الثلاثاء، 11 مارس 2014

قتال أهل البغي

قتال أهل البغي

موقع السكينة

من هم أهل البغي ؟
- أهل البغي هم طائفة من الناس جمعت بين ثلاثة أمور :
1- التمرد على سلطة الدولة بالامتناع عن أداء الحقوق، وطاعة القوانين.
2- وجود قوة يتمتع بها البغاة تمكنهم من السيطرة.
3- الخروج ويقصد به الثورة المسلحة ، أو تأليب الرأي العام وتأجيجه وإشاعة الفوضى، أو الحرب الأهلية، أو استخدام العنف في سبيل الوصول إلى تحقيق الأغراض السياسية.
وليس المراد بالخروج هنا حتمية ابتدائهم باستعمال السلاح ضد الدولة، فقد يكون بالمقاومة بالسلاح في حال قامت الدولة بمواجهتهم وإخضاعهم للنظام.
وجمهور الفقهاء يشترط لاعتبار الثائرين من أهل البغي وجود شبهة شرعية، أي: تأويل سائغ ، ولو كان ضعيفا، يعتمدون عليه في إشعال الثورة، وبعضهم لا يشترط ذلك فيعتبرون الخارجين من أجل السيطرة على الحكم ، بدون تأويل أو شبهة من البغاة أيضا .
ويمثّلون للخارجين على أساس تأويل وشبهة بالخارجين على علي بن أبي طالب من أهل الجمل وصفين حيث زعموا أنه يعرف قتلة عثمان ويقدر عليهم ولا يقتص منهم لمواطأته إياهم. 
ويمثلون للخارجين من أجل الدنيا كالسيطرة على الحكم بخروج مروان بن الحكم في الشام على عبد الله بن الزبير بعدما تمت البيعة لابن الزبير في العراق ومصر والحجاز، قسم كبير من أهل الشام. 
- ما هو الواجب في معاملة البغاة؟
يقول الإمام الشافعي في الأم: في مناسبة قتال أبي بكر رضي الله عنه لمانعي الزكاة شحاً على أموالهم، أو بشبهة أنه لا يحب دفعها إلا لمن صلاته سكن لهم، وهو الرسول صلى الله عليه وسلم وقد توفي ، فلا يلزمهم دفعها لأبي بكر: يقول الشافعي:” من منع ما فرض الله عز وجل عليه فلم يقدر الإمام على أخذه منه، بامتناعه، قاتَلَه، وإن أتى على نفسه..فإن امتنع دون هذا، أو شيء منه بجماعة، وكان إذا قيل له أد هذا، قال لا أؤديه ولا أبدؤكم بقتال إلا تقاتلوني قوتل عليه، لأن هذا إنما يقاتل على ما منع من حق لزمه”. 
ويقول النووي:”ولا يقاتل – أي الإمام- حتى يبعث إليهم أمينا فطنا ناصحا، يسألهم ما ينقمون، فإذا ذكروا مظلمة أو شبهة أزالها، فإن أصروا أي: بعد إزالة الشبهة، أو لم يذكروا شبهة، بل خرجوا من أجل الدنيا كالسيطرة على الحكم مثلا نصحهم، ثم آذنهم بالقتال” 
ويقول الكاسائي في حق البغاة: “ويجب على كل من دعاه الإمام إلى قتالهم أن يجيبه إلى ذلك، ولا يسعه التخلف إذا كان من عنده غناء وقدرة، لأن طاعة الإمام فيما ليس بمعصية فرض، فكيف فيما هو طاعة”. 
وجاء في تفسير القرطبي:”.. في هذه الآية (أي : آية –وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا-) جليل على وجوب قتال الفئة الباغية المعلوم بغيها على الإمام أو على أحد من المسلمين، وعلى فساد قول من منع من قتال المؤمنين.. ثم يقول: وهو فرض على الكفاية إذا قام به البعض سقط عن الباقين ، ولذلك تخلف قوم من الصحابة رضي الله عنهم عن هذه المقامات كسعد بن أبي وقاص، وعبد الله بن عمر، ومحمد بن مسلمة، وغيرهم، وصوب ذلك علي بن أبي طالب لهم، واعتذر إليه كل واحد منهم بعذر قبله منه”. 
كيفية قتال البغاة:
يقول الإمام ابن قدامة : ولا يقاتل البغاة بما يعم إتلافه‏,‏ كالنار والمنجنيق والتغريق‏,‏ من غير ضرورة لأنه لا يجوز قتل من لا يقاتل وما يعم إتلافه يقع على من يقاتل ومن لا يقاتل فإن دعت إلى ذلك ضرورة مثل أن يحتاط بهم البغاة‏,‏ ولا يمكنهم التخلص إلا برميهم بما يعم إتلافه جاز ذلك وهذا قول الشافعي وقال أبو حنيفة‏:‏ إذا تحصن الخوارج فاحتاج الإمام إلى رميهم بالمنجنيق‏,‏ فعل ذلك بهم ما كان لهم عسكر وما لم ينهزموا وإن رماهم البغاة بالمنجنيق والنار‏,‏ جاز رميهم بمثله‏.‏
حكم قتيل البغاة: 
اختلف العلماء -رحمهم الله- فيمن قُتل من أهل العدل في معركة البغاة. 
قال ابن رشد: «وسبب اختلافهم هو هل الموجب لرفع حكم الغسل هي الشهادة مطلقًا أو الشهادة على أيدي الكفار؟ فمن رأى أن سبب ذلك هو الشهادة مطلقًا، قال: لا يغسل كل من نص عليه النبي  أنه شهيد ممن قتل»  وكان اختلافهم على قولين: 
القول الأول: 
أن من قتله أهل البغي كمن قتله أهل الحرب، فيأخذ الأحكام الخاصة بالشهيد، وهذا مذهب الحنفية، والحنابلة، وقول عند الشافعية. واستدل أصحاب هذا القول بما يلي:
1- قول عمار بن ياسر -رضي الله عنهما-: «ادفنوني في ثيابي فإني مخاصم» . 
وكان قد استشهد بصفين تحت راية علي رضي الله عنه، فكان قتيل أهل البغي . 
2- قول زيد بن صوحان رضي الله عنه: «لا تغسلو عني دمًا، ولا تنزعوا عني ثوبًا إلا الخفين…»  
وقتل زيد بن صوحان يوم الجمل مع علي رضي الله عنه.
قال الإمام أحمد: 
«قد أوصى أصحاب الجمل: إنا مستشهدون غدًا، فلا تنزعوا عنا ثوبًا، ولا تغسلوا عنا دما»  
3- أن عثمان بن عفان رضي الله عنه دفن في ثيابه بدمائه ولم يغُسل.
4- ولأنه قُتل في حرب، وهو يدافع عن الحق، ويناصر الدين، وقاتله على الباطل، فكان قتله ظلمًا بغير حق، فيكون في معنى شهداء أحد، ولأنه لم يخلف بدلاً هو مال، لأن وجوب القصاص في قتل الباغي ممنوع، وعليه إجماع الصحابة أن كل دم أريق بتأويل فهو باطل. 
القول الثاني: 
أن من قتله أهل البغي يكون كسائر الموتى، ولا يأخذ حكم شهيد المعركة مع الكفار. وهذا مذهب المالكية، والشافعية في الأظهر، ورواية عن أحمد، ومذهب الظاهرية.
واستدل أصحاب هذا القول بما يلي:
1- في حديث جابر بن عبد الله -رضي الله عنهما- أنه ذكر قتلى أحد، وقال: «إن النبي  أمر بدفن قتلى أحد في دمائهم ولم يغسلهم، ولم يصل عليهم».
وجه الدلالة: أن هؤلاء خرجوا عن أمر النبي  بالكفن والغسل، والصلاة، وبقي سائر من قتله مسلم أو باغ أو محارب على حكم سائر الموتى. 
2- عن ابن أبي مليكة قال: «دخلت على أسماء بنت أبي بكر الصديق بعد قتل عبد الله بن الزبير، قال: وجاء كتاب عبد الملك أن يدفع إلى أهله، فأتيت به أسماء من الخشبة، فغسلته وكفنته وحنطته ثم دفنته» . 
ووجه الدلالة: أن عبد الله بن الزبير  قتل مظلومًا على يد البغاة، وقد فعلت به أمه -رضي الله عنها- ما يفعل بسائر الموتى.
3- أن المقتول من أهل العدل في حرب البغاة معناه غير معنى من قتله المشركون، ألا ترى أنه ليس لنا اتباعهم كما يكون لنا اتباع المشركين . 
4- أن الأصل في كل مسلم أن يغسل ويكفن ويصلى عليه، إلا من خصه نص أو إجماع، ولا نص، ولا إجماع، إلا فيمن قتله الكفار في المعترك ومات في مصرعه- فهؤلاء هم الذين أمر رسول الله  أن يزملوا بدمائهم في ثيابهم، ويدفنوا كما هم دون غسل ولا تكفين -ولا يجب فرضًا عليهم صلاة، فبقي سائر الشهداء والموتى، على حكم الإسلام في الغسل والتكفين والصلاة . 
القول الراجح: 
يظهر من استعراض الأقوال السابقة أن الراجح في هذه المسألة –والله أعلم- هو القول الأول أن من قتله أهل البغي كمن قتله أهل الحرب، فيأخذ الأحكام الخاصة بالشهيد ، لأن الله تعالى كما أمر بقتال المشركين أمر بقتال البغاة في قوله تعالى: ﴿وَإِن طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِن بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ﴾  . 
فكان قتالهم امتثالاً لأمر الله تعالى، فكان جهادًا. قال الصنعاني في تعريف الجهاد: «بذل الجهد في قتال الكفار أو البغاة» 
وجاء في السنة بيان أن المقتول بيد البغاة من خيرة القتلى، وأن قتله شهادة من أفضل الشهادات.
حتى قال أبو سعيد الخدري رضي الله عنه: إن قتالهم -أي الخوارج- عندي أجل من قتال عدتهم من الترك.


رابط الموضوع : http://www.assakina.com/taseel/4955.html#ixzz2vfPcSnji

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق