الأربعاء، 12 مارس 2014

غمط الناس.. لابن القيم رحمه الله

غمط الناس.. لابن القيم رحمه الله


قال ابن القيم : في كتابه " مفتاح دار السعادة " :اللهم فعياذاً ممن قصر في العلم والدين باعه ، وطال في الجهل وأذى عبادك ذراعه ، فهو لجهله يرى الإحسان إساءة ، والسنة بدعة ، والعُرْف نُكْرا ، ولظلمه يجزي بالحسنة سيئة كاملة ، وبالسيئة الواحدة عشرا ، قد اتخذ بطر الحق وغمط الناس سُلَّما إلى ما يحبه من الباطل ويرضاه ، ولايعرف من المعروف ، ولا ينكر من المنكر؛إلا ما وافق إرادته ، أو حالف هواه ، يستطيل على أولياء الرسول وحزبه بأصغريه ، ويجالس أهل الغي والجهالة ، قد ارتوى من ماءٍ آجن ، وتضلع ، واستشرف إلى مراتب ورثة الأنبياء ، وتطلع ، يركض في ميدان جهله مع الجاهلين ، ويبرز عليهم بالجهالة،فيظن أنه من السابقين ، وهو عند الله ورسوله والمؤمنين عن تلك الوراثة النبوية بمعزل ، وإذا أنزل الورثة منازلهم؛فمنـزلته منها أقصى وأبعد منـزل .

نزلوا بمكة في قبائل هاشمٍ … ونزلت بالبيداء أبعد منـزل

وعياذاً بك ممن جعل الملامة بضاعته ، والعذل نصيحته ، فهو دائماً يُبْدي في الملامة ويُعيد ، ويكرر على العذل فلا يفيد ولا يستفيد .
بل عياذاً بك من عدو في صورة ناصح ، وولي في مسلاخ بعيد كاشح ، يجعل عدوانه وأذاه حذراً وإشفاقاً ، وتنفيره وتخذيله إسعافاً وإرفاقاً ، وإذا كانت العين لا تكاد إلا على هؤلاء تفتح ، والميزان بهم يخف ولا يرجح ؛فما أحرى اللبيب بأن لا يعيرهم من قلبه جزءا من الالتفات ، ويسافر في طريق مقصده بينهم ؛ سفره إلى الأحياء بين الأموات

وما أحسن ما قال القائل :
وفي الجهل قبل الموت موتٌ لأهله … وأجسامهم قبل القبور قبور
وأرواحهم في وحشة من جسومهم … وليس لهم حتى النشور نشور

اللهم فلك الحمد ، وإليك المشتكى ، وأنت المستعان ، وبك المستغاث،وعليك التكلان ، ولا حول ولا قوة إلا بك ، وأنت حسبنا ونعم الوكيل ".

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق