عناية الشريعة بتحصيل المصالح ودفع المفاسد
تحصيل المصالح ودفع المفاسد هو كما يقول الإمام الشاطبي رحمه الله: أصل أصول الشريعة إذ إن الشريعة إنما جاءت لتحصيل مصالح العباد الدينية والدنيوية ودفع المفاسد عنهم وقد ثبت هذا المعني يقينًا من مقاصد الشارع الحكيم في تنزيله وتضافرت عليه الأدلة العقلية والنقلية.
والنظر في المآلات واعتبارها, أصل من أصول الفقه جارٍٍ على مقاصد الشريعة ولاشك أنه لابد لنا من معرفة هذا الأصل لنعرف متى نقدم؟ ومتى نحجم؟ متى نصرّح؟ ومتى نلمَّح؟ وحتى لا نكون عبئًا على الأمة الإسلامية أو ثغرة تؤتى من قبلها!
يقول شيخ الإسلام رحمه الله: ( مررت أنا وبعض أصحابى في زمن التتار بقوم منهم يشربون الخمر فأنكر عليهم من كان معي فأنكرت عليه وقلت له: إنما حرم الله الخمر لأنها تصد عن ذكر الله وعن الصلاة، وهؤلاء يصدهم الخمر عن قتل النفوس وسبي الذرية وأخذ الأموال فدعهم ), هنا يعلمنا الإمام ابن تيمية رحمه الله مراعاة مآلات الأفعال فإن كانت تؤدي إلى مطلوب فهي مطلوبة وإن كانت لا تؤدي إلا إلى شر فهي منهي عنها ويعلمنا أيضًا رحمه الله أن الغاية من إنكار المنكر هي حدوث المعروف، فإذا كان إنكار المنكر يستلزم ما هو أنكر منه فإنه لا يسوغ إنكاره.
ويقرر الإمام الشاطبي رحمه الله نفس الأصل فيقول: “النظر في مآلات الأفعال معتبر مقصود شرعًا كانت الأفعال موافقة أو مخالفة… وهو مجال للمجتهد صعب المورد إلا أنه حلو المذاق، محمود الغب (العاقبة)، جار على مقاصد الشريعة”.
ويقول رحمه الله في موضع آخر بعد أن يقرر أنه ليس كل حق ينشر، يقول: ( فتنبه لهذا المعنى وضابطه أنك تعرض مسألتك على الشريعة فإن صحت في ميزانها فانظر في مآلها بالنسبة إلى حال الزمان وأهله، فإن لم يؤد ذكرها إلى مفسدة فاعرضها في ذهنك على العقول، فإن قبلتها فلك أن تتكلم فيها إما على العموم إن كانت مما تقبلها العقول على العموم، وإما على الخصوص إن كانت غير لائقة بالعموم, وإن لم يكن لمسألتك هذا المساغ فالسكوت عنها هو الجاري على وفق المصلحة الشرعية, والعقلية )
ومن يتأمل ما جرى على الإسلام في الفتن الكبار والصغار يرى أنها من إضاعة هذا الأصل ويـرى مدى الحاجة إلى تلك القواعد الشرعية لتخليص الفكر والواقع الإسلامي من النزعة الشكلية التي أعجزته عن مواجهة الواقع مواجهة فعالة.
رابط الموضوع : http://www.assakina.com/taseel/3163.html#ixzz2vjnt0wk5
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق