الأحد، 9 مارس 2014

سلسلة مناقشة الشبهات – 5 – شبهة تكفير الحاكم تعيينًا (الجزء الثالث)

سلسلة مناقشة الشبهات – 5 – شبهة تكفير الحاكم تعيينًا (الجزء الثالث)

لقد كان حديثنا في المقالتين السابقتين متوجها إلى رد أبي بصير وقمنا بفضل الله تعالى بتفنيد كلامه ورددنا عليه في ثمانية مقاطع وفي هذه المقالة سنقوم بالرد على شبهة تكفير الحاكم وردها ردا مفصلا معتمدا في ذلك على ما تقرر لدى علمائنا من خلال أربعة امور:
لقد تخلل ردود بعض الجوانب في عرض الفحوى، وهنا سوف نرد ردًا مفصلا على شبهة تكفير الحاكم من خلال الأمور التالية:
الأمر الأول: إن كانت الحدود تُدرأُ بالشبهات، فإن الكفر يدرأ بها من باب أولى، وذلك للأسباب الآتية:
1- أن الأصل بقاء المسلم على إسلامه حتّى يقوم الدّليل على خلاف ذلك، لما ثبت عن النّبيّ ‏صلى الله عليه وسلم‏ أنّه قال: “من صلّى صلاتنا، واستقبل قبلتنا، وأكل ذبيحتنا فهو المسلم، له ما لنا وعليه ما علينا”
2- أن يترك هذا الأمر للعلماء المتخصصين – تعليق السكينة : ( تكفير المعين من اختصاص القضاء لما يترتب عليه من حدود وأحكام – ؛ فإن لديهم دواعي الحذر من الوقوع تحت طائلة ما روي عن ابن عمر رضي الله عنه، ورفعه إلى رسول الله ‏صلى الله عليه وسلم‏ من قوله: “إذا قال الرّجل لأخيه يا كافر فقد باء به أحدهما، فإن كان كما قال، وإلا رجعت عليه”(1).
وما روي أيضا عن أبي ذرّ رضي الله عنه أنّه سمع رسول اللّه ‏صلى الله عليه وسلم ‏ يقول: “من دعا رجلا بالكفر، أو قال: عدوّ اللّه، وليس كذلك إلا جار عليه”
3- لأن الأحرى أن يحمل كلام المسلم دائما على محمل حسن، والحاكم المسلم يُحْمل ما يقوم به على محمل حسن خير لنا من حمله على الكفر، بأن لا نشك في اعتقاده، فمن الممكن أن يكون من أهل التأويل، أو أن العلماء يؤولون له، أو أنه يعتقد ولا ينكر أمرًا من أمور الشرع ولكن ترك التنفيذ، أو أن حاشيته تضلله، نلتمس له الأعذار خيرًا من تكفيره حتى نسلم من قوله ‏صلى الله عليه وسلم  في الحديث: “وإلا رجعت عليه”.
الأمر الثاني: إن قام الدليل من القرآن، كما فهم الغلاة، على كفر من لم يحكم بما أنزل الله من نحو قول الله عز وجل: ﴿وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ﴾ فإن هذا الدليل نفسه على عمومه قائم على كفر المجتهد إذا حكم بالقياس أخذا بظاهر الآية وعمومها؛ لأن الحكم بالقياس حكم بغير ما أنزل الله(2).
وهذه الآية هي عمدة أدلة الغلاة في تكفير الحكام، ونحن ندافع عن حمل الآية ما لا تحتمله، فتكفير الحكام بموجب الآية أحد الوجوه المحتملة في الآية، وهذا الوجه لم يرض به إلا أهل الابتداع، قال ابن عبد البر: “وقد ضلت جماعة من أهل البدع من الخوارج والمعتزلة فاحتجوا في تكفير المذنبين من كتاب الله بآيات ليست على ظاهرها، ومنها هذه الآية”(3).
ونرى أن هذه الأدلة التي يحتج بها المبتدعون، وسار على نهجهم الغلاة، لها مفهوم عميق غير الذي ذهبوا إليه، فظاهرها يقتضي العموم، ولكن المعنى أو التفسير يحتاج إلى وقفة، حتى لا يحكم مسلم على المسلم، حاكما وغيره، بالكفر جزافًا مثله في ذلك كمثل الخوارج والمعتزلة، والعجب الادعاء بأنه من أهل السنة.
وقد ذكر المفسرون وجوهًا كثيرة في معنى الآية وكلها محتملة، ولا نحتكم في هذا المقام إلى ما قيل في القاعدة الأصولية: إن الدليل إذا تطرق إليه الاحتمال سقط به الاستدلال(4)؛ حتى لا يكون غلقًا لباب المناقشة في البدء، ولأن كل الاحتمالات ضعَّفها المفسرون بسبب عموم اللفظ وعدم اختصاصه باليهود والنصارى كما ذكر ذلك الرازي وأبو حيان في تفسيرهما(5).
الأمر الثالث: تفسير قوله تعالى: ﴿وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ﴾ ويأتي من خلال تفسير الآية ردٌّ واضح على استدلال الغلاة بها في تكفير الحكام، وقد فسرها أهل التفسير والحديث والكلام من أهل السنة والجماعة، وآثرنا أن نجمع تفسيراتهم للآية للدلالة على أن الغلاة خالفوا الإجماع.

(1) ما انتهى إليه أهل التفسير في الآية: 

فلهم في المراد بالآية أقوال:
القول الأول: أن هذه الآية نزلت في اليهود(6).
ونوقش هذا القول بأن الاعتبار بعموم اللفظ لا بخصوص السبب، وبأن قوله: ﴿وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ﴾ كلام أدخل فيه كلمة ﴿مَنْ﴾ في معرض الشرط فيكون للعموم، فتشمل اليهود وغيرهم.
وأجيب عنه: بأن المراد: ومن لم يحكم من هؤلاء، أي اليهود، الذين سبق ذكرهم ﴿بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ﴾، فتكون ﴿مَنْ﴾ بمعنى الذي، ويكون التقدير: واليهود الذين لم يحكموا بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون(7).
ورد على الإجابة بأن هذا التفسير ضعيف؛ لأن القول بأن “ومن لم يحكم بما أنزل الله” من الذين سبق ذكرهم يعتبر زيادة على النص القرآني وذلك غير جائز، وبأن ﴿مَنْ﴾ في معرض الشرط(8).
القول الثاني: قال عطاء: هو كفر دون كفر(9)، وقال طاوس: ليس بكفر ينقل عن الملة كمن يكفر بالله واليوم الآخر(10)، فالآية على كفر النعمة لا على كفر الدين.
ونوقش بأن هذا المعنى ضعيف؛ لأن لفظ الكفر إذا أطلق انصرف إلى الكفر في الدين، أي الكفر الاعتقادي(11).
وأجيب: بأن هذا المعنى يتقوى بما روي عن ابن عباس رضي الله عنه أنه قال في الآية: “ليس الكفر الذي تذهبون إليه، إنه ليس كفرًا ينقل عن الملة”(12) بمعنى أنه غيره أو دونه.
وأفادت هذه الروايات عن عطاء وطاوس وابن عباس رضي الله عنه أن الكفر الوارد في الآية مغاير للكفر المعروف الذي يخرج من الملة وتستحل به الدماء.
ورواية ابن عباس رضي الله عنه هي الأصل في هذا المعنى، ثم تلقاه عنه بعض التابعين وغيرهم من المفسرين.. فقد نقل ابن كثير رواية ابن أبي حاتم للأثر عن ابن عباس(13).
وروى الأثر ابن جرير الطبري عن ابن عباس بسند صحيح بلفظ: ﴿وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ﴾ قال: هي به كفر، وليس كفرا بالله وملائكته وكتبه ورسله(14).
ورواه أيضًا من طريق ابن أبي طلحة عن ابن عباس بلفظ: من جحد ما أنزل الله فقد كفر، ومن أقر به ولم يحكم فهو ظالم فاسق(15).
ويظهر من ذلك أن تفسير عطاء وطاووس للكفر في الآية(16) أصله أثر ابن عباس، وهو أثر صحيح كما هو واضح من التخريج.
القول الثالث: يرى بعض المفسرين أنه يجوز أن يكون المعنى: ومن لم يحكم بما أنزل الله فقد فعل فعلا يضاهي أفعال الكفار، ويشبه من أجل ذلك الكافرين(17). 
وقد ضعف هذا الرأي لأنه عدول عن الظاهر(18).
القول الرابع: يرى البعض أن قوله ﴿بِمَا أنزَلَ اللَّهُ﴾ صيغة عموم فقوله: ﴿وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ﴾ معناه: من أتى بضد حكم الله تعالى في كل ما أنزل الله فأولئك هم الكافرون، وهذا حق؛ لأن الكافر هو الذي أتى بضد حكم الله تعالى في كل ما أنزل الله، أما الفاسق فإنه لم يأتِ بضد حكم الله إلاّ في القليل، وهو العمل، أما في الاعتقاد والإقرار فهو موافق(19).
وقد ضعف هذا الرأي بأنه لو كانت هذه الآية وعيدًا مخصوصًا بمن خالف حكم الله تعالى في كل ما أنزل الله تعالى لم يتناول هذا الوعيد اليهود بسبب مخالفتهم حكم الله في الرجم، ولقد أجمع المفسرون على أن هذا الوعيد يتناول اليهود بسبب مخالفتهم حكم الله تعالى في واقعة الرجم، فيدل على سقوط هذا التفسير(20).
القول الخامس: قال عكرمة: قوله: ﴿وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ﴾ إنما يتناول من أنكر بقلبه وجحد بلسانه، أما من عرف بقلبه كونه حكم الله، وأقر بلسانه كونه حكم الله إلا أنه أتى بما يضاده فهو حاكم بما أنزل الله تعالى، ولكنه تارك له، فلا يلزم دخوله تحت هذه الآية(21). وهو قول السدي وابن عباس في رواية(22). 
ومثل هذا التفسير ما أورده أبو السعود فقال: ﴿وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ﴾ كائنًا من كان دون المخاطبين خاصة –وهم اليهود- فإنهم مندرجون فيه اندراجًا أوليًا؛ أي: من لم يحكم بذلك مستهينا به منكرًا له كما يقتضيه ما فعلوه من تحريف آيات الله تعالى اقتضاء بيِّنًا ﴿فَأُوْلَئِكَ﴾ إشارة إلى ﴿مَنْ﴾، والجمع باعتبار معناها كما أن الإفراد فيما سبق باعتبار لفظها ﴿هُمُ الْكَافِرُونَ﴾ لاستهانتهم به، ومثله في البيضاوي(23).
الترجيح بين التفاسير:
الراجح في تفسير الآية ما نقل عن عكرمة(24) والسدي وابن عباس(25) من روايات تفيد أن الإنكار بالقلب وجحود حكم الله ورفضه هو المعول عليه في التكفير.
وقد عبر المفسرون عن هذه الرأي الراجح بعبارات مختلفة:
قال ابن كثير: إن ابن جرير الطبري اختار: أن المراد بالآية أهل الكتاب أو من جحد حكم الله المنزل في الكتاب(26).
وفسر الرازي وأبو حيان ما رجحه ابن جرير فقالا: من عرف بقلبه كونه حكم الله وأقر بلسانه كونه حكم الله إلا أنه أتى بما يضاده فهو حاكم بما أنزل الله تعالى، ولكنه تارك له فلا يلزم دخوله تحت هذه الآية، وهذا هو الجواب الصحيح(27).
وهو ما رجحه البغوي في تفسيره فقال: وسئل عبد العزيز بن يحيى الكناني عن هذه الآيات فقال: إنها تقع على جميع ما أنزل الله لا على بعضه، وكل من لم يحكم بجميع ما أنزل الله فهو كافر ظالم فاسق، فأما من حكم بما أنزل الله من التوحيد وترك الشرك ثم لم يحكم ببعض ما أنزل الله من الشرائع لم يستوجب حكم هذه الآيات، وقال العلماء: هذا إذا ردَّ نص حكم الله عيانًا عمدًا، فأما من خفي عليه أو أخطأ في تأويل فلا(28).
ومعنى هذا التفسير أن الآية على ظاهرها تقع على كل ما أنزله الله عز وجل من عقائد وفرائض وحدود ومعاملات، فمن لم يعمل بالكل فأولئك هم الكافرون، أما من عمل البعض وترك البعض فلا يدخل تحت هذه الآية.
وقال مثله ابن الجوزي في التفسير، فقد قال بعد إيراده هذه الأقول: “وفصل الخطاب: أن من لم يحكم بما أنزل الله جاحدًا له وهو يعلم أن الله أنزله كما فعلت اليهود فهو كافر، ومن لم يحكم به ميلا إلى الهوى من غير جحود فهو ظالم وفاسق”، ومثله في البغوي(29).
ومما ترجح ندرك علامات الحاكم الذي يدخل تحت هذه الآية:
العلامة الأولى: جحد حكم الله المنزل في الكتاب صغيره وكبيره.
العلامة الثانية: إنكاره حكم الله بقلبه وعدم إقراره بلسانه.
العلامة الثالثة: عدم العمل بجملة ما نزّل الله من أحكام في العقائد والعبادات والمعاملات والحدود وغير ذلك، وهذا إذا حملنا الآية على ظاهرها. 
وما ترجح مع اختلاف في التعبير بين مفسر وآخر لا يحكم بالكفر على حكام المسلمين اليوم، ولا تُستحل به دماؤهم ودماء معاونيهم، فلا توجد في أي منهم إحدى العلامات الثلاث، وتأمل معي؛ فشريعة الله بجملتها من العقائد والعبادات والمعاملات والحدود والأخلاق وغير ذلك من أحكام الله المنزلة تطبق، عدا أجزاء لم يطبقها البعض وأتوا بأحكام أخرى غير منكرين لحكم الله عز وجل بل مقرين به، ولكن ربما كما قال المفسرون لأحد الأسباب الآتية:
1- خفي عليه.
2- أخطأ في التأويل(30). 
3- حكم بهواه، وقد وقع بذلك في كبيرة، وأهل السنة لا يكفرون مرتكب الكبيرة خلافا للخوارج(31)، وقال السمعاني في تفسيره: وأهل السنة قالوا: لا يكفر الحاكم بترك الحكم(32).
وأرى أن ما تقدم فيه إجماع من أهل التفسير أن الحاكم طالما أنه مصدِّق بحكم الله غير تارك له كله وإن ترك بعضه فهو من المسلمين، وتركه للحكم لا يجعله كافرًا ولا يخرجه من الملة.

(2) ما انتهى إليه أهل الحديث في الآية:

أن الآية ليست على ظاهرها كما قال ابن عبد البر، وشنع على الخوارج ووصفهم بأهل البدع الذين يكفرون المذنبين محتجين بهذه الآية، واحتج عليهم بظاهر الآية الكريمة: ﴿إِنَّ اللَّهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَاءُ﴾[النساء: 48](33).
وقال شمس الحق في عون المعبود: ﴿وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الكَافِرُونَ﴾، ﴿وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ﴾، ﴿وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الفَاسِقُونَ﴾ قال جماعة من المفسرين: إن الآيات الثلاث نزلت في الكفار ومن غير حكم الله من اليهود، لأن المسلم وإن ارتكب كبيرة لا يقال إنه كافر، وهذا قول ابن عباس وقتادة والضحاك(34).
ويؤيد هذا النقل ما روي عند مسلم في الصحيح قال: حدثنا يحيى بن يحيى وأبو بكر بن أبي شيبة كلاهما عن أبي معاوية قال يحيى: أخبرنا أبو معاوية عن الأعمش عن عبد الله بن مرة عن البراء بن عازب قال: مر على النبي ‏ صلى الله عليه وسلم ‏ بيهودي محممًا مجلودًا، فدعاهم ‏ صلى الله عليه وسلم ‏ فقال: “هكذا تجدون حد الزاني في كتابكم” قالوا: نعم، فدعا رجلا من علمائهم، فقال: “أنشدك بالله الذي أنزل التوراة على موسى، أهكذا تجدون حد الزاني في كتابكم” قال: لا، ولولا أنك نشدتني بهذا لم أخبرك، نجده الرجم، ولكنه كثر في أشرافنا فكنا إذا أخذنا الشريف تركناه، وإذا أخذنا الضعيف أقمنا عليه الحد، قلنا: تعالوا فلنجتمع على شيء نقيمه على الشريف والوضيع، فجعلنا التحميم والجلد مكان الرجم، فقال رسول الله ‏ صلى الله عليه وسلم “اللهم إني أول من أحيا أمرك إذ أماتوه”، فأمر به فرجم، فأنزل الله عز وجل ﴿يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ لاَ يَحْزُنكَ الَّذِينَ يُسَارِعُونَ فِي الكُفْرِ﴾ إلى قوله ﴿إِنْ أُوتِيتُمْ هَذَا فَخُذُوهُ﴾ [المائدة: 41]، يقول: ائتوا محمدًا ‏ صلى الله عليه وسلم فإن أمَرَكم بالتحميم والجلد فخذوه، وإن أفتاكم بالرجم فاحذروا، فأنزل الله تعالى: ﴿وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الكَافِرُونَ﴾، ﴿وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ﴾، ﴿وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الفَاسِقُونَ﴾ في الكفار كلها(35).
وقد ألمح إلى ذلك البيضاوي فجمع بين المفسرين والمحدثين فقال: ﴿فَأُوْلَئِكَ هُمُ الكَافِرُونَ﴾ لاستهانتهم به وتمردهم بأن حكموا بغيره، ولذلك وصفهم بقوله: ﴿الكَافِرُونَ﴾ و﴿الظَّالِمُونَ﴾، و﴿الفَاسِقُونَ﴾ فكُفْرهم لإنكاره، وظلمهم بالحكم على خلافه، وفسقهم بالخروج عنه(36).
وقد أحسن الطحاوي في (شرح مشكل الآثار) وهو يشرح وصف الله عز وجل للمسلمين بالكفر في قوله تعالى: ﴿وَكَيْفَ تَكْفُرُونَ وَأَنْتُمْ تُتْلَى عَلَيْكُمْ آيَاتُ اللَّهِ وَفِيكُمْ رَسُولُهُ وَمَن يَعْتَصِم بِاللَّهِ فَقَدْ هُدِيَ إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ﴾ [آل عمران: 101] فقال: عن ابن عباس قال: كان بين الأوس والخزرج شيء في الجاهلية فتذاكروا ما كان بينهم، فثار بعضهم إلى بعض بالسيوف، فأُتِي رسول الله صلى الله عليه وسلم فذُكِر ذلك له فذهب إليهم فنزلت هذه الآية، قال الطحاوي: فلم يكن بما كان منهم من القتال كفرًا بالله تعالى، ولكن كان على تغطيتهم ما كانوا عليه قبل ذلك من الألفة والأخوة، حتى إذا كان منهم ما كان منهم من ذلك، فسمي كفرًا لا يراد به الكفر بالله تعالى. أي: أن الكفر في الآية هو الكفر بمعناه اللغوي: الستر والتغطية.
ثم قال الطحاوي: ومثل ذلك ما قد روي عن ابن عباس في تأويله قوله تعالى: ﴿وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الكَافِرُونَ﴾ ثم رَوَى ما رُوِي عن ابن عباس من قوله: هي كفره وليس كمن كفر بالله تعالى واليوم الآخر، وفي رواية زاد: “وكتبه ورسله”، فذلك عندنا والله أعلم على مثل ما ذكرناه من مثله من هذا الباب(37). أي تغطية وستر حكم الله عز وجل بحكم الهوى أو الاجتهاد الخاطئ.
ومما تقدم نرى ما يأتي:
1- أن الآية ليست على ظاهرها كما قال ابن عبد البر، ويفهم منه أنه لا يحكم على تارك الحكم بما أنزل الله بالكفر من المسلمين لتصديقه بما أنزل الله.
2- حملها البعض على ظاهرها وقال عن الآية: إنها نزلت في الكفار ومن غير حكم الله من اليهود، ولا يدخل المسلم فيها لأن المسلم وإن ارتكب كبيرة لا يقال إنه كافر، وهذا قول ابن عباس وقتادة والضحاك، وقد نقل ذلك، قال شمس الحق: وأيد هذا الرأي برواية مسلم السالفة.
3- أن الكفر الوارد في الآية الكفر اللغوي بمعنى الستر والتغطية وليس الكفر بالله تعالى الذي تستحل به الدماء كما قال الطحاوي، وكما ورد في رواية ابن عباس عنده وعند المفسرين كما تقدم. 
ويأتي مما انتهى إليه المحدثون أن المسلم، وهو الحاكم وغيره، لا يكفر بتركه حكم الله فإنه لا يعدو مخالفة وكبيرة وتغطية لحكم الله بحكم آخر من الرأي والتأويل، وهم بذلك متفقون مع أهل التفسير.

(3) ما انتهى إليه أهل العقيدة والكلام في الآية:

قال أهل العقيدة: إن الشارع سمى بعض الذنوب كفرًا، وأوردوا هذه الآية وحديث: “سباب المسلم فسوق وقتاله كفر”، وبعض الأحاديث التي تشبهه في جعل بعض الذنوب كفرًا، مما احتج به الخوارج على تكفير مرتكب الكبيرة، وقد رد عليهم بأن:
أهل السنة متفقون كلهم على أن مرتكب الكبيرة لا يكفر كفرًا ينقل عن الملة بالكلية كما قالت الخوارج؛ إذ لو كفر كفرًا ينقل عن الملة لكان مرتدًا، يقتل على كل حال ولا يقبل عفوُ ولي القصاص، ويتم بذلك تعطيل الحدود في الزنا والسرقة وشرب الخمر، وهذا القول معلوم بطلانه وفساده بالضرورة من دين الإسلام(40).
كما أنه لم يرد أن حكام المسلمين كفارًا إذا تركوا الحكم بما أنزل الله(39).
وقال الشهرستاني ما مفهومه: إن الآية محمولة على كفر النعمة وهو كبيرة لا كفرًا مطلقًا، ولا حجة في التكفير أصلا لأن كفر النعمة ليس هو بملة ولا اسم لدين، فمن ادعى اسم دين وملة غير الإيمان المطلق والكفر المطلق فقد أتى بما لا دليل عليه(40). 
ورد عضد الدين الإيجي بأن المراد بالحاكم الكافر من لم يحكم بشيء مما أنزل الله أصلا(41).
وعلى ما تقدم نخلص إلى الآتي:
1- أن ترك الحكم بما أنزل الله كبيرة لا يكفر مرتكبها.
2- أن بعض المتكلمين حملوا الآية على كفر النعمة الذي لا يعد دينا أصلا، فلا دليل على أن كفر النعمة دين فالكفر المطلق أو الذي يقال عنه دين أو ملة، بل إن كفر النعمة كبيرة، ولا يكفر مرتكبه.
3- أن الكافر هو الذي لم يحكم بشيء مما أنزل الله أصلا في شريعته.
ونرى من هذا اتفاقًا بين المفسرين والمحدثين والمتكلمين على إخراج مرتكب الكبيرة، وهي ترك حكم الله إلى غيره ليس جحودًا مع التصديق به لا يكون سببا للتكفير، ويبطل قول من ذهب إلى تكفير الحكام مخالفًا بذلك الإجماع.
* * *
الأمر الرابع: أن التكفير مخالف لمنهج الإسلام الواضح في معاملة الحاكم وتحديد العلاقة بين الحاكم والمحكوم والتي من سماتها ما يأتي:
1- السمع والطاعة: ويراد بها التزام المجتمع المسلم بالسمع والطاعة لولاة الأمر من الحكام في غير معصية، لأن في هذا سكنا وهدوءا وانتظاما لأركان المجتمع، وأمانا واطمئنانا لأفراده.
وقد تضافرت النصوص القرآنية في التأكيد على هذا الحق للإمام أو ولي الأمر فقد قال الحق سبحانه وتعالى: ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَطِيعُواْ اللّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ ). ولقد حرص النبي ‏ صلى الله عليه وسلم على إرساء هذا المبدأ في قلوب الموحدين فقال: «على المرء المسلم السمع والطاعة فيما أحب وكره، إِلا أن يؤمر بمعصية» رواه الشيخان من حديث ابن عمر رضي الله عنهما(42). 
ولخطورة مقام الأمير وثقل المهمة الملقاة على عاتقه والتي على أثرها يصدر قراراته التي تفيد البلاد والعباد ولا تحتاج إلى من يشغب عليه في هذه القرارات لأنها متعلقة بمصائر الشعوب فقد قال النبي ‏ صلى الله عليه وسلم: “من أطاعني فقد أطاع الله، ومن عصاني فقد عصى الله، ومن يطع الأمير فقد أطاعني، ومن يعص الأمير فقد عصاني”(43).
وعن فضالة بن عبيد رضي الله عنه قال: قال رسول الله ‏ صلى الله عليه وسلم: «ثلاثة لا تسأل عنهم: رجل فارق الجماعة وعصى إمامه ومات عاصيا…» حديث صحيح رواه ابن أبي عاصم وابن حبان والحاكم.
والسمع والطاعة لولاة المسلمين من الحكام والأمراء والعلماء أمر مجمع على وجوبه عند أهل السنة والجماعة، وهو أصل من أصولهم التي باينوا بها أهل البدع والأهواء.
وقلّ أن ترى مؤلفًا في عقائد أهل السنة، إِلا وهو ينص على وجوب السمع والطاعة لولاة الأمر، وإِن جاروا وظلموا وإِن فسقوا وفجروا ما لم يأمروا بمعصية الله. والإجماع الذي انعقد عند أهل السنة والجماعة على وجوب السمع والطاعة لهم مبنيُّ على النصوص الشرعية الواضحة التي تواترت بذلك (44).
وقد نصح علماء الإسلام وبينوا فضيلة السمع والطاعة:
فيقول الحافظ ابن رجب رحمه الله: “وأما السمع والطاعة لولاة أمور المسلمين ففيها سعادة الدنيا، وبها تنتظم مصالحُ العباد في معايشهم، وبها يستعينون على إِظهار دينهم وطاعة ربهم”(45).
ويقول ابن تيمية: “فطاعة الله والرسول واجبة على كل أحد، وطاعة ولاة الأمور واجبة لأمر الله بطاعتهم، فمن أطاع الله ورسوله بطاعة ولاة الأمر فأجره على الله. ومن كان لا يطيعهم إِلا لما يأخذه من الولاية والمال، فإِن أعطوه أطاعهم وإِن منعوه عصاهم؛ فما له في الآخرة من خلاق”(46).
2- النهي عن سب الأمراء والصبر على جورهم: 
وهذا من منهج الإسلام في تحديد العلاقة بين الحاكم والمحكوم، وقد وردت في ذلك أحاديث ترد على المغالين في تكفيرهم والاشتغال بعيوب الحكام منها:
ما روي عن أنس رضي الله عنه قال: نهانا كبراؤنا من أصحاب محمد ‏ صلى الله عليه وسلم قالوا: قال رسول الله ‏ صلى الله عليه وسلم: «لا تسبوا أمراءكم ولا تغشوهم ولا تبغضوهم، واتقوا الله واصبروا فإن الأمر قريب» حديث صحيح رواه ابن أبي عاصم وصححه الألباني.
وما روي عن حذيفة بن اليمان رضي الله عنه قال: قال رسول الله ‏ صلى الله عليه وسلم: «يكون بعدي أئمة لا يهتدون بهدي ولا يستنون بسنتي، وسيقوم فيكم رجال قلوبهم قلوب الشياطين في جثمان إِنس» قلت: كيف أصنع إن أدركت ذلك ؟ قال: «تسمع وتطيع للأمير وإِن ضرب ظهرك وأخذ مالك» حديث صحيح رواه مسلم في صحيحه.
وما روي عن أم سلمة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله ‏ صلى الله عليه وسلم ‏: «سيكون بعدي أمراء فتعرفون و تنكرون، فمن أنكر فقد برئ ومن كره فقد سلم، ولكن من رضي وتابع» قالوا: أفلا ننابذهم بالسيف ؟ قال: «لا، ما أقاموا فيكم الصلاة» حديث صحيح رواه مسلم في صحيحه.
وما روي عن أبي بكرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله ‏ صلى الله عليه وسلم ‏: «السلطان ظل الله في الأرض، فمن أهانه أهانه الله، ومن أكرمه أكرمه الله» حديث صحيح رواه ابن أبي عاصم وأحمد والطيالسي والترمذي وابن ماجه.
وما روي عن عرفجة الأشجعي رضي الله عنه قال: قال رسول الله ‏ صلى الله عليه وسلم ‏: «من أتاكم وأمرُكم جميع على رجل واحد يريد أن يشق عصاكم ويفرق كلمتكم فاقتلوه» حديث صحيح رواه مسلم في صحيحه.
وما روي عن وائل بن حجر رضي الله عنه قال: «قلنا: يا رسول الله: أرأيت إِن كان علينا أمراء يمنعونا حقنا ويسألونا حقهم ؟ فقال: «اسمعوا و أطيعوا. فإِنما عليهم ما حملوا وعليكم ما حملتم» حديث صحيح رواه مسلم.
ووجه الدلالة في هذه الأحاديث والنصوص: أن سب الأمراء والاشتغال بمعاداتهم وذكر معايبهم خطيئة كبيرة نهى عنها الشرع المطهر، وذم فاعلها، وبيان أن هذا الفعل منهي فهو مذموم شرعًا، كما أن الفاعل مذموم شرعًا، وذلك لأن الوسيلة إذا حرمت فيكون القصد أيضًا محرمًا وعليه فإن كل نص في تحريم الخروج وذم أهله، هو دليل على تحريم السب وذم فاعله (47)، كما دلت النصوص على الصبر على الحكام وعدم التسرع في الحكم عليهم نظرا لخطورة مكانهم وموقعهم في الناس.
3- مبدأ النصيحة: 
من منهج الإسلام الحنيف الذي يرد على الغلاة: إسداء النصيحة للحكام، وإذا كانت النصيحة بين المسلمين بعضهم لبعض هي حق يقوم عليه الدين وذلك في حديث “الدين النصيحة” فإنها حق آكد للحكام؛ وذلك لما ينهض به الحاكم المسلم من جليل الأعمال وعظيم المهام، لذا فإنه يحتاج إلى الناصح الأمين والموجه المخلص، وهذا ما نراه في تمام حديث “الدين النصيحة”، فقيل لمن يا رسول ؟ قال:«لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم»(48) رواه مسلم من حديث تميم الداري رضي الله عنه .
وقد ورد في غير حديث هذا المعنى الذي يحث المسلمين على مناصحة ولاة الأمر؛ فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال ‏ صلى الله عليه وسلم: «إِن الله يرضى لكم ثلاثا؛ يرضى لكم أن تعبدوه ولا تشركوا به شيئا، وأن تعتصموا بحبل الله جميعًا ولا تفرقوا، وأن تناصحوا من ولاه اللهُ أمركم»(49).
وعن جبير بن مطعم رضي الله عنه أن النبي ‏ صلى الله عليه وسلم قال في خطبته بالخَيْف من منى: «ثلاث لا يُغِلُّ (50) عليهن قلبُ امرئ مسلم: إِخلاص العمل لله، ومناصحة ولاة الأمر، ولزوم جماعة المسلمين»(51).
ووجه الدلالة من الأحاديث: حث المسلم على أن يقوم بواجبه تجاه الحكام، وأن يشتغل بمناصحة الحكام، ولا يشتغل بما يعطل هذا المبدأ الذي عليه قوام الدين وتعتمد عليه سلامة المجتمعات(52).
ولا تفيد الأحاديث من قريب أو بعيد أن من أشكال المناصحة للحاكم تكفيره أو الوقوف في حرب ضده، أو الخروج عليه لبيان خطئه، وكل هذا فعل المغالين.
إن النصوص تؤكد على أن مفهوم المناصحة يحتاج إلى فقه هذه النصيحة بأن تكون بالحسنى، وبالصبر على الحاكم، وخفض له الجناح ولين الجانب حتى يعان على تحمل الأمور الصعاب التي عليها تقوم الدول والشعوب، لأن القصد من ذلك كله حفظ المجتمع كله من عواقب الاختلاف مع الحكام. إن الخلل في فهم النصيحة للحكام يثمر ما نراه اليوم من اضطراب في المجتمع، وظهور هذه الفرق التكفيرية التي هي أضر على الإسلام من أعدائه.
وقد تقرر من خلال ما تقدم من نصوص أن سمات منهج الإسلام في تحديد العلاقة بين الحاكم والمحكوم تتلخص فيما يلي:
1- طاعته والسمع له بالمعروف.
2- عدم الخروج عليه.
3- إرشاده إلى الحق بالحسنى، وإعانته عليه.
4- طي عيوبه ونشر محاسنه.
5- الذب عن عرضه.
6- الدعاء له بالتوفيق والصلاح.
وأختم هذا الموضع بما قاله الحافظ ابن حجر، فقد قال: “والنصيحة لأئمة المسلمين: إِعانتهم على ما حُمِّلوا القيام به، وتنبيهُهم عند الغفلة، وسدُّ خَلَّتهم عن الهفوة، وجمعُ الكلمة عليهم، وردُّ القلوب النافرة إِليهم، ومن أعظم نصيحتهم دفعُهم عن الظلم بالتي هي أحسن”(53).
وقريب منه مع بسط في العبارة ما قاله الشيخ عبد الرحمن بن سعدي -رحمه الله- فقد قال: “وأما النصيحة لأئمة المسلمين، وهم ولاتهم؛ من السلطان الأعظم، إِلى الأمير، إِلى القاضي، إِلى جميع من لهم ولاية صغيرة أو كبيرة، فهؤلاء لما كانت مهماتهم وواجباتهم أعظم من غيرهم، وجب لهم من النصيحة بحسب مراتبهم ومقاماتهم؛ وذلك باعتقاد إِمامتهم، والاعترافِ بولايتهم، ووجوبِ طاعتهم بالمعروف، وعدم الخروج عليهم، وحث الرعية على طاعتهم، ولزوم أمرهم الذي لا يخالف أمر الله ورسوله، وبذل ما يستطيع الإِنسان من نصيحتهم وتوضيح ما خفي عليهم مما يحتاجون إِليه في رعايتهم، كلُّ أحد بحسب حاله والدعاء لهم بالصلاح والتوفيق، فإن صلاحَهم صلاحٌ لرعيتهم. واجتناب سبِّهم والقدح فيهم وإِشاعة مثالبهم، فإِن في ذلك شرًا وضررا وفسادا كبيرا، فمن نصيحتهم الحذرُ والتحذيرُ من ذلك..
وعلى من رأى منهم ما لا يحل أن يُنبِّههم سرًا لا علنا، بلطف وعبارة تليقُ بالمقام ويحصل بها المقصود، فإِن هذا مطلوب في حق كل أحد، وبالأخص ولاةُ الأمور، فإن تنبيههم على هذا الوجه فيه خير كثير، وذلك علامة الصدق والإخلاص”(54). 
وقد اتضح بما تقدم غلو التكفيرين في تكفير الحكام وعدم فهمهم لظواهر النصوص، ومخالفتهم للإجماع، وللمنهج الإسلامي في التعامل مع الحكام.

————-
الهوامش:
(1) رواه البخاري حديث رقم: (6104)، ومسلم حديث رقم: (213).
(2) انظر: المحصول (5/144).
(3) انظر: التمهيد لابن عبد البر (17/16)، وانظر كذلك: التفسير الكبير (12/6)، وشرح المقاصد في علم الكلام (2/258)، ومعالم أصول الدين (1/135)، والفصل في الملل (3/128)، والمواقف (3/548)، ومقالات الإسلاميين (1/452).
(4) انظر: القواعد والفوائد الأصولية (1/235)، والبرهان في أصول الفقه (1/337)، وكتاب التقرير والتحبير (1/188)، والتمهيد (1/338).
(5) انظر: التفسير الكبير (12/6)، وتفسير البحر المحيط (3/505).
(6) انظر: التفسير الكبير (12/6)، وزاد المسير (2/366)، وفتح القدير (2/42)، وأحكام القرآن لابن العربي (2/127).
(7) انظر: أضواء البيان (1/406)، وتفسير القرطبي (6/190)، وإعراب القرآن (2/22).
(8) انظر: التفسير الكبير (12/6)، وتفسير البحر المحيط (3/505).
(9) رواه عن عطاء الطبري في تفسيره (6/256)، وابن أبي حاتم (4/1143، برقم: 6435)، والثوري (1/101)، وعبد الرزاق الصنعاني في تفسيره (1/191)، وانظر: تفسير ابن كثير (2/62)، وتفسير البغوي (2/41)، وأحكام القرآن للجصاص (4/93).
(10) نقله عن طاوس القرطبي في تفسيره (6/190)، وأحكام القرآن لابن العربي (2/127)، وابن كثير (2/62)، والفخر الرازي في التفسير الكبير (12/6)، والثعلبي (4/70).
(11) انظر: التفسير الكبير (12/6)، والبحر المحيط (3/505).
(12) رواه الحاكم في المستدرك على الصحيحين (2/342، رقم: 3219)، ووافقه الذهبي، ورواه أيضًا البيهقي في السنن الكبرى (10/207، رقم: 20688).
(13) انظر: تفسير ابن كثير (2/62).
(14) أخرجه ابن جرير في التفسير (10/355).
(15) أخرجه ابن جرير في التفسير (10/355).
(16) انظر روايتهما في تفسير ابن جرير (10/355).
(17) انظر: تفسير القرطبي (6/190)، وأضواء البيان (1/406) وذكراه من رواية ابن عباس، وكذا التفسير الكبير (12/6)، والبحر المحيط (3/505) وذكراه من قول ابن الأنباري. 
(18) انظر: التفسير الكبير (12/6)، والبحر المحيط (3/505).
(19) المرجعان السابقان.
(20) المرجعان السابقان.
(21) المرجعان السابقان.
(22) انظر: تفسير ابن كثير (2/62).
(23) انظر: تفسير أبي السعود (3/42)، وتفسير البيضاوي (2/328).
(24) انظر: المرجعان السابقان.
(25) انظر: تفسير ابن كثير (2/62).
(26) انظر: المرجع السابق.
(27) انظر: التفسير الكبير (12/6)، والبحر المحيط (3/505).
(28) انظر: البغوي (2/41).
(29) انظر: زاد المسير (2/366)، والبغوي (2/41).
(30) انظر: البغوي (2/41).
(31) انظر: فتح القدير (2/42).
(32) انظر: تفسير السمعاني (2/42).
(33) انظر: التمهيد لابن عبد البر (17/16).
(34) انظر: عون المعبود (9/356).
(35) انظر: صحيح مسلم (3/1327، رقم: 1700).
(36) انظر: تفسير البيضاوي (2/328).
(37) انظر: شرح مشكل الآثار (2/316) وما بعدها.
(38) انظر: شرح العقيدة الطحاوية (1/359).
(39) انظر: تمهيد الأوائل وتلخيص الدلائل (1/408).
(40) انظر: الفصل في الملل (3/129).
(41) انظر: المواقف (3/549).
(42) متفق عليه، أخرجه البخاري في صحيحه (3/329، رقم: 7144)، ومسلم في صحيحه (3/1469، رقم: 1839).
(43) متفق عليه، أخرجه البخاري في صحيحه (2/347، رقم: 2957)، ومسلم في صحيحه (3/1466، رقم: 1835).
(44) انظر: معاملة الحكام في ضوء الكتاب والسنة: ص 75.
(45) انظر: جامع العلوم والحكم (2/ 117).
(46) انظر: مجموع الفتاوى (35/ 16، 17).
(47) انظر: معاملة الحكام في ضوء الكتاب والسنة: ص 87.
(48) أخرجه مسلم (1/74، رقم: 55)، والمروزي في تعظيم قدر الصلاة (2/681).
(49) رواه مالك في الموطأ (2/990)، وأحمد في المسند (2/327)، وابن حبان في الصحيح (8/182، 183 وإسناده صحيح.
(50) قال ابن الأثير (لا يُغِلُّ) من الإِغلال، وهو الخيانة في كل شيء. ويروى: (يَغِلُّ) بفتح الياء، من الغِلِّ، وهو الحقد والشحناء، أي: لا يدخله حقد يزيله عن الحق. وروي (يَغِلُ) بتخفيف اللام، من الوغول: الدخول إلى الشر. والمعنى: أن هذه الخلال الثلاث تُستصلح بها القلوب، من تمسك بها طهر قلبه من الخيانة والدَّغَـل والشر. انظر: النهاية لابن الأثير (3/381).
(51) رواه الإمام أحمد في المسند (4/80،82) وسنده جيد، كما قال الساعاتي في بلوغ الأماني (6/165): وله شاهد من حديث زيد بن ثابت رضي الله عنه عند ابن حبان (1/270- الإحسان) (67) وسنده صحيح.
(23) انظر: مجموع الفتاوى (35/ 5، 6، 9، 10).
(53) انظر: فتح الباري (1/167).
(54) انظر: الرياض الناضرة: ص: 38، 39.


رابط الموضوع : http://www.assakina.com/shobhat/13070.html#ixzz2vSv68i9g

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق