الرد على شبهة: أن الدعوة السلفية تفرق ولا تجمع، لأنها
فرقت بين الجماعات والفرق والدعوات اليوم
علمنا أن المنهج السلفي يثار الغبار عليه بين الحين والحين من ناحية خصومه ومخالفيه، ولعلنا وقفنا على بعض منها في المقالات السابقة، وما ذلك منهم إلا أنه تنفير للناس من متابعته، وإلا جهل بحقيقته ومنهجه.
ومن ذلك قولهم: أن الدعوة السلفية تفرق ولا تجمع، لأنها فرقت بين الجماعات والفرق والدعوات اليوم، وهذه الشبهة واقعة بين أمرين:
الأول: أن اتباع هذه الدعوة الصافية نعم يفرق، ولكن يفرق بين الحق والباطل، ويفرق ولكن بين أهل الحق وأهل الباطل، ويفرق ولكن بين السنة وأهلها والبدعة وأهلها. يفرق لأنه يميز بين من هو على طريق الحق والإيمان والاتباع، وبين من هو على طريق أهل الزيغ والتفرق والابتداع، يميز بين دعاة السنة وأتباع الكتاب والسنة بمنهج السلف الصالح، وبين دعاة التفرق والتحزب وأتباع الشيوخ والدعاة بتقليد لا تراجع فيه عن خطأ، وهذا بالفعل هو واقع دعوة النبي صلى الله عليه وسلم.
ألم تقل قريش حين بعث رسول الله أنه يفرق بينهم، يفرق بين المرء وأبيه، وبين المرء وأمه، وبين المرء وزوجه، لأنه جاء بالهدى وشريعة الحق، فلا بد إذاً من تمييز الصف المسلم المستقيم، الملازم لمنهج النبوة من غيرهم من الناس..
ولا بد من أن يقف الصف المسلم في خندق واحد، ويقف أهل الباطل والكفر في خندق واحد، حتى يميز الله الخبيث من الطيب. إذاً القول بأن السلفية أو منهج السلف مفرق قول صحيح ولكن بهذا المعنى الذي ذكرته وبينته، بل إن هذا هو حقيقة دعوة الإسلام.
والعجب أن هذه في الأصل ليست بسبة في وجه المنهج السلفي إذ أنه ما من منهج صحيح كان أو غير صحيح إلا ويفرق بين الناس، فهل الكفر والشرك لا يفرق بين الناس؟ وهل الفرق المنحرفة والمبتدعة من الشيعة والخوارج والمعتزلة والصوفية وغيرها لم تفرق بين الناس؟ وهل الأحزاب والسياسات الحزبية والغربية منها لم تفرق بين المسلمين؟
بل وهل الجماعات الإسلامية اليوم لم تقع في كثير من مثل هذا؟ أمر عجب أن يتهم المنهج أو قل أصحابه بأمر قدري كوني واقع لا محالة، لكن علينا أن نفرق بين منهج يبين للناس الحق فيفترق الناس عن الباطل وأهله، وبين مناهج تزج بالناس إلى الهاوية، وما أدراك ما هيه، نار حامية.
الأمر الثاني: القول بأن اتباع السلف ومنهجهم يفرق بين الدعاة والعاملين، وكذلك بين الأمة الإسلامية وبعضها، فهذا القول لا نصيب له من الصحة لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - ما جمع أمته إلا على كل خير، وما نهاهم إلا عن كل ضلالة وشر، فلئن كانت متابعة الصحابة ومن تبعهم من السلف الصالح تفرق، فمعنى هذا أنه منهج مخالف للكتاب والسنة، ومعنى ذلك أيضاً أنهم لم يكونوا على الهدى المستقيم، وهذا ولا ريب وهم وخطأ كبير وفاحش في حقهم.
لأن الثابت من نصوص الوحيين الكتاب والسنة بل وعمل السلف أنفسهم كما بينا من قبل، خلاف ذلك، فهذا عبد الله بن مسعود وابن عمر وابن عباس رضي الله عنهم يشددون كثيراً في مواقف مختلفة على وجوب ملازمة الكتاب والسنة واتباع من وافقهم من الصحابة وغيرهم.
ثم إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أمر باتباعهم وسلوك منهجهم فإنهم على سنته، فمن قال بأن اتباع هذا المنهج يفرق، فقوله مردود عليه، وباطل بالكتاب والسنة وعمل السلف الصالح، وما اجتمعت الأمة طيلة هذه القرون إلا على هذا المنهج.
فدعوتنا لا تفرق بين المسلمين لأنها دعوة تجمع الناس ولكن على الحق، وعلى منهاج الكتاب والسنة وفق منهج وفهم السلف الصالح. ثم إن لم نتبع هذا المنهج المميز اليوم للحق من الضلال، فماذا نتبع إذاً؟ ومن أين نأخذ الطريق والفهم الصحيح لكتاب الله وسنة رسوله في العقيدة والعبادة والسلوك؟
وكيف لنا بالتطبيق الواقعي لهذا المنهج؟ وكيف لا يكون حقاً وقد قامت به خلافة الإسلام؟ هل نأخذ إسلامنا من الفرق المخالفة لأهل السنة كالشيعة والمعتزلة والصوفية والخوارج وغيرهم؟
أم نأخذه من الفرق والجماعات الدعوية المتحزبة منها وغير المتحزبة؟
أم كيف الطريق؟ وأين المنهج؟ ومن نتبع؟
إن القائلين بهذا القول لم يدركوا حقاً حقيقة هذا المنهج، ولم يقفوا على أصوله من الكتاب والسنة، ولم يحكموا إلا أهوائهم وعقولهم، ولم يتحاكموا إلا إليها، وكان يجب عليهم أن يتحاكموا إلى الكتاب والسنة بفهم السلف الصالح الذين كانوا المثال البشري الأرقى إيماناً وعلماً، واتباعاً وفهماً، وتطبيقاً وعملاً: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا ﴾ [النساء: 59]
رابط الموضوع: http://www.alukah.net/Sharia/0/52650/#ixzz2w6m6KPIh
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق