الثلاثاء، 11 مارس 2014

الجماعة والائتلاف مطلب شرعي

الجماعة والائتلاف مطلب شرعي

المقدمة
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على إمام الغُرّ المحجّلين، وعلى آله وأصحابه أجمعين، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، أما بعد:
    فإن من قواعد الدين العظام، وأموره الجسام، التي دلت عليها الأدلة، وأكدّتْ عليها الملّة: وجوب ائتلاف أهل الإسلام، والنهي عن تفرقهم وتحزّبهم، والسعي إلى تحقيق هذا الأصل، والعمل على تيسير السبل الموصلة إليه ما أمكن. قال شيخ الإسلام ابن تيمية: ” وهذا الأصل العظيم: وهو الاعتصام بحبل الله جميعاً، وأن لا يُتفرّق؛ هو من أعظم أصول الإسلام، ومما عظمت وصية الله تعالى به في كتابه، ومما عظم ذمّه لمن تركه من أهل الكتاب وغيرهم، ومما عظمت به وصية النبي صلى الله عليه وسلم، في مواطن عامة وخاصة “( ) .
     ولتحقيق هذا الأصل العظيم، فإنا نجد الشريعة الإسلامية قد اهتمت بالجماعة والائتلاف اهتماماً بالغاً ، وتوخت اعتبار ذلك في كثير من مضامينها وتشريعاتها، من ذلك: صلاة الجماعة خلف إمام واحد، ولو خلف الأمراء الذين يؤخرونها عن وقتها، بعد أن يؤديها المسلم في أول وقتها ( )، وتأمّل أيضاً في صيام المسلمين كلهم في شهر واحد، وما يكون في هذا الشهر الكريم من الترابط والتكاتف؛ بعطف الأغنياء على الفقراء، ثم اجتماعهم لأداء صلاة التراويح، ولصلاة العيد بعد انقضاء الشهر العظيم، وكذلك ما في تشريع الزكاة من حصول المحبة والأُلفة وزوال الحقد والحسد من القلوب، وكذلك ما يكون من اجتماع جم غفير من المسلمين، في موسم الحج لأداء هذه الفريضة جماعة، في منظر مهيب عجيب؛ دخل بسببه كثير ممن لا يدين بالإسلام فيه، وتأمل أيضاً: أخي الكريم في نهي الإسلام عن الغش، والكذب، والنّميمة، والهمز، واللمز، وبيع الرجل على بيع أخيه، وخطبته على خطبة أخيه، إلى غيرها من التشريعات التي لو أمعن المرء في حِكمها، وفي مقاصدها؛ لوجدها تصبُّ في تحصيل تلك المصلحة العليا، والغاية السامية النبيلة؛ وهي: حفظ الرابطة الإيمانية، وتقوية الآصرة الدينية، وتوحيد الأمة الإسلامية، وتوثيق العلاقة بين أفراد المجتمع كلهم، تحت ما يُعرف بـ(الولاء والبراء)؛ ليصبح الكيان الإسلامي كياناً متميّزاً، متراصّاً، بعيداً عن كلّ ما يخدش صَفْوَ تلاحمه، وتراحمه، وهذا ما أراده الله تعالى من عباده المؤمنين، وأمرهم به ديناً وشرعاً .
  ولأهمية هذا الأمر؛ فقد رأيتُ أن أوضحه ـ ما أمكن ـ في هذا البحث المسماه: الجماعة والائتلاف مطلب شرعي ، وجاء في أحد عشر مبحثاً بعد مقدمة، وتمهيد، والمباحث كالتالي:
المبحث الأول: مفهوم الجماعة، وفيه مطلبان
المطلب الأول: مفهوم الجماعة في الإسلام
المطلب الثاني: المراد الشرعي بالجماعة
المبحث الثاني: بيان أهمية الجماعة والائتلاف في الشرع: وفيه مطلبان
المطلب الأول: بيان أهمية الجماعة وضرورتها في الشرع
المطلب الثاني: الجماعة حفاظ على الهوية الإسلامية
المبحث الثالث: الجماعة والائتلاف مطلب شرعي، وفيه مطلبان
المطلب الأول: حكم لزوم جماعة المسلمين
المطلب الثاني: الأدلة الدالة على لزوم الجماعة، وأنها مطلب شرعي
المبحث الرابع: الوقوف على أسباب خلاف الأمة
المبحث الخامس: الأسباب المعينة للزوم الجماعة والائتلاف
الخاتمة .
والله أن يجعل هذا العمل المتواضع خالصاً لوجهه الكريم، وصلى الله وسلم على نبينا محمد.
المبحث الأول
مفهوم الجماعة، وفيه مطلبان
المطلب الأول
مفهوم الجماعة في الإسلام
الجماعة في الإسلام تطلق على مفهومين:
المفهوم الأول: الجماعة الصغرى
 وهي جماعة الصلاة أو الجماعة التي تنعقد بهم الصلاة، وتسمى صلاة الجماعة؛ وهي الجماعة الصغرى، وهذه الجماعة اعتنى بها الإسلام، واهتم بها اهتماماً بالغاً، وهي تتألف من: إمام ومأمومين مأمورين بإتباع الإمام ومتابعته؛ لقول الرسول- صلى الله عليه وسلم-:” إنما جعل الإمام ليؤتم به، فإذا كبّر فكبّروا، وإذا ركع فاركعوا، وإذا قال: سمع الله لمن حمده، فقولوا: ربنا و لك الحمد، وإذا سجد فاسجدوا، وإذا صلى جالساً فصلوا جلوساً أجمعون”( ) .
  وأبلغ من هذا، فإن الإمام يتحمل عنهم القراءة، كما قال- صلى الله عليه وسلم-:” من كان له إمام فقراءة الإمام له قراءة”( ) .
   ولذلك فإنهم يتبعونه في شيء، في حركاته وأقواله وأفعاله، فتحرم مخالفته ومسابقته، وتجب متابعته وتكره موفقته، بل إذا سها في بعض أفعاله وأقواله في الصلاة فإنهم يفعلون ما يفعل، وهذه الجماعة توجيه ودليل على الجماعة الكبرى، وتربية شرعية على لزومها، وطاعة ولي الأمر فيها، والالتزام بكل واجباتها( ).
المفهوم الثاني: الجماعة الكبرى:    
   وهي التي ينتظم فيها أفراد الأمة الإسلامية إذا كانت مجتمعة، أو أفراد البلد الواحد فيما سوى ذلك، وهم مأمورون بالقيام بحقوقها وأداء واجباتها والانتظام فيها والحفاظ على وحدتها، والحذر من التأثير عليها، والبعد عن كل ما يسبب فرقتها واختلافها، والدفاع عنها، ودحر كل من يرومها بعداء أو سوء، من داخل الجماعة أو من خارجها.
وذلك لتقف هذه الجماعة شامخة قوية عزيزة مهابة الجانب يحسب لها الأعداء كل الحسابات، ولا يمكن أن تؤثر عليها العوادي، أو ينخر في جسدها أي فتنة كبيرة أو صغيرة( ).
المطلب الثاني
المراد الشرعي بالجماعة
  الجماعة في الشريعة الإسلامية: هي القوم الذين يجتمعون على الاستمساك بالكتاب والسنة، ويؤثرون كلام الله تعالى على كلام كل أحد، ويقدمون هدي رسوله- صلى الله عليه وسلم- على هدي كل أحد، فالتمسك بالكتاب والسنة وعقد الجماعة، والوفاء بعهدها، وعدم نقضه يقود إلى الائتلاف ولاجتماع وحصول القوة، وثبات المجتمع المسلم، ولذلك فإن الله ورسوله قد حرما مفارقة الجماعة، والخروج عن الطاعة( ).
وقيل : إن الجماعة هي جماعة المسلمين إذا اذا اجتمعوا على أمير ( ).
قال ابن جرير الطبري- رحمه الله-:” والصواب : أن المراد من الخبر لزوم الجماعة الذين في طاعة من اجتمعوا على تأميره، فمن نكث بيعه خرج عن الجماعة”( ) .
وقال الشاطبي- رحمه الله- بعد ذكر الأقوال الواردة بمصطلح الجماعة:” وحاصله أن 
الجماعة راجعة إلى الاجتماع على الإمام الموافق للكتاب والسنة” ( ).
وقال ابن عبد البر- رحمه الله- عن المقصود بالجماعة الواردة في الأحاديث:” الجماعة على إمام يسمع له ويطاع”( ) .
ويدل على ذلك ويؤيده صراحة ما جاء في حديث حذيفة بن اليمان- رضي الله عنه- 
حيث قال رسول الله- صلى الله عليه وسلم-:” تلزم جماعة المسلمين وإمامهم”( ).
المبحث الثاني
بيان أهمية الجماعة والائتلاف في الشرع، وفيه مطلبان
المطلب الأول
بيان أهمية الجماعة وضرورتها في الشرع
   الجماعة ضرورة متحتمة، وأمر لازم؛ لأنه من المعروف أن الإنسان يوصف بالحرث والهم، وله إرادة، ويحب ويبغض، وهذه الأمور لا يحققها الإنسان لوحده بل لا بد له ممن يعينه على أدائها وتحقيقها، قال تعالى:”يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ”( ).  
   كما أن في لزوم الجماعة وإمامها سعادة الدنيا والدين، به تنتظم الحياة الاجتماعية، ويحصل الأمن على العرض والمال والدم، وتتحقق مصالح المجتمع في معاشهم ومعادهم ويستعينون بالجماعة على إظهار دينهم، وطاعة ربهم، كما أن أصحاب الأهواء والبدع يرون أن مخالفة ولي الأمر وعدم الانقياد له فضيلة، والسمع والطاعة ذلاً ومهانة، فخالفهم رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأمر بالصبر على جور الولاة، وأمر بالسمع والطاعة لهم والنصيحة لهم، فقد روى في الصحيحين أنه قال – صلى الله عليه وسلم-:” إن الله يرضى لكم ثلاثاً: أن لا تعبدوا إلا الله ولا تشركوا به شيئا، وأن تعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا، وأن تناصحوا مَن ولاّه الله أمركم” ( ) .
  قال الشيخ محمد بن عبد الوهاب- رحمه الله-:” ولم يقع خلل في دين الناس ودنياهم إلا بسبب الإخلال بهذه الثلاث أو بعضها” ( ). 
     كما أن الجماعة قضية متفق على طلبها ضرورة في الجملة، وبيان ذلك: أنَّ الإنسان: همام وحارث، يتحرك بالإرادة، بالمحبة والبغض، طلباً لما يسعده ويلائمه ويلتذ به، وهرباً من ما يشقيه وينافره وينفر منه، فحركته الإرادية تتبع حبه وبغضه، يحب ما ينفعه فيتحرك له طلباً، ويبغض ما يضره فيتحرك عنه هرباً، وهو لا يعيش بذلك منفرداً، بل لا بد له من الاجتماع والتعاون مع بني جنسه ليعيش ، كما قيل: الناس للناس من بدو وحاضرة ، بعض لبعض وإن لم يشعروا خدم ، وأبلغ من ذلك قول الله تعالى :” أَهُمْ يَقْسِمُونَ رَحْمَةَ رَبِّكَ نَحْنُ قَسَمْنَا بَيْنَهُمْ مَعِيشَتَهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَرَفَعْنَا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ لِيَتَّخِذَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا سُخْرِيًّا وَرَحْمَةُ رَبِّكَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ ” ( ) 
   قال شيخ الإسلام ابن تيمية :” كل طائفة من بني آدم لا بد لهم من دين يجمعهم، إذ لا غنى لبعضهم عن بعض وأحدهم لا يستقل بجلب منفعته ودفع مضرته، فلا بد من اجتماعهم، وإذا اجتمعوا فلا بد أن يشتركوا في اجتلاب ما ينفعهم كلهم، مثل نزول المطر، وذلك محبتهم له، وفي دفع ما يضرهم مثل عدوهم، وذلك بغضهم له، فصار ولا بد أن يشتركوا في محبة شيء عام، وهذا هو دينهم المشترك العام، وأما اختصاص كل منهم بمحبة ما يأكله ويشربه وينكحه، وطلب ما يستره باللباس، فهذا يشتركون في نوعه لا في شخصه، بل كل منهم يحب نظير ما يحبه الآخر لا عينه، بل كل منهم لا ينتفع في أكله وشربه ونكاحه ولباسه بعين ما ينتفع به الآخر، بل بنظيره .
   وهكذا هي الأمور السماوية في الحقيقة، فإن عين المطر الذي ينزل في أرض هذا، ليس هو عين الذي ينزل في أرض هذا، ولكن نظيره، ولا عين الهواء البارد الذي يصيب جسد أحدهم، قد لا يكون نفس عين الهواء البارد الذي يصيب جسد الآخر، بل نظيره لكن الأمور السماوية تقع مشتركة عامة، ولهذا تعلق حبهم وبغضهم بها عامة مشتركة بخلاف الأمور التي تتعلق بأفعالهم كالطعام واللباس، فقد تقع مختصة، وقد تقع مشتركة
وإذا كان كذلك فالأمور التي يحتاجون إليها، يحتاجون أن يوجبوها على أنفسهم، والأمور التي تضرهم ، يحتاجون أن يحرموها على نفوسهم ، وذلك دينهم ، وذلك لا يكون إلا باتفاقهم على ذلك، وهو التعاهد والتعاقد ولهذا جاء في الحديث:” لا إيمان لمن لا أمانة له، ولا دين لمن لا عهد له”( ) .
   فهذا هو الدين المشترك بين جميع بني آدم، من التزام واجبات ومحرمات، والوفاء بالعهد والعقد، وهذا قد يكون باطلاً فاسداً، إذا كان فيه مضرة لهم راجحة على منفعته، وقد يكون دين حق إذا كانت منفعته خالصة أو راجحة، قال تعالى:” لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ”( ) ، وقال تعالى:” مَا كَانَ لِيَأْخُذَ أَخَاهُ فِي دِينِ الْمَلِكِ “( ) أي في قانون الملك، وقال تعالى:” وَلَا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ”( ) والدين الحق هو طاعة الله وعبادته،…ولا يستحق أحد أن يعبد ويطاع على الإطلاق إلا الله، وحده لا شريك له، ورسله وأولوا الأمر، أطيعوا لأنهم يأمرون بطاعة الله، كما قال النبي – صلى الله عليه وسلم – في الحديث المتفق عليه:” من أطاعني فقد أطاع الله ، ومن أطاع أميري فقد أطاعني ، ومن عصاني فقد عصى الله ، ومن عصى أميري فقد عصاني”( ).
وأما العبادة فلله وحده ليس فيها واسطة، فلا يعبد العبد إلا الله وحده”( ). 
   فالاجتماع الإنساني ضروري للحياة، لأن الله سبحانه خلق الإنسان وركبه على صورة ضعيفة كما قال الله تعالى :( يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُخَفِّفَ عَنْكُمْ وَخُلِقَ الْإِنْسَانُ ضَعِيفًا)( )  فمن حكمة الله – عز وجل – في هذه الحياة أن خلق الإنسان وركبه على صورة ضعيفة وأعطاه قدرة قاصرة، لا تقوم حياته ولا يتم بقاؤه بها، لأن قدرته قاصرة عن تحصيل حاجته من مادة حياته، وقاصرة عن الدفاع عن نفسه إلا بالاستعانة بأبناء جنسه، وبالتعاون فيما بينهم تحصل مصلحتهم الضرورية، ولا يتم ذلك التعاون إلا بالاجتماع والجماعة، وبغير الجماعة لا تتم لهم الحياة الاجتماعية الحضارية المدنية، سياسياً واقتصادياً وتربوياً، وبغير الجماعة لا يحصل لهم ما يريدونه من المحبوب، ولا يندفع عنهم ما لا يريدونه من المكروه، وبغير الجماعة تبطل الحكمة العليا في بقاء الإنسان وحفظ نوعه، لما أراد الله تعالى من اعتمار العالم به، واستخلافه إياه في الأرض، وهذا الاجتماع والجماعة لا تكون إلا باجتماعهم على أمير منهم، يسمعون له ويطيعون وتكون له الغلبة والسلطان عليهم، واليد القاهرة الوازع الذي يدفع بعضهم عن بعض حتى لا يصل أحد منهم إلى غيره بعدوان، لما في طباعهم الحيوانية من العدوان والظلم والجهل قال الله تعالى:( إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنْسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا)( )، وهذا هو معنى الملِك ، قال تعالى:( أَلَمْ تَرَ إِلَى الْمَلَإِ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ مِنْ بَعْدِ مُوسَى إِذْ قَالُوا لِنَبِيٍّ لَهُمُ ابْعَثْ لَنَا مَلِكًا نُقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ)( ) .
   وبهذا يتبين أن الجماعة لبني الإنسان خاصة من خواصهم، لا بد لهم منها بمقتضى الفكرة والسياسة والإرادة ، وقد توجد خاصة الجماعة والاجتماع في بعض الحيوانات العجم ، كما في الجراد والنحل والطير وغيرها ، لما استقري فيها من اجتماعها على الانقياد والإتباع لرئيس من أشخاصها متميز عنهم في خلقه وجثمانه ، إلا أن ذلك موجود في غير الإنسان بمقتضى الفطرة والهداية القدرية الكونية ، لا بمقتضى الفكرة والسياسة والهداية الشرعية الاختيارية كما في بني الإنسان ، فسبحان الله، (قَالَ رَبُّنَا الَّذِي أَعْطَى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَى) ( ) . 
   ولا بد للبشر لكي تتم مصلحتهم الاجتماعية من تشريع يرجع إليه ويحكم به عند الاختلاف ، وذلك التشريع يكون بشرع واجبات ومحظورات تلتزم دينا مفروضاً على الجميع ، يدان به كل مخالف جزاءً وحساباً ، وهذا هو الدين المشترك بين الجماعة ، ديناً رضوه لأنفسهم باختيارهم ، وهو: إما دين أذن الله به ، أو لم يأذن الله به ، لكنه أصبح ديناً اجتمعوا عليه ، قد يكون باطلاً فاسداً في مآله ، إذا آل إلى مضرة لهم خالصة ، أو آل إلى مضرة لهم راجحة على منفعته، وقد يكون دين حق رضيه الله لهم، إما لأن منفعته خالصة أو لأنها راجحة( )؛ لأن الله تعالى هو المنفرد بالنفع والضر، وشرع تعالى أن كل عمل لا يكون غايته إرادة الله وعبادته ، فهو عمل فاسد غير صالح ، باطل غير حق، أي لا ينفع أصحابه ولو اجتمعوا عليه قال تبارك وتعالى:( شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحًا وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلَا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ كَبُرَ عَلَى الْمُشْرِكِينَ مَا تَدْعُوهُمْ إِلَيْهِ اللَّهُ يَجْتَبِي إِلَيْهِ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي إِلَيْهِ مَنْ يُنِيبُ)( ) ، وقال تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا لَسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ)( )، وقال تعالى:( مِنَ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ)( )، وقال الله تعالى: (إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ وَمَا اخْتَلَفَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ إِلَّا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْعِلْمُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ وَمَنْ يَكْفُرْ بِآيَاتِ اللَّهِ فَإِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ)( )، وقال تعالى: (وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ)( ) .
المطلب الثاني
الجماعة حفاظ على الهوية الإسلامية
   الاجتماع في الإسلام مبدأ وجوده يدل على وجود  الهوية الإسلامية، فالجماعة على الإسلام، إثبات لهوية المجتمع الإسلامي، وعدمها عدم لهوية المجتمع الإسلامي، بل إن إثبات الهوية الإسلامية ذاتها على الكمال الواجب، يتوقف على وجود الجماعة على الإسلام، ووجود الجماعة، يتوقف على وجود الإمارة، ووجود الإمارة يتوقف على وجود السمع والطاعة، فلا إسلام إلا بجماعة، ولا جماعة إلا بإمارة، ولا إمارة إلا بسمع وطاعة، كما روى الدارمي في سننه بسند جيد عن يزيد بن هارون، أنا بقية ، حدثني صفوان بن رستم ، عن عبد الرحمن بن ميسرة، عن تميم الداري، قال: تطاول الناس في البناء في زمن عمر فقال: ” يا معشر العُرَيب ! الأرض الأرض، إنه لا إسلام إلا بجماعة، ولا جماعة إلا بإمارة ولا إمارة إلا بطاعة، فمن سوده قومه على الفقه كان حياة له ولهم، ومن سوده قومه على غير فقه كان هلاكا له ولهم”( ) .
المبحث الثالث
الجماعة والائتلاف مطلب شرعي، وفيه مطلبان
المطلب الأول
حكم لزوم جماعة المسلمين
    لزوم جماعة المسلمين واجب شرعي دل عليه الكتاب والسنة والعقل، قال الإمام النووي في كتابه شرح مسلم مترجماً للأحاديث الصحيحة الواردة في صحيح مسلم الدالة دلالة قاطعة على هذا الحكم:” باب وجوب لزوم جماعة المسلمين عند ظهور الفتن، وفي كل حال “( ) .
المطلب الثاني
الأدلة الدالة على لزوم الجماعة، وأنها مطلب شرعي
أولاً: الأدلة من الكتاب .    
   فقد وردت في هذا الباب آيات، وأحاديث، وآثار؛ لطولها وكثرتها، فحسبنا منه ما يكون وصْلةً إلى المُراد، وتنبيهاً ببعضه إلى غيره،، فمن هذه الآيات: 
الدليل الأول:  قوله تعالى:( وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا وَكُنْتُمْ عَلَى شَفَا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ)( ) ، 
  فقد ورد عن ابن مسعود- رضي الله عنه- أن المراد بحبل الله: الجماعة، والأقوال الواردة عن السلف قريبة من هذا المعنى( ) .
   وليس المراد من الاجتماع المأمور به شرعاً؛ هو مطلق الاجتماع على أيّ أمر كان، فإن هذا لا اعتبار به، بل المُراد هو: الاجتماع على الحق، كما قال الإمام ابن جرير، و هذا نصُّ كلامه في تفسير الآية السابقة. قال –رحمه الله-: ” يريد تعالى ذكْرُه: وتمسّكوا بدين الله الذي أمركم به، وعهده الذي عَهِدَهُ إليكم في كتابه إليكم من: الألفة، والاجتماع على كلمة الحق، والتسليم لأمر الله “( ).
  ونقل-رحمه الله- عن قتادة في معنى قوله تعالى:{ولا تفرقوا} أنه قال: ” إن الله عز وجل، قد كره لكم الفُرقة، وقدم إليكم فيها، وحذركموها، ونهاكم عنها، ورضي لكم السمع والطاعة، والألفة والجماعة، فارضوا لأنفسكم ما رضي الله لكم إن استطعتم، ولا قوة إلا بالله “( ).
الدليل الثاني: قوله تعالى: (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ)( ) . 
  دل على مبدأ التآخي بين المسلمين أجمعين؛ لما لهذا التآخي من عظيم الأثر في وحدتهم، وتعاونهم، وتساعدهم، وهي الثمرة الجنية؛ العملية للحب في الله، الذي اتخذته الوحدة الإيمانية عنواناً على وجودها، في واقع حياة المجتمع المسلم، ورمزاً على الالتقاء حول هذه الوشيجة العريقة، التي بها ضمان تماسكه، وسلامته من التشتت، والتفرق، وإبعاداً له عن أسباب العداء، والكراهية، والاختلاف. 
الدليل الثالث: فقال سبحانه: (شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحًا وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلَا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ  )( ). 
ولما للاجتماع، والأُلفة، وترك التفرق، من منـزلة عظيمة، ورُتبة شريفة؛ فقد أمر الله تعالى به الأنبياء والمرسلين، كما أمر به خاتم المرسلين .
  قال الإمام ابن كثير: ” …وصّى الله تعالى جميع الأنبياء -عليهم الصلاة والسلام- بالائتلاف والجماعة، ونهاهم عن الافتراق والاختلاف “( ). 
والآيات القرآنية الواردة في سياق التنويه بما تقدّم: كثيرةٌ،
الدليل الرابع:  قوله تعالى: {وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ}( ) . 
الدليل الخامس: قوله عز وجل:{ إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا لَسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ إِنَّمَا أَمْرُهُمْ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ يُنَبِّئُهُمْ بِمَا كَانُوا يَفْعَلُونَ}( )، وهي تدور على المعاني التي أشرنا إليها.
الدليل السادس: فقال الله تعالى : { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ  }( ) 
  يعني ـ والله أعلم ـ إلى ما قال الله والرسول ، فإن لم يكن فيما تنازعوا فيه قضاءٌ نصاً فيهما ، ولا في واحد منهما، رُدَّ وه قياساً على أحدهما( ) .
   هذه الأدلة وغيرها من الأدلة كلها تفيد العلم اليقيني بوجوب لزوم الجماعة، وتحريم مفارقتها، في الكتاب والسنة والإجماع والاعتبار، وأن الجماعة ضرورة لجلب المنفعة ودفع المضرة، وإثبات الذات والهوية، وأن أساسها هو التوحيد، وأن العرب لا تدين لأحد بغيره، بخلاف غيرهم فيدينون لمن يملكهم، إذاً: فالجماعة قضية متفق على طلبها في الجملة .
ثانياً
الأدلة من السنة النبوية
   تضافرت الأحاديث، وتكاثرت في الأمر بوجوب لزوم جماعة المسلمين، والتحذير من الخروج عليها؛ وهذه الأحاديث لها معان عظيمة، ودلالات قوية إذا علمها الإنسان، وفهمها لم يقع في شك وحيرة، ولكان ذلك دافعاً له لأن يسير على هدي وبصيرة في أمور دينه ودنياه، ومن هذه الأحاديث:  
الدليل الأول: ما روى الدارمي في سننه بسند جيد عن تميم الداري، قال: تطاول الناس في البناء في زمن عمر، فقال: ” يا معشر العُرَيب ! الأرض الأرض، إنه لا إسلام إلا بجماعة، ولا جماعة إلا بإمارة، ولا إمارة إلا بطاعة، فمن سوده قومه على الفقه كان حياة له ولهم ، ومن سوده قومه على غير فقه كان هلاكا له ولهم”( ) .
  ففي هذا الأثر العظيم عن عمر: بيان أن هذه الثلاثة متلازمة، آخذ بعضها ببعض، لا قيام للإسلام على الكمال الواجب إلا بها.
  وقد أمر النبي- صلى الله عليه وسلم – بلزوم الجماعة ولزوم إمامهم ، والاجتماع عليه بالسمع والطاعة للأمير بالمعروف، وإن ضرب الأمير الظهر وأخذ المال، أمرا يدل على الوجوب ، من أجل تحقيق وجود الجماعة ، لما في وجودها من المصلحة العظمى ، ونهى عن الخروج على الجماعة ومفارقتها، نهياً يدل على التحريم ، لما في ذلك من التفرق والضعف وضياع الهوية والمفسدة الكبيرة .
 وقد ترجم الإمام النووي لأحاديث صحيحة في صحيح مسلم، تدل على هذا الحكم الشرعي دلالة قاطعة، فقال: ” باب وجوب ملازمة جماعة المسلمين عند ظهور الفتن ، وفي كل حال ، وتحريم الخروج على الطاعة ومفارقة الجماعة “( ) .
الدليل الثاني: منها ما في صحيح مسلم ومسند أحمد من حديث ابن عمر وابن عباس – رضي الله عنهم – ، وفي حديثهما، قوله – صلى الله عليه وسلم -:” من فارق الجماعة شبراً فمات فميتة جاهلية”( ) .
الدليل الثالث:  وفي سنن أبي داود والترمذي عن أبي ذر والحارث الأشعري- رضي الله عنهما- قالا: قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم – :” من فارق الجماعة فقد خلع ربقة الإسلام من عنقه”( ) .
الدليل الرابع: وفي سنن النسائي عن شريح الأشجعي قال: رأيت النبي- صلى الله عليه وسلم- على المنبر يخطب الناس، فقال:” إنه سيكون بعدي هنات وهنات ، فمن رأيتموه فارق الجماعة، أو يريد يفرق أمر أمة محمد صلى الله عليه وسلم كائناً من كان فاقتلوه، فإن يد الله على الجماعة ، فإن الشيطان مع من فارق الجماعة يركض “( ) .
وقال ابن مسعود: ” أيها الناس، عليكم بالطاعة والجماعة، فإنها حبل الله الذي أمر به وما تكرهون في الجماعة ، خير مما تحبون في الفرقة “( ). 
الدليل الخامس: وأخرج مسلم وأحمد ومالك عن أبي هريرة – رضي الله عنه – أن النبي – صلى الله عليه وسلم – قال : ” إن الله يرضى لكم ثلاثا ويكره لكم ثلاثا ، فيرضى لكم أن تعبدوه ولا تشركوا به شيئا، وأن تعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا ، وأن تناصحوا من ولاه الله أمركم،ويكره لكم قيل وقال، وكثرة السؤال، وإضاعة المال”( ).
الدليل السادس: وهذه الأمور الثلاثة قد نص عليها في حديث رواه الإمام أحمد في المسند بإسناد جيد عن زيد بن ثابت – رضي الله عنه – قال : سمعت رسول الله – صلى الله عليه وسلم – يقول:” نضر الله امرءاً سمع منا حديثا فحفظه حتى يبلغه غيره، فإنه رب حامل فقه ليس بفقيه ورب حامل فقه إلى من هو أفقه منه، ثلاث خصال لا يَغِلُّ عليهن قلب مسلم أبدا: إخلاص العمل لله، ومناصحة ولاة الأمر، ولزوم الجماعة، فإن دعوتهم تحيط بهم من ورائهم…”( ) . 
  وجاء هذا الحديث بأسانيد بعضها صحيحة ، وبعضها حسنة وبعضها معلولة ، عن جماعة من الصحابة ، فهو متواتر( ) .
  وقد جمعت هذه الخصال الثلاث : ـ إخلاص العمل لله ، ومناصحة ولاة الأمر ، ولزوم الجماعة ـ ما يقوم به دين الناس ودنياهم .
قال شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب: “لم يقع خلل في دين الناس ودنياهم إلا بسبب الإخلال بهذه الثلاث أو بعضها”( ) .
وإن أساس الجماعة ، وائتلاف القلوب ، الثابت أمام إرهاب الفتن، هو التوحيد .
الدليل السابع: إن العرب خاصة، لا تدين لأحد بغير كلمة التوحيد، (لا إله إلا الله، محمد رسول الله). وقد بين ذلك رسول الله – صلى الله عليه وسلم – لقومه حين دعاهم إلى الإسلام ، ذكر ابن كثير في تفسيره أنه – صلى الله عليه وسلم – قال: لعمه أبي طالب ورهطٍ من قريش فيهم أبو جهل، إجابةً لأبي طالب حين قال له : ” يا ابن أخي! هؤلاء مشيخة قومك وسرا تهم ، وقد سألوك أن تكف عن شتم آلهتهم، ويدعوك وإلهك ، قال – صلى الله عليه وسلم – : ” يا عم ! أفلا أدعوهم إلى ما هو خير لهم ؟ قال وإلام تدعوهم ؟ قال – صلى الله عليه وسلم -: ” أدعوهم أن يتكلموا بكلمة يدين لهم بها العرب، ويملكون بها العجم ” فقال أبو جهل من بين القوم: ما هي وأبيك لنعطينكها وعشر أمثالها، قال – صلى الله عليه وسلم – “تقولون: لا إله إلا الله “، فنفروا.
   قال ابن كثير: وفي رواية ابن جرير قال – صلى الله عليه وسلم – : ” يا عم ! إني أريدهم على كلمة واحدة يقولونها، تدين لهم بها العرب، وتؤدي إليهم بها العجم الجزية “، ففزعوا لكلمته ولقوله فقال القوم كلمة واحدة ! نعم وأبيك عشرا ! فقالوا: وما هي ؟ وقال أبو طالب: وأي كلمة هي يا ابن أخي ؟ قال – صلى الله عليه وسلم – : ” لا إله إلا الله “، فقاموا فزعين ينفضون ثيابهم وهم يقولون ” أجعل الآلهة إلها واحدا ؟ إن هذا لشيء عجاب” قال ابن كثير: ورواه أحمد والنسائي والترمذي، وقال الترمذي:حسن( )
  والشاهد من الحديث قوله – صلى الله عليه وسلم – لمشيخة قومه : ” لا إله إلا الله “، “كلمة تدين لكم بها العرب، وتملكون بها العجم ، أو تؤدي لكم بها العجم الجزية ” يعني أن العرب إنما تدين بالسمع والطاعة لأهل التوحيد، وبالتوحيد يكون العرب أئمة وملوكاً، وهذا هو ما يشهد به الواقع التاريخي ! .
  فلقد كانت العرب تأنف أن يعطي بعضها بعضا طاعة الإمارة، كما قال الشافعي- رحمه الله- : “كل من كان حول مكة من العرب لم يكن يعرف إمارة، وكانت تأنف أن يعطيَ بعضُها بعضاً طاعةَ الإمارة، فلما دانت لرسول الله – صلى الله عليه وسلم – بالطاعة ، لم تكن ترى ذلك يصلح لغير الرسول – صلى الله عليه وسلم – ، فأمروا أن يطيعوا أولي الأمر، الذين أمَّرهم رسول الله – صلى الله عليه وسلم -، لا طاعة مطلقة، بل طاعة مستثناةً، فيما لهم وعليهم “( ) .
ثالثاً
 الأدلة على لزوم جماعة المسلمين من الآثار
   هناك العديد من الآثار المروية عن الصحابة، ومن جاء بعدهم من التابعين تدل على أنهم طبقوا ما جاء في كتاب الله وسنة رسول الله- صلى الله عليه وسلم- على أنفسهم ومجتمعاتهم فيما يتعلق بلزوم جماعة المسلمين تطبيقاً فعلياً  يلمس واقعاً حياً من خلال أقوالهم وأفعالهم، وما سطره التاريخ عنهم، ومن أبرز الأدلة على ذلك ما يأتي:
الدليل الأول: روي أن عمر بن الخطاب- رضي الله عنه- خطب الناس بالجابية، فقال: قام فينا رسول الله- صلى الله عليه وسلم- مثل مقامي فيكم، فقال:” استوصوا بأصحابي خيرا ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم، ثم يفشو الكذب حتى إن الرجل ليبتدئ بالشهادة قبل أن يسألها، فمن أراد منكم بحبحة الجنة فليلزم الجماعة، فإن الشيطان مع الواحد وهو من الاثنين أبعد، لا يخلون أحدكم بامرأة فإن الشيطان ثالثهما، ومن سرته حسنته وساءته سيئته فهو مؤمن”( ) .
الدليل الثاني: ورد عن عبد الله بن مسعود أنه قال : ” يا أيها الناس عليكم بالطاعة والجماعة، فإنهما حبل الله الذي أمر به، وإن ما تكرهون في الجماعة خير مما تحبون في الفرقة “( ) .
الدليل الثالث: عن معاوية بن عمرو، عن أبي إسحاق الفزاري، عن الأوزاعي، قال: ” كان يقال: خمس كان عليها أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم والتابعون بإحسان: لزوم الجماعة، وإتباع السنة، وعمارة المساجد، وتلاوة القرآن، والجهاد في سبيل الله “( ) .
رابعاً
الدليل العقلي على وجوب لزوم الجماعة
    العقل السليم الصحيح الذي يسير وفق فطرة مستقيمة يؤيد النقل الصريح، ويدل دلالة ظاهرة على أن الجماعة حق والفرقة زيغ، وأن الجماعة أمر ضروري ومتحتم لأي أمة، فضلاً عن أمة الجماعة والاتفاق أمة الإسلام؛ لإثبات هويتها، وتأصيل وجودها، وإظهار قوتها، وإبراز مبادئها ومحاسنها؛ لأن الإنسان مهما كان ومهما أعطي وأوتي من قوة لا يمكن أن يعيش وحده، ويحقق مصالحه الدينية والدنيوية بأي حال من الأحوال، وفي كل الأماكن إلا بوجود جماعة يسند بعضهم بعضاً، ويقوم كلاً من أفرادها بالآخر، ويستفيد بعضهم من بعض على مختلف أجناسهم وتنوع مستوياتهم، وتفوت مداركهم، واختلاف رغباتهم وشهواتهم .
  فلزوم الجماعة ونبذ الفرقة من أكبر المنجيات والعواصم من الفتن، وما نمت بذور الفتن إلا بالفرقة والخلاف.
  ويمكن لزوم الجماعة بالاجتماع على دين الله عقيدةً ومنهجاً وعملاً وسلوكاً على ما كان عليه النبي- صلى الله عليه وسلم- وأصحابه من أمور الاعتقاد وأصول العمل، وتكون بالاجتماع على الكتاب والسنة والعمل بهما.
وتكون أيضاً بلزوم إمام المسلمين وبذل الحقوق الواجبة له، وعدم نكث البيعة، فضلاً عن الخروج عليه، فكل داعية بدعة أو خارج على الجماعة فهو منابذ لها واقع في الفتن( ) .
المبحث الرابع
الوقوف على أسباب خلاف الأمة
    إن الوقوف على أسباب الخلاف يساعد على الائتلاف من خلال معرفة الخلاف وأسبابه لتفاديها والابتعاد عنها، وخاصة الخلاف الذي يؤدي إلى الفرقة. 
   إن أسباب الخلاف والفرقة ترجع إلى سبب واحد في الغالب، وهو عدم الأخذ بالشريعة كلها علماً وفهماً وعملاً، فإمــا في المفاهيم التي لم تستوعب القطعي من الاجتهادي في الشريعة، أو لخلل في التزكية يفضي إلى الأهواء والعصبية. 
وفيما يلي بيان لتفصيل أسباب الخلاف: 
الأول: العصبية: 
  العصبية إما أن تكون لرأي أو شيخ أو حزب أو قبيلة أو…، وهذا أكبر إشكالات العمل الإسلامي الذي يجعل الحزب أو الجماعة أو المجموعة أو الشيخ هو الإسلام كله وغيره خارج عن الإسلام، بل لا يرى الفرد أخطاء جماعته أو شيوخه، ولكنه يترصد أخطاء الآخرين ممن ليس معه في حزبه أو جماعته. 
   إن التوقع حول جماعة أو شيخ أو حزب أو مذهب لدرجة التعصب هذا مما مقته الشارع؛ لأنه يؤدي إلى رد الحق وعدم العدل والإنصاف، الذي يقوم على النظر الشرعي الصحيح، بأن يُحَب الرجل بقدر ما فيه من طاعة، ويُبغَض بقدر ما فيه من معصية، وأن يقبل المسلم الحق، وأن ينشد الحكمة التي هي ضالته، يقول شيخ الإسلام ابن تيمية: “… فإذا قدر أن الذي معه هو الحق المحض دين الإسلام، ولم يكن قصده أن يكون الدين كله لله، وأن تكون كلمة الله هي العليا، بل قصد الحمية لنفسه، أو طائفته، أو الرياء ليُعظّم هو ويُثنى عليه، أو لغرض من دنيا؛ لم يكن لله ولم يكن مجاهداً في سبيل الله”( ) .
الثاني: فقدان جسور الثقة بين الأطراف: 
واقع العمل الإسلامي أنه قائم على جماعات وطوائف، لكل منها دورها في مسيرة الإسلام، لكن الصعوبة في التقاء هذه الجماعات، لأنها تتعامل مع فكرة وحدة العمل الإسلامي بشيء من التشكك وفقدان الثقة وخوف الاستقطاب والتذويب، مع قناعتها بضرورة الوحدة الإسلامية في المرحلة القادمة، وأحياناً تخشى القيادات من قواعدها، والشيوخ من شبابهم الذين حولهم ممن لا يريدون الوحدة حتى لا ينفضوا عنهم.  
الثالث: الجهل:     
   والذي يفضي إلى عدم التفريق بين ما هو قطعي وبين ما هو اجتهادي. و الجهل بآداب الإسلام وأخلاقه في التعامل مع المخالف، والجهل بالعواقب، ومن تأمل سير السلف الصالح وجد فيها من الأخلاق، وتقدير المسائل قدرها، فهم لا يجاملون في الحق، ولا يعنفون في مسائل الاجتهاد.
الرابع: التباين في المواقف القائمة على المصالح والمفاسد: 
   هذا باب يقع الخلاف فيه كثيراً؛ لأنه يقوم على التقدير، والتباين والاختلاف في تقدير البشر أمر لا بد منه، وضابط ذلك أن يكون من أهل العلم؛ ليكون له وجه من العلم، وأن لا يؤدي إلى فرقة وإلى نقض عرى الأخوة الإسلامية التي هي أصل والموقف المختلف عليه طارئ، ومن ذلك الاختلاف في الوسائل المشروعة، أما اختلاف الأهداف فاجتماع أهله متعذر وحتى ولو اجتمعوا أجساداً فسيتفرقون مناهج وأفهاماً. 
الخامس: أسباب فقهية: 
    مثل اختلاف الفقهاء في حجية بعض المصادر مثل: العرف، وعمل أهل المدينة، والمصلحة المرسلة، والاستحسان، والاستصحاب..إلخ، أو اختلافهم في ثبوت النص حيث يصح عند بعضهم حديث ولا يصح عند آخرين، أو اختلافهم في دلالة النص وفهمه بعد سلوك طريق الفهم الصحيح، “كما أن مجالات الشريعة قابلة للأنظار ومجال للظنون، وقد ثبت عند النظار أن النظريات لا يمكن الاتفاق فيها فالنظريات عريقة في إمكان الاختلاف فيها”( ) .
  “ومن جعل كل مجتهد في طاعة أخطأ في بعض الأمور مذموماً معيباً ممقوتاً فهو مخطئ ضال مبتدع”( ) .
المبحث الخامس
الأسباب المعينة للزوم الجماعة والائتلاف
   وفي ختام هذه المباحث يحسن التنويه إلى أهم الأسباب والمعالم المساعدة والمعينة للزوم الجماعة والائتلاف في الأمة، وخاصة بعد عرض بعض من الأسباب المؤدية إلى خلاف الأمة، وأبرزها في نظري ما يأتي:
الأول: النظر فيما هو متفق عليه: 
وإعطاؤه مساحة أكبر من الخلاف “لننظر إلى اتفاقنا حول أصول الإسلام، وأركان الإيمان، والقبلة الواحدة، وحجية القرآن والسنة، وحب الصحابة وإجلالهم، وتحريم المحرمات الظاهرة واعتقاد حرمتها، وإلى غير ذلك كثير…”. 
الثاني: النظر إلى العدو المتربص الشامت: 
بكل فصائلهم وأجنحتهم ومذاهبهم، ولربما وقف العلمانيون مع النصارى لحرب الإسلام والمسلمين، فأين أهل القبلة وأصحاب الملة والشرعة القويمة؟ وإن العدو يفرح بعداء بعضنا لبعض؛ لأنه بذلك يرتاح من توجيه سهامنا له، ولأنه يفرح بتمزيقنا وحالقة ديننا، وعندها فلا نقف ضد المد الإلحادي، ولا الانحراف العقدي، والعبث الأخلاقي. 
الثالث: الدعائم الأخلاقية: 
في تقديري أهم ما يدفع الائتلاف للأمام مع العلم وبعد النظر وتلمح العواقب هو رعاية الأخلاق والتجرد واكتساب الخلق مع المعرفة. وتفصيل ذلك في الآتي: 
(أ) الإخلاص والتجرد من حظوظ النفس: 
وعلينا أن نعلم، أيها الإخوة، أننا إن أردنا وحدة إسلامية حقيقية علينا أن نتعامل معها ومع بعضنا بصفاء وشفافية، لأن بعض الناس ينادي إلى وحدة إسلامية فإذا بادر غيره من الجماعات أو الأفراد لذلك تجده لا يستجيب، بل قد يترك من هم أقرب إليه في الأصول والمصادر ويتفق مع من هم أبعد منه، وهذا قد يولد حساسية وتشككاً حول مصداقية هذه الوحدة الإسلامية. 
(ب) البعد عن التعصب المهلك: 
   ولقد كان من أخلاق السلف تمني جريان الحق على قلب ولسان خصومهم، وكما أنهم ما كانوا ينظرون إلى القائل إنما ينظرون إلى القول. وتأمل كلام الشيخ الشنقيطي- رحمه الله- في أضواء البيان: “إننا ننظر إلى ذات القول لا إلى قائله، لأن كل كلام فيه مقبول ومردود،إلا كلامه صلى الله عليه وسلم، ومعلوم أن الحق حق ولو كان قائله حقيراً”( ).
ومن البعد عن التعصب الاعتراف بالخطأ، وذلك له أثر فاعل في تقريب وجهات النظر، وإعطاء الآخر شعوراً بالصدق والتجرد وطلب الحق. 
)ج) إحسان الظن:     
من أكبر الدعائم الأخلاقية في الائتلاف بين المسلمين إحسان الظن، الذي يؤدي إلى احتمال اجتهاد الآخرين، وتقبل آرائهم، بعيداً عن الطعن في النوايا، والحديث عن المقاصد، وهذه آفة العمل الإسلامي والدعوي بين الفصائل المختلفة، بل أحياناً إذا وقع الخلاف داخل فصيل واحد يتضخم ويكبر بسبب سوء الظن، فقد يكون الخلاف اجتهادياً وتقديرياً، ولكن سوء الظن يصوره أنه خلاف كبير، والغرض منه تدمير الدعوة أو هدم الإسلام، أو أنه مرتبط بجهات مشبوهة، إلى غير ذلك من المطاعن والملاعن القائمة على سوء الظن عياذاً بالله تعالى. ومن تأمل في منهج القرآن في تربية المجتمع المسلم يجد الحث على حسن الظن في قوله تعالى:( لَوْلَا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ ظَنَّ الْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بِأَنْفُسِهِمْ خَيْرًا وَقَالُوا هَذَا إِفْكٌ مُبِينٌ)( ) . 
وقوله في الحجرات: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ) ( ). وقوله- صلى الله عليه وسلم-: (إياكم والظن فإن الظن أكذب الحديث) ( ) .
  ومن المعالم التربوية المهمة في هذه القضية لما بركت القصواء في طريقها إلى مكة قال عنها الصـحابة- رضوان الله عليهم-: خلأت، فقال النبي- صلى الله عليه وسلم-:” ما خلأت القصواء، وما ذاك لها خلق، ولكن حبسها حابس الفيل”( ).
   قال ابن حجر- رحمه الله-: “وفيه جواز الحكم على الشئ بما عرف من عادته، وإن جاز أن يطرأ عليه غيره، فإذا وقع من شخص هفوة لا يعهد منه مثلها لا ينسب إليها، ويرد على من نسبه إليها”( )، لقد دافع النبي- صلى الله عليه وسلم- عن القصواء بما عرف عنها من خلق قديم أفلا نلتمس العذر للدعاة والفضلاء؟ 
(د) عدم تصيد الأخطاء وتضخيمها: 
  وهذا نتيجة طبعية لسوء الظن، وإن الأخطر من ذلك الفرح بالزلة، لتُملأ الدنيا بها ضجيجاً، مع الترصد وهذا هو الذي يفضي إلى تضخيم الأخطاء. “وأما البحث عن الهفوات وتصيدها فذنوب مضافة أخرى، والرسوخ في الإنصاف بحاجة إلى قدر كبير من خلق رفيع ودين متين”( ) . 
الرابع: إنصاف أهل القبلة: 
وذلك بالدعاء لهم، وحبهم بالجملة، والشفقة عليهم إذا أخطأوا، وأخذهم بالظاهر، كما أن الأصل فيهم السلامة:” إني لم أؤمر أن أنقب قلوب الناس، ولا لأشق بطونهم” ( ).   
 كما أن إنصاف المسلمين يكون بسلامة الصدر تجاههم، وصيانة القلوب من الغل والغش والحسد والبغضاء تجاههم جميعاً. ومن الإنصاف المطلوب إغفال هفوات من غلب خيره على شره مع إعمال فقه النصيحة. 
الخامس: التوازن والتوسط في الأمور: 
التوازن في الحب، والتوازن في البغض، يساعد على الائتلاف؛ لأنه إعمال لقاعدة: أن الجماعة أو الطائفة والرجل قد يجتمع فيهم الخير والشر وموجبات الحب وموجبات البغض، فيكون الحب بقدر ما فيهم من طاعة، ويبغضوا بقدر ما فيهم من معصية. كما أن التوازن يساعد على النظر الصحيح في تقويم الأخطاء بدون تهوين ولا تهويل، والتوازن في الأمور يجعل المسلم يقبل الحق من الحبيب ومن البغيض، والتوازن في الأمور يجعل عند المسلم القابلية والمرونة في التعامل مع المخالف له في باب التعاون عـلى الـبر التقوى.
الخاتمة
    الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات، والصلاة والسلام على نبي الرحمة الذي كانت بعثته خيراً للعالمين، وعلى من سار على نهجه، واستن بسنته، واقتفى أثره إلى يوم الدين، أما بعد:
فمن نعم الله تعالى عليّ أن يسّر لي إتمام هذا البحث المعنون ب” الجماعة والائتلاف مطلب شرعي”، وأسأله- سبحانه وتعالى- أن يجعل أعمالنا خالصة لوجهه الكريم، وسأعرض هنا أهم النتائج التي اشتمل عليها هذا البحث، وهي على النحو التالي:
1 – أن الجماعة في الإسلام تطلق على مفهومين:
المفهوم الأول: الجماعة الصغرى: وهي جماعة الصلاة أو الجماعة التي تنعقد بهم الصلاة، وتسمى صلاة الجماعة؛ وهي الجماعة الصغرى .
المفهوم الثاني: الجماعة الكبرى:وهي التي ينتظم فيها أفراد الأمة الإسلامية إذا كانت مجتمعة، أو أفراد البلد الواحد فيما سوى ذلك، وهم مأمورون بالقيام بحقوقها وأداء واجباتها والانتظام فيها .
2 – أن المراد الشرعي بالجماعة: هي القوم الذين يجتمعون على الاستمساك بالكتاب والسنة، ويؤثرون كلام الله تعالى على كلام كل أحد، ويقدمون هدي رسوله- صلى الله عليه وسلم- على هدي كل أحد.
3- أن الجماعة ضرورة متحتمة، وأمر لازم؛ لأنه من المعروف أن الإنسان يوصف بالحرث والهم، وله إرادة، ويحب ويبغض، وهذه الأمور لا يحققها الإنسان لوحده بل لا بد له ممن يعينه على أدائها وتحقيقها .
4 – أن الجماعة على الإسلام، إثبات لهوية المجتمع الإسلامي، وعدمها عدم لهوية المجتمع الإسلامي .
5- أن لزوم جماعة المسلمين واجب شرعي دل عليه الكتاب والسنة والعقل .
6- أن أسباب الخلاف والفرقة ترجع إلى سبب واحد في الغالب، وهو عدم الأخذ بالشريعة كلها علماً وفهماً وعملاً .
7- وختمت تلك المباحث بذكر أهم الأسباب والمعالم المساعدة والمعينة للزوم الجماعة والائتلاف في الأمة .
  والله أسأل أن يوفقنا للعلم النافع، والعمل الصالح، والقول السديد، وأن يهدينا إلى الصواب، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين .
فهرس المصادر والمراجع
1-القرآن الكريم .
2-(صحيح البخاري) الجامع المسند الصحيح المختصر من أمور رسول الله صلى الله عليه وسلم وسننه وأيامه، المؤلف : أبو عبد الله محمد بن إسماعيل بن إبراهيم بن المغيرة الجعفي البخاري، المحقق : محمد زهير بن ناصر الناصر، الناشر : دار طوق النجاة،الطبعة : الأولى 1422هـ.
 3-صحيح مسلم، للإمام مسلم بن الحجاج أبو الحسين القشيري النيسابوري، تحقيق: محمد فؤاد عبد الباقي، دار إحياء التراث العربي،بيروت.
4-سنن أبي داود، المؤلف : سليمان بن الأشعث أبو داود السجستاني الأزدي، تحقيق : محمد محيي الدين عبد الحميد، الناشر : دار الفكر .  
5-الجامع الصحيح سنن الترمذي، المؤلف : محمد بن عيسى أبو عيسى الترمذي السلمي، تحقيق : أحمد محمد شاكر وآخرون، الناشر : دار إحياء التراث العربي – بيروت.
6-سنن ابن ماجه، المؤلف : محمد بن يزيد أبو عبدالله القزويني، تحقيق : محمد فؤاد عبد الباقي، الناشر : دار الفكر – بيروت .
7-مسند الإمام أحمد بن حنبل، المؤلف : أحمد بن حنبل، المحقق : شعيب الأرنؤوط وآخرون
الناشر : مؤسسة الرسالة، الطبعة : الثانية 1420هـ ، 1999م
8-الطبقات الكبرى، المؤلف :  محمد بن سعد بن منيع أبو عبدالله البصري الزهري، المحقق: إحسان عباس، الناشر : دار صادر – بيروت، الطبعة : 1 -  1968 م.
9- فتح الباري شرح صحيح البخاري
المؤلف : أحمد بن علي بن حجر أبو الفضل العسقلاني الشافعي
 الناشر : دار المعرفة – بيروت ، 1379
10- شرح النووي على مسلم: المنهاج شرح صحيح مسلم بن الحجاج
المؤلف : أبو زكريا يحيى بن شرف بن مري النووي
الناشر : دار إحياء التراث العربي – بيروت
الطبعة الطبعة الثانية ، 1392
11- سنن البيهقي الكبرى، المؤلف : أحمد بن الحسين بن علي بن موسى أبو بكر البيهقي
الناشر : مكتبة دار الباز – مكة المكرمة ، 1414 – 1994
تحقيق : محمد عبد القادر عطا
12- شعب الإيمان، المؤلف : أحمد بن الحسين بن علي بن موسى الخُسْرَوْجِردي الخراساني، أبو بكر البيهقي (المتوفى : 458هـ)، حققه وراجع نصوصه وخرج أحاديثه : الدكتور عبد العلي عبد الحميد حامدأشرف على تحقيقه وتخريج أحاديثه : مختار أحمد الندوي ، صاحب الدار السلفية ببومباي – الهند، الناشر : مكتبة الرشد للنشر والتوزيع بالرياض بالتعاون مع الدار السلفية ببومباي بالهند
الطبعة : الأولى ، 1423 هـ – 2003 م
13- سنن الدارمي، المؤلف : عبدالله بن عبدالرحمن أبو محمد الدارمي
الناشر : دار الكتاب العربي – بيروت، الطبعة الأولى ، 1407
تحقيق : فواز أحمد زمرلي , خالد السبع العلمي
14- مسائل الجاهلية ، ضمن مجموعة التوحيد النجدية ، ط السلفية ، القاهرة
15- أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن
المؤلف : محمد الأمين بن محمد المختار بن عبد القادر الجكني الشنقيطي (المتوفى : 1393هـ)
الناشر : دار الفكر للطباعة و النشر و التوزيع بيروت – لبنان، الطبعة : 1415 هـ- 1995مـ
16- الفتاوى الكبرى، المؤلف : أحمد بن عبد الحليم بن تيمية الحراني أبو العباس
الناشر : دار المعرفة – بيروت، الطبعة الأولى ، 1386
تحقيق : حسنين محمد مخلوف .
17- الصواعق المرسلة على الجهمية والمعطلة، المؤلف : محمد بن أبي بكر أيوب الزرعي أبو عبد الله
الناشر : دار العاصمة – الرياض، الطبعة الثالثة ، 1418 – 1998
تحقيق : د. علي بن محمد الدخيل الله
18- الاعتصام ـ للشاطبى، المؤلف : أبو إسحاق الشاطبي
دار النشر : المكتبة التجارية الكبرى – مصر
19- الرسالة،  تأليف: محمد بن ادريس الشافعي
دراسة وتحقيق: أحمد شاكر    
الناشر: مكتبه الحلبي، مصر
الأولى، 1358هـ/1940م
20- تفسير القرآن العظيم، المؤلف : أبو الفداء إسماعيل بن عمر بن كثير القرشي الدمشقي (المتوفى : 774هـ) المحقق : محمود حسن، الناشر : دار الفكر، الطبعة : الطبعة الجديدة 1414هـ/1994م
21- جامع البيان في تأويل القرآن، المؤلف : محمد بن جرير بن يزيد بن كثير بن غالب الآملي، أبو جعفر الطبري، [ 224 - 310 هـ ]، المحقق : أحمد محمد شاكر
الناشر : مؤسسة الرسالة، الطبعة : الأولى ، 1420 هـ – 2000 م
22- مفهوم الجماعة والإمامة، ووجوب لزومهما وحرمة الخروج عليهما في ضوء الكتاب والسنة ومنهج السلف الصالح، أ.د. سليمان بن عبد الله أبا الخيل .
الناشر: مطبعة الحميضي بالرياض، العام 1428هـ .


رابط الموضوع : http://www.assakina.com/taseel/5091.html#ixzz2vfIxs8p1

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق