الأربعاء، 12 مارس 2014

حكم الاستعانة بغير المسلمين

حكم الاستعانة بغير المسلمين

أما ما يتعلق بالاستعانة بغير المسلمين فهذا حكمه معروف عند أهل العلم والأدلة فيه كثيرة والصواب ما تضمنه قرار هيئة كبار العلماء في المملكة العربية السعودية أنه يجوز الاستعانة بغير المسلمين للضرورة إذا دعت إلى ذلك لرد العدو الغاشم والقضاء عليه وحماية البلاد من شر إذا كانت القوة المسلمة لا تكفي لردعه جاز الاستعانة بمن يظن فيهم أنهم يعينون ويساعدون على كف شره وردع عدوانه سواء كان المستعان به يهوديا أو نصرانيا أو وثنيا أو غير ذلك إذا رأت الدولة الإسلامية أن عنده نجدة ومساعدة لصد عدوان العدو المشترك .
وقد وقع من النبي صلى الله عليه وسلم هذا وهذا في مكة استعان بمطعم بن عدي لما رجع من الطائف وخاف من أهل مكة بعد موت عمه أبي طالب فاستجار بغيره فلم يستجيبوا فاستجار بالمطعم وهو من كبارهم في الكفر وحماه لما دعت الضرورة إلى ذلك وكان يعرض نفسه عليه الصلاة والسلام على المشركين في منازلهم في منى يطلب منهم أن يجيروه حتى يبلغ رسالة ربه عليه الصلاة والسلام على تنوع كفرهم واستعان بعبد الله بن أريقط في سفره وهجرته إلى المدينة – وهو كافر – لما عرف أنه صالح لهذا الشيء وأن لا خطر منه في الدلالة وقال يوم بدر لا أستعين بمشرك ولم يقل لا تستعينوا بل قال : لا أستعين لأنه ذلك الوقت غير محتاج لهم والحمد لله معه جماعة مسلمون وكان ذلك من أسباب هداية الذي رده حتى أسلم .
وفي يوم الفتح استعان بدروع من صفوان بن أمية وكان على دين قومه فقال : أغصبا يا محمد فقال : لا ولكن عارية مضمونة 
واستعان باليهود في خيبر لما شغل المسلمون عن الحرث بالجهاد وتعاقد معهم على النصف في خيبر حتى يقوموا على نخيلها وزروعها بالنصف للمسلمين والنصف لهم وهم يهود لما رأى المصلحة في ذلك . فاستعان بهم لذلك وأقرهم في خيبر حتى تفرغ المسلمون لأموالهم في خيبر في عهد عمر فأجلاهم عمر رضي الله عنه .
ثم القاعدة المعروفة يقول الله جل وعلا : (وَقَدْ فَصَّلَ لَكُمْ مَا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ إِلا مَا اضْطُرِرْتُمْ إِلَيْهِ) والمسلمون إذا اضطروا لعدو شره دون العدو الآخر وأمكن الاستعانة به على عدو آخر أشر منه فلا بأس .
ومعلوم أن الملاحدة والبعثيين وأشباههم أشر من اليهود والنصارى ، والملاحدة كلهم أشر من أهل الكتاب وشرهم أعظم فالاستعانة العارضة بطوائف من المشركين لصد عدوان العدو الأشر والأخبث لدفع عدوانه والقضاء عليه وحماية المسلمين من شره أمر جائز شرعا حسب الأدلة والقواعد الشرعية أما ما جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم في الفتن والقعود عنها فمعروف عند أهل العلم وتفصيل ذلك فيما يلي :
يقول النبي صلى الله عليه وسلم : «إنها ستكون فتن القاعد فيها خير من القائم والقائم خير من الماشي والماشي خير من الساعي من يستشرف لها تستشرفه فمن استطاع أن يعوذ بملجأ أو معاذ فليفعل» هذه الفتنة هي الفتن التي لا يظهر وجهها ولا يعلم طريق الحق فيها بل هي ملتبسة فهذه يجتنبها المؤمن ويبتعد عنها بأي ملجأ ومن هذا الباب قوله صلى الله عليه وسلم : «يوشك أن يكون خير مال المرء المسلم غنم يتبع بها شعف الجبال ومواقع القطر يفر بدينه من الفتن» أخرجه البخاري في الصحيح
ومن هذا قوله صلى الله عليه وسلم لما سئل : «أي الناس أفضل ؟ قال مؤمن مجاهد في سبيل الله قيل ثم ؟ قال مؤمن في شعب من الشعاب يعبد الله ويدع الناس من شره» فالمقصود أن هذا عند خفاء الأمور وعند خوف المؤمن على نفسه يجتنبها أما إذا ظهر له الظالم من المظلوم والمبطل من المحق فالواجب أن يكون مع المحق ومع المظلوم ضد الظالم وضد المبطل كما قال صلى الله عليه وسلم «انصر أخاك ظالما أو مظلوما قيل يا رسول الله كيف أنصره ظالما ؟ قال تحجزه عن الظلم فذلك نصره» أي منعه من الظلم هو النصر .
ولما وقعت الفتنة في عهد الصحابة رضي الله عنهم اشتبهت على بعض الناس وتأخر عن المشاركة فيها بعض الصحابة من أجل أحاديث الفتن كسعد ابن أبي وقاص ومحمد بن مسلمة وجماعة رضي الله عنهم ولكن فقهاء الصحابة الذين كان لهم من العلم ما هو أكمل قاتلوا مع علي . لأنه أولى الطائفتين بالحق وناصروه ضد الخوارج وضد البغاة الذين هم من أهل الشام لما عرفوا الحق وأن عليا مظلوم وأن الواجب أن ينصر وأنه هو الإمام الذي يجب أن يتبع وأن معاوية ومن معه بغوا عليه بشبهة قتل عثمان .
والله جل وعلا يقول في كتابه العظيم : ( وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي) ما قال فاعتزلوا قال : (فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ فَإِنْ فَاءَتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ) فإذا عرف الظالم وجب أن يساعد المظلوم لقوله سبحانه : (فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّه) والباغون في عهد الصحابة معاوية وأصحابه والمعتدلة علي وأصحابه فبهذا نصرهم أعيان الصحابة نصروا عليا وصاروا معه كما هو معلوم .
وقال في هذا المعنى صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح في قصة الخوارج : «تمرق مارقة عند فرقة من المسلمين تقتلهم أولى الطائفتين بالحق» فقتلهم علي وأصحابه وهم أولى الطائفتين بالحق . وقال صلى الله عليه وسلم في حديث عمار : «تقتل عمارا الفئة الباغية» فقتله معاوية وأصحابه في وقعة صفين . فمعاوية وأصحابه بغاة لكن مجتهدون ظنوا أنهم مصيبون في المطالبة بدم عثمان كما ظن طلحة والزبير يوم الجمل ومعهم عائشة رضي الله عنها لكن لم يصيبوا فلهم أجر الاجتهاد وفاتهم أجر الصواب .
وعلي له أجر الاجتهاد وأجر الصواب جميعا وهذه هي القاعدة الشرعية في حق المجتهدين من أهل العلم أن من اجتهد في طلب الحق ونظر في أدلته من قاض أو مصلح أو محارب فله أجران إن أصاب الحق وأجر واحد إن أخطأ الحق أجر الاجتهاد كما قال صلى الله عليه وسلم : «إذا حكم الحاكم فاجتهد فأصاب فله أجران وإذا حكم فاجتهد وأخطأ فله أجر» متفق على صحته فكل فتنة تقع على يد أي إنسان من المسلمين أو من المبتدعة أو من الكفار ينظر فيها فيكون المؤمن مع المحق ومع المظلوم ضد الظالم وضد المبطل وبهذا ينصر الحق وتستقيم أمور المسلمين وبذلك يرتدع الظالم عن ظلمه ويعلم طالب الحق أن الواجب التعاون على البر والتقوى وعدم التعاون على الإثم والعدوان عملا بقول الله سبحانه : (وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ) فقتال الباغي وقتال الكافر الذي قام ضد المسلمين وقتال من يتعدى على المسلمين لظلمه وكفره حق وبر ونصر للمظلوم وردع للظالم فقتال المسلمين لصدام وأشباهه من البر ومن الهدى ويجب أن يبذلوا كل ما يستطيعونه في قتاله وأن يستعينوا بأي جهة يرون أنها تنفع وتعين في ردع الظالم وكبح جماحه والقضاء عليه وتخليص المسلمين من شره ولا يجوز للمسلمين أيضا أن يتخلوا عن المظلومين ويدعوهم للظالم يلعب بهم بأي وجه من الوجوه بل يجب أن يردع الظالم وأن ينصر المظلوم في القليل والكثير .
فالواجب على جميع المسلمين أن يتفقهوا في الدين وأن يكونوا على بصيرة فيما يأتون وفيما يذرون وأن يحكموا كتاب الله العظيم وسنة نبيه الكريم في كل شيء وأن يدرسوهما دراسة الطالب للحق المريد وجه الله والدار الآخرة الذي يريد أن ينفذ حكم الله في عباد الله وأن يحذروا الهوى فإن الهوى يهوي بأهله إلى النار قال تعالى : (وَلا تَتَّبِعِ الْهَوَى فَيُضِلَّكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ) وقال جل وعلا : ( فَإِنْ لَمْ يَسْتَجِيبُوا لَكَ فَاعْلَمْ أَنَّمَا يَتَّبِعُونَ أَهْوَاءَهُمْ وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنَ اتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدًى مِنَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ)
وما يظن العاقل ذو البصيرة لو أن صداما ترك له المجال فعاث في الجزيرة فسادا وساعده من مالأهم على المساعدة من الجنوب والشمال على باطله ماذا يترتب على ذلك من الكوارث العظيمة والفساد الكبير والشر الكثير لو تمكن من تنفيذ خططه الخبيثة ولكن من نصر الله جل وعلا ورحمته وفضله وإحسانه أن تنبه ولاة الأمور في المملكة العربية السعودية لخبثه وشره وما انطوى عليه من الباطل وما أسسه من الشر والفساد فاستعانوا بالقوات المتعددة الجنسيات على حربه والدفاع عن الدين والبلاد حتى أبطل الله كيده وصده عن نيل ما أراد .
ونسأل الله أن يحسن العاقبة وأن يكفينا شره وشر غيره وأن ينصر جيوشنا الإسلامية ومن ساعدهم على حاكم العراق حتى ينزع من ظلمه ويسحب جيشه من الكويت ويوقف عند حده كما نسأله سبحانه أن يوفق جيوشنا جميعا للفقه في الدين وأن يكفينا شر ذنوبنا وشر تقصيرنا وأن يكفينا شر جميع الكفرة من جميع الأجناس وأن يردهم إلى بلادهم ونحن سالمون من شرهم وأن يهدي منهم من سبقت له السعادة إلى الإسلام وأن ينقذهم مما هم فيه من الكفر نسأل الله أن يهديهم جميعا وأن يردهم إلى الحق والهدى وأن يكفينا شرهم جميعا من بعثيين ونصارى وغيرهم نسأل الله أن يهديهم للإسلام ويكفينا شرهم ويبعد من بقي على الكفر منهم إلى بلاده بعد سلامة المسلمين وبعد القضاء على عدو الله حاكم العراق وجيشه المساعد له وأن يختار للعراق رجلا صالحا يحكم فيهم شرع الله .
كما نسأله أن يولي على جميع المسلمين من يحكم فيهم شرع الله ويقودهم بكتاب الله وسنة رسوله عليه الصلاة والسلام وأن يكفي المسلمين شر ولاتهم الذين يخالفون شرع الله وأن يصلح ولاة المسلمين وقادتهم ويهديهم صراطه المستقيم وأن يولي على المسلمين جميعا في كل مكان خيارهم وأن يصلح أحوالهم في كل مكان وأن يكفيهم شر الأعداء أينما كانوا وأن يبطل كيد الأعداء ويكفينا شرهم وأن يكفينا شر ذنوبنا جميعا وأن يمن علينا بالتوبة النصوح وأن يجعل ما نزل بالكويت وما حصل من المحنة العظيمة والفتنة الكبيرة هذه الأيام موعظة للجميع وسببا لعلاج الجميع ويقظتهم وأن يوفق حكومتنا لكل خير وأن يعينها على طاعة الله ورسوله وعلى إعداد الجيش الكافي الذي يغنيها عن جميع أعداء الله ونسأل الله أن يهدي جيراننا جميعا للتمسك بكتاب الله وأن يجمعهم على الحق والهدى وأن يعينهم على طاعة الله ورسوله وأن يعيذهم من مَنْ بينهم من الأعداء والمنافقين المحاربين لله ورسوله الذين يدعون إلى ضد كتاب الله وإلى ضد سنة رسوله عليه الصلاة والسلام .
نسأل الله أن يبطل كيد أعداء الله ويفرق شملهم ويوفق دعاة الحق لما فيه رضاه وأن يصلح أحوال المسلمين جميعا في كل مكان وأن يجمع كلمتنا جميعا معشر المسلمين على الحق والهدى أينما كنا وأن يكفينا شر أعدائنا أينما كانوا إنه جواد كريم وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وأصحابه وأتباعه بإحسان.


رابط الموضوع : http://www.assakina.com/taseel/3177.html#ixzz2vjdnlu1L

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق