الثلاثاء، 11 مارس 2014

حق الأمان

حق الأمان

تعريف الأمان:
قال ابن منظور : ” استأمن إليه : دخل في أمانه ، وقد أمنه وآمنه ، والمأمن : موضع الأمن , والأمن : المستجير ليأمن على نفسه”(1) وقال الجوهري” الأمان والأمانة بمعنى ، وآمنت غيري من الأمن والأمان”(2).
فالأمان يعتمد على ركنين أساسيين ، هما المؤمن والمستأمن ، فالمستأمن : هو من طلب الأمان لنفسه ليدخل بلاد المسلمين مدة معلومة .والمؤمن : هو الذي يعطي الأمان(3). والأصل في الأمان قوله تعالى ( وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلَامَ اللَّهِ ثُمَّ أَبْلِغْهُ مَأْمَنَهُ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَا يَعْلَمُونَ )(4).
من له حق إعطاء الأمان ؟
 الأصل في هذا أنه الإمام أو نائبه ، لأنه ينظر إلى ما فيه مصلحة المسلمين ، ويجوز أن يكون المؤمن من أفراد الرعية من المسلمين المكلفين ذكوراً كانوا أو إناثاً ، والحر والعبد في ذلك سواء ، هذا ما عليه جمهور أهل العلم ، وخالف أبو حنيفة في أمان العبد ، فإنه لا ينعقد عنده إلا أن يكون مأذوناً له في القتال .(5)ولا أمان للمجنون ونحوه . قال صلى الله عليه وسلم :” وذمة المسلمين واحدة فمن أخفر مسلماً فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين “. (6)
قال الحافظ ابن حجر: ( ذمة المسلمين واحدة : أي أمانهم صحيح ، فإذا أمن الكافرَ واحدٌ منهم حرم على غيره التعرض له ) .(7)
وعن أم هانئ  رضي الله عنها قالت : ذهبتُ إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم عام الفتح فوجدته يغتسل وفاطمة ابنته تستره ، قالت : فسلمت عليه ، فقال : ” من هذه “؟ ، فقلت : أنا أم هانئ بنت أبي طالب فقال : ” مرحباً بأم هانئ ” ، فلما فرغ من غسله قام فصلى ثمان ركعات ملتحفاً في ثوب واحد ، فلمنا انصرف قلت يا رسول : زعم ابن أمي أنه قاتلٌ رجلاً قد أجرتُــه ، فلان بن هبيرة ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم :” قد أجَرْنا من أجرتِ يا أم هانئ ” ، قالت أم هانئ وكان ذلك ضحى. (8)
صيغ انعقاده:
وينعقد عقد الأمان بكل لفظ يُفهَم منه معناه ، سواء كان صريحاً أو كناية وسواء كان بالكتابة أو الرسالة أو الإشارة(9).
وفي فتح الجليل مختصر خليل للشيخ عليش : ( ثم الأمان يكون بلفظ أو إشارة مفهمة من شأنها فَهْم العدو الأمان منها ، وإن قصد المسلمون بها ضره ، كفتحنا المصحف ، وحلفنا أنا نقتلهم ،  فظن -أي الكافر -تأميناً فهو تأمين )(10). 
وينطبق عقد الأمان في عصرنا الحاضر على:
1. تأشيرة الدخول، والزيارة.
2. على دعوات الآحاد من المسلمين التي توجه إلى أناس من المشركين للزيارة ونحوها.
3. عقود العمل أو استقدام الفنيين ونحوهم من قبل شركات يملكها مسلمون وغير ذلك من كل صورة ينطبق عليها التوصيف الشرعي للأمان .
ومتى انعقد الأمان صار للحربي المستأمن حصانة من إلحاق الضرر به سواء من المسلم المؤمَّن أو ما غيره من المسلمين أو حتى الذميين ، وتقدم الحديث آنفاً وفيه : ” فمن أخفر مسلماً فعليه لعنة الله …”.
قال ابن قدامة : ( الأمان إذا أعطي أهلَ الحرب حرم قتلهم ومالهم والتعرض لهم) (11).
وقال النووي رحمه الله: قوله صلى الله عليه وسلم “وذمّة المسلمين واحدة يسعى بها أدناهم” المراد بالذمة هنا الأمان. معناه: أن أمان المسلمين للكافر صحيح، فإذا أمّنه به أحد المسلمين حرُم على غيره التعرُّض له ما دام في أمان المسلم، وللأمان شروط معروفة (12)
——————————————–
(1)  لسان العرب (13/22).
(2)  الصحاح (5/2071).
(3)  انظر: ارهاب المستأمنين وموقف الإسلام منه ، د. بدر بن ناصر البدر http://www.assakina.com/book/book18/3524.html
(4)  التوبة : 6
(5)  المصدر السابق.
(6)  رواه البخاري  ومسلم .
(7)   فتح الباري ( 4/ 86 )
(8)    أخرجه البخاري في الحج، باب: حرم المدينة (1870) واللفظ له، ومسلم في الحج (1370).
(9)   فتح العزيز ( 16 / 99- 100 ).
(10)   المغني والشرح الكبير ( 4 / 560 )
(11)  المغني( 10 / 432 ) .
(12)   شرح صحيح مسلم (9/144-145).


رابط الموضوع : http://www.assakina.com/taseel/4993.html#ixzz2vfOOh6rI

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق