكم إن كنتم تعلمون يغفر لكم ذنوبكم ويدخلكم جنات تجري من تحتها الأنهار ومساكن طيبة في جنات عدن ذلك الفوز العظيم ) [ الصف : 10 ] وأخبر أنهم إن فعلوا ذلك أعطاهم ما يحبون من النصر والفتح القريب، فقال: ( وأخرى تحبونها ) [ الصف : 13 ] أي: ولكم خصلة أخرى تحبونها في الجهاد، وهي: ( نصر من الله وفتح قريب ) وأخبر سبحانه أنه: ( اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة ) [ التوبة : 111 ] وأعاضهم عليها الجنة، وأن هذا العقد والوعد قد أودعه أفضل كتبه المنزلة من السماء، وهي التوراة والإنجيل والقرآن، ثم أكد ذلك بإعلامهم أنه لا أحد أوفى بعهده منه تبارك وتعالى، ثم أكد ذلك بأن أمرهم بأن يستبشروا ببيعهم الذي عاقدوه عليه، ثم أعلمهم أن ذلك هو الفوز العظيم.
فليتأمل العاقد مع ربه عقد هذا التبايع، ما أعظم خطره وأجله، فإن الله عز وجل هو المشتري، والثمن جنات النعيم والفوز برضاه، والتمتع برؤيته هناك. والذي جرى على يده هذا العقد أشرف رسله وأكرمهم عليه من الملائكة والبشر. وإن سلعة هذا شأنها لقد هيئت لأمر عظيم وخطب جسيم:
قد هيئوك لأمر لو فطنت له   ...   فاربأ بنفسك أن ترعى مع الهمل
مهر المحبة والجنة بذل النفس والمال لمالكهما الذي اشتراهما من المؤمنين، فما للجبان المعرض المفلس وسوم هذه السلعة، بالله ما هزلت فيستامها المفلسون، ولا كسدت فيبيعها بالنسيئة المعسرون، لقد أقيمت للعرض في سوق من يريد، فلم يرض ربها لها بثمن دون بذل النفوس، فتأخر البطالون، وقام المحبون ينتظرون أيهم يصلح أن يكون نفسه الثمن، فدارت السلعة بينهم ووقعت في يد: ( أذلة على المؤمنين أعزة على الكافرين ) [ المائدة : 54 ].
لما كثر المدعون للمحبة طولبوا بإقامة البينة على صحة الدعوى، فلو يعطى الناس بدعواهم لادعى الخلي حُرقَة الشجي، فتنوع المدعون في الشهود، فقيل: لا تثبت هذه الدعوى إلا ببينة ( قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله ) [ آل عمران : 31 ] فتأخر الخلق كلهم، وثبت أتباع الرسول في أفعاله وأقواله وهديه وأخلاقه، فطولبوا بعدالة البينة، وقيل: لا تقبل العدالة إلا بتزكية ( يجاهدون في سبيل الله ولا يخافون لومة لائم ) [ المائدة : 54 ] فتأخر أكثر المدعين للمحبة، وقام المجاهدون فقيل لهم: إن نفوس المحبين وأموالهم ليست لهم, فسلموا ما وقع عليه العقد فإن ( الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة ) وعقد التبايع يوجب التسليم من الجانبين، فلما رأى التجار عظمة المشتري وقدر الثمن وجلالة قدر من جرى عقد التبايع على يديه ومقدار الكتاب الذي أثبت فيه هذا العقد عرفوا أن للسلعة قدرًا وشأنا ليس لغيرها من السلع، فرأوا من الخسران البين والغبن الفاحش أن يبيعوها بثمن بخس دراهم معدودة تذهب لذتها وشهوتها وتبقى تبعتها وحسرتها، فإن فاعل ذلك معدود في جملة السفهاء، فعقدوا مع المشتري بيعة الرضوان رضى واختيارا من غير ثبوت خيار، وقالوا: والله لا نقيلك ولا نستقيلك، فلما تم العقد وسلموا المبيع قيل لهم: قد صارت أنفسكم وأموالكم لنا، والآن فقد رددناها عليكم أوفر ما كانت وأضعاف أموالكم معها ( ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا بل أحياء عند ربهم يرزقون ) [ آل عمران : 169 ] لم نبتع منكم نفوسكم وأموالكم طلبا للربح عليكم، بل ليظهر أثر الجود والكرم في قبول المعيب والإعطاء عليه أجل الأثمان، ثم جمعنا لكم بين الثمن والمثمن.
وتأمل قصة جابر بن عبد الله رضي الله عنهما, وقد اشترى منه صلى الله عليه وسلم بعيره، ثم وفاه الثمن وزاده، ورد عليه البعير، وكان أبوه قد قتل مع النبي صلى الله عليه وسلم في وقعة أحد، فذكّره بهذا الفعل حال أبيه مع الله، وأخبره ( أن الله أحياه ، وكلمه كفاحا ، وقال : يا عبدي تَمَنَّ عليَّ ) فسبحان من عظم جوده وكرمه أن يحيط به علم الخلائق، فقد أعطى السلعة، وأعطى الثمن، ووفق لتكميل العقد، وقبل المبيع على عيبه، وأعاض عليه أجلّ الأثمان، واشترى عبده من نفسه بماله، وجمع له بين الثمن والمثمن، وأثنى عليه ومدحه بهذا العقد، وهو سبحانه الذي وفقه له وشاءه منه.
فحيهلا إن كنت ذا همة فقد     حدا بك حادي الشوق فاطو المراحلا
وقل لمنادي حبهم ورضاهم     إذا ما دعا لبيك ألفا كواملا
ولا تنظر الأطلال من دونهم فإن     نظرت إلى الأطلال عدن حوائلا
ولا تنتظر بالسير رفقة قاعد     ودعه فإن الشوق يكفيك حاملا
وخذ منهم زادا إليهم وسر على     طريق الهدى والحب تصبح واصلا
وأحي بذكراهم سُرَاكَ إذا دنت     ركابك فالذكرى تعيدك عاملا
وإما تخافن الكلال فقل لها     أمامك ورد الوصل فابغي المناهلا
وخذ قبسا من نورهم ثم سر به     فنورهم يهديك ليس المشاعلا
وحي على وادي الأراك فقل به     عساك تراهم ثم إن كنت قائلا
وإلا ففي نعمان عندي معرف الـ     أحبة فاطلبهم إذا كنت سائلا
وإلا ففي جمع بليلته فإن     تفت فمنى يا ويح من كان غافلا
وحي على جنات عدن فإنها     منازلك الأولى بها كنت نازلا
ولكن سباك الكاشحون لأجل ذا     وقفت على الأطلال تبكي المنازلا
وحي على يوم المزيد بجنة الـ     خلود فجد بالنفس إن كنت باذلا
فدعها رسوما دارسات فما بها     مقيل وجاوزها فليست منازلا
رسوما عفت ينتابها الخلق كم بها     قتيل وكم فيها لذا الخلق قاتلا
وخذ يمنة عنها على المنهج الذي     عليه سرى وفد الأحبة آهلا
وقل ساعدي يا نفس بالصبر ساعة     فعند اللقا ذا الكد يصبح زائلا
فما هي إلا ساعة ثم تنقضي     ويصبح ذو الأحزان فرحان جاذلا
لقد حرك الداعي إلى الله وإلى دار السلام النفوس الأبية، والهمم العالية, وأسمع منادي الإيمان من كانت له أذن واعية، وأسمع الله من كان حيا، فهزه السماع إلى منازل الأبرار، وحدا به في طريق سيره، فما حطت به رحاله إلا بدار القرار فقال: ( انتدب الله لمن خرج في سبيله لا يخرجه إلا إيمان بي وتصديق برسلي أن أرجعه بما نال من أجر أو غنيمة أو أدخله الجنة، ولولا أن أشق على أمتي ما قعدت خلف سرية، ولوددت أني أقتل في سبيل الله, ثم أحيا ثم أقتل, ثم أحيا ثم أقتل ).
وقال: ( مثل المجاهد في سبيل الله كمثل الصائم القائم القانت بآيات الله لا يفتر من صيام ولا صلاة حتى يرجع المجاهد في سبيل الله، وتوكل الله للمجاهد في سبيله بأن يتوفاه أن يدخله الجنة، أو يرجعه سالما مع أجر أو غنيمة ).
وقال فيما يروي عن ربه تبارك وتعالى: ( أيما عبد من عبادي خرج مجاهدا في سبيلي ابتغاء مرضاتي، ضمنت له أن أرجعه إن أرجعته بما أصاب من أجر أو غنيمة، وإن قبضته أن أغفر له وأرحمه وأدخله الجنة )
وقال: ( من قاتل في سبيل الله من رجل مسلم فواق ناقة، وجبت له الجنة ). وقال: إن في الجنة مئة درجة أعدها الله للمجاهدين في سبيل الله ما بين كل درجتين كما بين السماء والأرض، فإذا سألتم الله فاسألوه الفردوس، فإنه أوسط الجنة وأعلى الجنة، وفوقه عرش الرحمن، ومنه تفجر أنهار الجنة).
وقال لأبي سعيد: ( من رضي بالله ربًّا، وبالإسلام دينا، وبمحمد رسولا، وجبت له الجنة ) فعجب لها أبو سعيد فقال: أعِدها علي يا رسول الله، ففعل، ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( وأخرى يرفع الله بها العبد مئة درجة في الجنة ما بين كل درجتين كما بين السماء والأرض ) قال: وما هي يا رسول الله؟ قال: ( الجهاد في سبيل الله ).
وقال: ( من اغبرت قدماه في سبيل الله حرمه الله على النار ) وقال: ( لا يجتمع شح وإيمان في قلب رجل واحد، ولا يجتمع غبار في سبيل الله ودخان جهنم في وجه عبد ).
وقال: ( مقام أحدكم في سبيل الله خير من عبادة أحدكم في أهله ستين سنة، أما تحبون أن يغفر الله لكم وتدخلون الجنة؟ جاهدوا في سبيل الله، من قاتل في سبيل الله فواق ناقة؛ وجبت له الجنة ).
وقال لرجل حرس المسلمين ليلة في سفرهم من أولها إلى الصباح على ظهر فرسه لم ينزل إلا لصلاة أو قضاء حاجة: ( قد أوجبت فلا عليك ألا تعمل بعدها ) وقال: ( من بلغ بسهم في سبيل الله ، فله درجة في الجنة ).
وقال: ( إن الله يدخل بالسهم الواحد الجنة: صانعه يحتسب في صنعته الخير، والممد به، والرامي به. وارموا واركبوا، وأن ترموا أحب إلي من أن تركبوا، وكل شيء يلهو به الرجل فباطل إلا رميه بقوسه، أو تأديبه فرسه، وملاعبته امرأته، ومن علمه الله الرمي فتركه رغبة عنه، فنعمة كفرها) رواه أحمد وأهل السنن وعند ابن ماجه ( من تعلم الرمي ثم تركه ، فقد عصاني ) وقال: ( من مات ولم يغز ولم يحدث به نفسه، مات على شعبة من نفاق ) وذكر أبو داود عنه: ( من لم يغز، أو يجهز غازيا، أو يخلف غازيا في أهله بخير؛ أصابه الله بقارعة قبل يوم القيامة ).
وقال: ( إذا ضن الناس بالدينار والدرهم، وتبايعوا بالعينة، واتبعوا أذناب البقر، وتركوا الجهاد في سبيل الله، أنزل الله بهم بلاء، فلم يرفعه عنهم حتى يراجعوا دينهم )
وقال تعالى: ( ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة ) [ البقرة : 195 ] ، وفسر أبو أيوب الأنصاري الإلقاء باليد إلى التهلكة بترك الجهاد، وصح عنه صلى الله عليه وسلم: ( إن أبواب الجنة تحت ظلال السيوف ).
وصح عنه : ( من قاتل لتكون كلمة الله هي العليا ، فهو في سبيل الله ) وصح عنه : ( أن من جاهد يبتغي عرض الدنيا ، فلا أجر له ) وصح عنه أنه قال لعبد الله بن عمرو: ( إن قاتلت صابرا محتسبا، بعثك الله صابرا محتسبا، وإن قاتلت مرائيا مكاثرا، بعثك الله مرائيا مكاثرا، يا عبد الله بن عمرو على أي وجه قاتلت أو قتلت، بعثك الله على تلك الحال ).
اللهم يا حي يا قيوم يا ذا الجلال والإكرام نسألك الشهادة في سبيلك مقبلين غير مدبرين, ومخلصين غير مخلطين, ومستنّين غير مبدلين, إله الحق آمين, وصل اللهم وسلم وبارك على عبدك ورسولك محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
إبراهيم الدميجي
1/ شعبان/ 1435

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق