الإسلام دين العدل والإحسان
س: ما موقف الإسلام من الإرهاب والتطرف، وتدمير المنازل والمنشآت وقتل الأبرياء وترويع الآمنين، والإضرار بمصالح الأمة؟ وهل هذا العمل خدمة للإسلام أم هو خدمة لأعداء الأمة وتنفيذ لمخططاتهم؟
ج: الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد صلى الله عليه وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فإن ما يقوم به الخوارج المفسدون من سفك الدماء وقتل للأبرياء، وهتك للحرمات وتدمير للمنشآت، ليس من الإسلام في شيء، والإسلام منه بريء، ويحاربه أشد المحاربة، ويدينه أعظم الإدانة.
الإسلام دين السماحة والرحمة، فرحمة الله وسعت كل شيء، ونبينا محمد صلى الله عليه وسلم أرسله الله رحمة للعالمين، قال الله تعالى: )وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ ( ([1]) .
الإسلام دين العدل والوفاء والإحسان، قال تعالى: )وَأَوْفُوا بِالْعَهْدِ إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْئُولًا ( ([2]) وقال سبحانه: )وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلَّا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى ( ([3]) وقال جل شأنه: )إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ ( ([4]) .
ومن أشنع الخطايا والآثام، التي حذر منها الإسلام، سفك الدم الحرام، حتى إنه جعل قتل النفس الواحدة بغير حق بمثابة قتل الناس جميعًا، قال تعالى: )مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ كَتَبْنَا عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنَّهُ مَنْ قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا ( ([5]) .
فهؤلاء المجرمون خرجوا عن طاعة ولي أمر المسلمين، وسفكوا دماء بريئة معصومة، من مسلمين ومستأمنين ومعاهدين، فعصوا الله ورسوله صلى الله عليه وسلم وظلموا وخانوا وغدروا باسم الجهاد الإسلامي، فألصقوا بالجهاد ما ليس منه.
وقد نهى الإسلام عن ترويع المسلمين وإخافتهم بأي وسيلة من الوسائل فضلاً عن سفك دمائهم، يقول النبي رسول الله صلى الله عليه وسلم )لا يحل لمسلم أن يروع مسلمًا( ([6]) .
وقال صلى الله عليه وسلم )من حمل علينا السلاح فليس منا( أخرجه البخاري ومسلم ([7]) .
وكل من أقدموا على قتل المعاهدين والمستأمنين فهم في ميزان الإسلام مجرمون لا محاربون، وسفاكون لا مجاهدون، ففي صحيح البخاري أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: )من قتل معاهدًا لم يرح رائحة الجنة( أخرجه البخاري ([8]) .
كما حذر الإسلام من إثارة الفتنة، وحكم من فعل ذلك بعقاب شديد في الدنيا وهو القتل، فقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه أمر بقتل من سعى لتفريق الأمة وتمزيقها بالفتن حيث قال: )من أتاكم وأمركم جميع على رجل واحد، يريد أن يشق عصاكم، أو يفرق جماعتكم فاقتلوه( أخرجه مسلم ([9]) .
فيتبين مما سبق أن دين الإسلام ليس بدين إرهاب ولا عنف، إنما هو دين اليسر والسهولة والرحمة والعدل، وما قامت به الفئة الخارجة ليس خدمة للإسلام، بل هو خدمة لأعداء الإسلام، فإن المتأمل في آثار تصرفات أولئك المفسدين الهوجاء، ليستيقن أنهم خدموا أعداء الدين، حيث استغل الأعداء هذه التصرفات في الطعن في الإسلام وتنفير الناس منه وتغلغل في بعض ديار المسلمين فعاثوا فيها فسادًا وتطاولوا على المسلمين بألسنتهم وأسلحتهم وإعلامهم وأقلامهم.
فالواجب على جميع المسلمين الحذر منهم، وعدم التعاون معهم، فإن التعاون معهم كبيرة من كبائر الذنوب، ففي صحيح مسلم عن علي رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: )لعن الله من آوى محدثًا( ([10]) .
أسأل الله العلي القدير أن يقمع فتنة هؤلاء الخوارج، وأن يمكن منهم، وأن يمن سبحانه على بلادنا المباركة بالأمن والأمان وعلى سائر بلاد المسلمين، وأن يوفق ولاة أمرنا لكل خير، وعلى رأسهم خادم الحرمين الشريفين، وولي عهده الأمين، وأن ينصر بهم الدين، وأن يوفقهم لما فيه صلاح العباد والبلاد، إنه سميع الدعاء، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين ([11]) .
[1] – سورة الأنبياء الآية (107).رابط الموضوع : http://www.assakina.com/fatwa/fatwa2/4834.html#ixzz2vkKGxzbX
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق