مسائل الأسماء والأحكام
الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده؛ وبعد:
فإن الشريعة الإسلامية لم تترك شيئا من مصالح الخلق إلا ودلت عليه نصاً أو تلميحاً؛ وكذلك لم تترك مفسدة للناس إلا ونهت عنه نصاً أو تلميحاً وحذرت منه.
ومن المصالح التي جاءت بها أمرها بالاجتماع على الدين والاعتصام به؛ والنهي عن الفرقة والاختلاف في الدين.
وكان من عوامل الوحدة التي جاءت بها الشريعة أن جاءت بأسماء لم تكن معهودة من قبل وجعلتها هي المعوَّل عليها في إطلاق الأحكام والأوصاف الشرعية كالإيمان والفسق والكفر والصلاة والزكاة والصيام ونحوها من الأسماء الشرعية.
فلم تترك للناس حرية إطلاق الأسماء وبناء الأحكام عليها؛ لكون ذلك مما لا ينضبط ولا يدخل تحت الحصر؛ لاختلاف أهواء الناس ومشاربهم.
ولذلك تأتي أهمية معرفة هذه الأسماء الشرعية وحدودها لما يترتب عليه من الأحكام الدنيوية والأخروية.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله ( ومعرفة حدود الأسماء واجبة ، لاسيما حدود ما أنزل الله على رسوله ) ، الفتاوى 20/37.
وقال رحمه الله أيضاً:
إذَا تَبَيَّنَ ذَلِكَ فَاعْلَمْ أَنَّ ” مَسَائِلَ التَّكْفِيرِ وَالتَّفْسِيقِ ” هِيَ مِنْ مَسَائِلِ ” الْأَسْمَاءِ وَالْأَحْكَامِ ” الَّتِي يَتَعَلَّقُ بِهَا الْوَعْدُ وَالْوَعِيدُ فِي الدَّارِ الْآخِرَةِ وَتَتَعَلَّقُ بِهَا الْمُوَالَاةُ وَالْمُعَادَاةُ وَالْقَتْلُ وَالْعِصْمَةُ وَغَيْرُ ذَلِكَ فِي الدَّارِ الدُّنْيَا ؛ فَإِنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ أَوْجَبَ الْجَنَّةَ لِلْمُؤْمِنِينَ وَحَرَّمَ الْجَنَّةَ عَلَى الْكَافِرِينَ وَهَذَا مِنْ الْأَحْكَامِ الْكُلِّيَّةِ فِي كُلِّ وَقْتٍ وَمَكَانٍ. مجموع الفتاوى (12 / 468)
وقال الحافظ ابن رجب: وهذه المسائل: أعني مسائل الأسماء والإيمان، والكفر والنفاق، مسائل عظيمة جداً؛ فإن الله عز وجل علَّق بهذه الأسماء السعادة والشقاوة واستحقاق الجنة والنار.
والاختلاف في مسمياتها أول اختلاف وقع في هذه الأمة، وهو خلاف الخوارج للصحابة، حيث أخرج الخوارج عصاة الموحدين من الإسلام بالكلية، وأدخلوهم في دائرة الكفر، وعاملوهم معاملة الكفار، واستحلوا بذلك دماء المسلمين وأقوالهم.
ثم حدث بعدهم خلاف المعتزلة وقولهم بالمنزلة بين المنزلتين.
ثم حدث خلاف المرجئة وقولهم: إن الفاسق مؤمن كامل الإيمان.
وقد صنف العلماء قديماً وحديثاً في هذه المسائل تصانيف متعددة.
قال الشيخ عبد اللطيف رحمه الله في منهاج التأسيس ص12 (وكم هلك بسبب قصور العلم وعدم معرفة الحدود والحقائق من أمة وكم وقع بذلك من غلط وريب وغمة مثال ذلك الإسلام والشرك نقيضان لا يجتمعان ولا يرتفعان والجهل بالحقيقتين أو أحدهما أوقع كثيرا من الناس بالشرك وعبادة الصالحين لعدم معرفة الحقائق وتصورها ) اهـ
قال الشيخ عبد الله ابا بطين (ومما يتعين الاعتناء به معرفة حدود ما أنزل الله على رسوله لأن الله سبحانه ذم من لا يعرف حدود ما أنزل الله على رسوله فقال تعالى (الأعراب أشد كفرا ونفاقا وأجدر ألا يعلموا حدود ما أنزل الله على رسوله ) رسالة الانتصار.
فهذه الأسماء الشرعية هي التي يجب عليها الموالاة والمعاداة والحب والبغض؛ وهي التي يبنى عليها الأحكام الدنيوية والأخروية؛ ولذلك تكمن الخطورة فيها من هذه الناحية؛ لأن وصف الشخص بالاسم الشرعي أو نفيه عنه سيترتب عليه أحكام في الدارين؛ ولا يتحمل ذلك إلا أولوا العلم الذين تبحروا في أصول الدين وفروعه.
وقد خاض في هذه الأسماء طوائف من أهل البدع الذين خالفوا منهج أهل السنة فانحرفوا عن جادة الحق والصواب إلى طرق الضلالة والغواية.
وقد بين شيخ الإسلام رحمه الله ما خالف فيه الخوارج الغلاة أهل السنة في هذه المسائل حيث قال في مجموع الفتاوى (3 / 374):
وَهُمْ-أي أهل السنة- فِي ” بَابِ الْأَسْمَاءِ وَالْأَحْكَامِ وَالْوَعْدِ الْوَعِيدِ ” وَسَطٌ بَيْنَ الوعيدية ؛ الَّذِينَ يَجْعَلُونَ أَهْلَ الْكَبَائِرِ مِنْ الْمُسْلِمِينَ مُخَلَّدِينَ فِي النَّارِ وَيُخْرِجُونَهُمْ مِنْ الْإِيمَانِ بِالْكُلِّيَّةِ وَيُكَذِّبُونَ بِشَفَاعَةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ . وَبَيْنَ الْمُرْجِئَةِ الَّذِينَ يَقُولُونَ : إيمَانُ الْفُسَّاقِ مِثْلُ إيمَانِ الْأَنْبِيَاءِ وَالْأَعْمَالُ الصَّالِحَةُ لَيْسَتْ مِنْ الدِّينِ وَالْإِيمَانِ . وَيُكَذِّبُونَ بِالْوَعِيدِ وَالْعِقَابِ بِالْكُلِّيَّةِ .
فَيُؤْمِنُ أَهْلُ السُّنَّةِ وَالْجَمَاعَةِ بِأَنَّ فُسَّاقَ الْمُسْلِمِينَ مَعَهُمْ بَعْضُ الْإِيمَانِ وَأَصْلُهُ وَلَيْسَ مَعَهُمْ جَمِيعُ الْإِيمَانِ الْوَاجِبِ الَّذِي يَسْتَوْجِبُونَ بِهِ الْجَنَّةَ وَأَنَّهُمْ لَا يُخَلَّدُونَ فِي النَّارِ . بَلْ يَخْرُجُ مِنْهَا مَنْ كَانَ فِي قَلْبِهِ مِثْقَالُ حَبَّةٍ مِنْ إيمَانٍ أَوْ مِثْقَالُ خَرْدَلَةٍ مِنْ إيمَانٍ وَأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ادَّخَرَ شَفَاعَتَهُ لِأَهْلِ الْكَبَائِرِ مِنْ أُمَّتِهِ .
فالواجب على من أراد السلامة لدينه أن يتمسك بمنهج أهل السنة في هذه المسائل التي خاض فيها من لا يحسنها فخبط فيها خبط عشواء وزلت قدمه إلى مهاوي الردى والضلال.
فإن الشريعة الإسلامية لم تترك شيئا من مصالح الخلق إلا ودلت عليه نصاً أو تلميحاً؛ وكذلك لم تترك مفسدة للناس إلا ونهت عنه نصاً أو تلميحاً وحذرت منه.
ومن المصالح التي جاءت بها أمرها بالاجتماع على الدين والاعتصام به؛ والنهي عن الفرقة والاختلاف في الدين.
وكان من عوامل الوحدة التي جاءت بها الشريعة أن جاءت بأسماء لم تكن معهودة من قبل وجعلتها هي المعوَّل عليها في إطلاق الأحكام والأوصاف الشرعية كالإيمان والفسق والكفر والصلاة والزكاة والصيام ونحوها من الأسماء الشرعية.
فلم تترك للناس حرية إطلاق الأسماء وبناء الأحكام عليها؛ لكون ذلك مما لا ينضبط ولا يدخل تحت الحصر؛ لاختلاف أهواء الناس ومشاربهم.
ولذلك تأتي أهمية معرفة هذه الأسماء الشرعية وحدودها لما يترتب عليه من الأحكام الدنيوية والأخروية.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله ( ومعرفة حدود الأسماء واجبة ، لاسيما حدود ما أنزل الله على رسوله ) ، الفتاوى 20/37.
وقال رحمه الله أيضاً:
إذَا تَبَيَّنَ ذَلِكَ فَاعْلَمْ أَنَّ ” مَسَائِلَ التَّكْفِيرِ وَالتَّفْسِيقِ ” هِيَ مِنْ مَسَائِلِ ” الْأَسْمَاءِ وَالْأَحْكَامِ ” الَّتِي يَتَعَلَّقُ بِهَا الْوَعْدُ وَالْوَعِيدُ فِي الدَّارِ الْآخِرَةِ وَتَتَعَلَّقُ بِهَا الْمُوَالَاةُ وَالْمُعَادَاةُ وَالْقَتْلُ وَالْعِصْمَةُ وَغَيْرُ ذَلِكَ فِي الدَّارِ الدُّنْيَا ؛ فَإِنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ أَوْجَبَ الْجَنَّةَ لِلْمُؤْمِنِينَ وَحَرَّمَ الْجَنَّةَ عَلَى الْكَافِرِينَ وَهَذَا مِنْ الْأَحْكَامِ الْكُلِّيَّةِ فِي كُلِّ وَقْتٍ وَمَكَانٍ. مجموع الفتاوى (12 / 468)
وقال الحافظ ابن رجب: وهذه المسائل: أعني مسائل الأسماء والإيمان، والكفر والنفاق، مسائل عظيمة جداً؛ فإن الله عز وجل علَّق بهذه الأسماء السعادة والشقاوة واستحقاق الجنة والنار.
والاختلاف في مسمياتها أول اختلاف وقع في هذه الأمة، وهو خلاف الخوارج للصحابة، حيث أخرج الخوارج عصاة الموحدين من الإسلام بالكلية، وأدخلوهم في دائرة الكفر، وعاملوهم معاملة الكفار، واستحلوا بذلك دماء المسلمين وأقوالهم.
ثم حدث بعدهم خلاف المعتزلة وقولهم بالمنزلة بين المنزلتين.
ثم حدث خلاف المرجئة وقولهم: إن الفاسق مؤمن كامل الإيمان.
وقد صنف العلماء قديماً وحديثاً في هذه المسائل تصانيف متعددة.
قال الشيخ عبد اللطيف رحمه الله في منهاج التأسيس ص12 (وكم هلك بسبب قصور العلم وعدم معرفة الحدود والحقائق من أمة وكم وقع بذلك من غلط وريب وغمة مثال ذلك الإسلام والشرك نقيضان لا يجتمعان ولا يرتفعان والجهل بالحقيقتين أو أحدهما أوقع كثيرا من الناس بالشرك وعبادة الصالحين لعدم معرفة الحقائق وتصورها ) اهـ
قال الشيخ عبد الله ابا بطين (ومما يتعين الاعتناء به معرفة حدود ما أنزل الله على رسوله لأن الله سبحانه ذم من لا يعرف حدود ما أنزل الله على رسوله فقال تعالى (الأعراب أشد كفرا ونفاقا وأجدر ألا يعلموا حدود ما أنزل الله على رسوله ) رسالة الانتصار.
فهذه الأسماء الشرعية هي التي يجب عليها الموالاة والمعاداة والحب والبغض؛ وهي التي يبنى عليها الأحكام الدنيوية والأخروية؛ ولذلك تكمن الخطورة فيها من هذه الناحية؛ لأن وصف الشخص بالاسم الشرعي أو نفيه عنه سيترتب عليه أحكام في الدارين؛ ولا يتحمل ذلك إلا أولوا العلم الذين تبحروا في أصول الدين وفروعه.
وقد خاض في هذه الأسماء طوائف من أهل البدع الذين خالفوا منهج أهل السنة فانحرفوا عن جادة الحق والصواب إلى طرق الضلالة والغواية.
وقد بين شيخ الإسلام رحمه الله ما خالف فيه الخوارج الغلاة أهل السنة في هذه المسائل حيث قال في مجموع الفتاوى (3 / 374):
وَهُمْ-أي أهل السنة- فِي ” بَابِ الْأَسْمَاءِ وَالْأَحْكَامِ وَالْوَعْدِ الْوَعِيدِ ” وَسَطٌ بَيْنَ الوعيدية ؛ الَّذِينَ يَجْعَلُونَ أَهْلَ الْكَبَائِرِ مِنْ الْمُسْلِمِينَ مُخَلَّدِينَ فِي النَّارِ وَيُخْرِجُونَهُمْ مِنْ الْإِيمَانِ بِالْكُلِّيَّةِ وَيُكَذِّبُونَ بِشَفَاعَةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ . وَبَيْنَ الْمُرْجِئَةِ الَّذِينَ يَقُولُونَ : إيمَانُ الْفُسَّاقِ مِثْلُ إيمَانِ الْأَنْبِيَاءِ وَالْأَعْمَالُ الصَّالِحَةُ لَيْسَتْ مِنْ الدِّينِ وَالْإِيمَانِ . وَيُكَذِّبُونَ بِالْوَعِيدِ وَالْعِقَابِ بِالْكُلِّيَّةِ .
فَيُؤْمِنُ أَهْلُ السُّنَّةِ وَالْجَمَاعَةِ بِأَنَّ فُسَّاقَ الْمُسْلِمِينَ مَعَهُمْ بَعْضُ الْإِيمَانِ وَأَصْلُهُ وَلَيْسَ مَعَهُمْ جَمِيعُ الْإِيمَانِ الْوَاجِبِ الَّذِي يَسْتَوْجِبُونَ بِهِ الْجَنَّةَ وَأَنَّهُمْ لَا يُخَلَّدُونَ فِي النَّارِ . بَلْ يَخْرُجُ مِنْهَا مَنْ كَانَ فِي قَلْبِهِ مِثْقَالُ حَبَّةٍ مِنْ إيمَانٍ أَوْ مِثْقَالُ خَرْدَلَةٍ مِنْ إيمَانٍ وَأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ادَّخَرَ شَفَاعَتَهُ لِأَهْلِ الْكَبَائِرِ مِنْ أُمَّتِهِ .
فالواجب على من أراد السلامة لدينه أن يتمسك بمنهج أهل السنة في هذه المسائل التي خاض فيها من لا يحسنها فخبط فيها خبط عشواء وزلت قدمه إلى مهاوي الردى والضلال.
رابط الموضوع : http://www.assakina.com/taseel/5571.html#ixzz2vfE4YXie
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق