شبهة التكفير بالقتل
إخراج المسلم من دائرة الإسلام جرم عظيم؛ وذنب كبير، يجب على كل ناصح لنفسه أن يحتاط فيه أشد الحيطة، ويحذر منه أشد الحذر، وذلك لما ورد فيه من الوعيد الشديد في الإقدام على هذا المزلق الخطير، حيث روى البخاري ومسلم عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ دِينَارٍ أَنَّهُ سَمِعَ ابْنَ عُمَرَ، يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ” أَيُّمَا امْرِئٍ قَالَ لِأَخِيهِ: يَا كَافِرُ، فَقَدْ بَاءَ بِهَا أَحَدُهُمَا، إِنْ كَانَ كَمَا قَالَ، وَإِلَّا رَجَعَتْ عَلَيْهِ “.
قال ابن تيمية رحمه الله في مجموع الفتاوى (12/ 466): “وليس لأحد أن يكفِّر أحدا من المسلمين وإن أخطأ وغلط حتى تقام عليه الحجة، وتبين له المحجة، ومن ثبت إسلامه بيقين لم يزل ذلك عنه بالشك، بل لا يزول إلا بعد إقامة الحجة، وإزلة الشبهة…، وإذا تبين ذلك فاعلم أن مسائل التكفير و التفسيق هي من مسائل الأسماء والأحكام التي يتعلق بها الوعد والوعيد في الدار الآخرة، وتتعلق بها المولاة والمعاداة والقتل والعصمة وغير ذلك في الدار الدنيا…”.
وقد استسهل بعض المسلمين في هذه الأزمان المتأخرة الرمي بالتكفير وعلقوه بأسباب غير شرعية؛ وانتشر التكفير بسبب ذلك.
ومن بين تلك الأسباب: أن القتل والاقتتال موجب من موجبات التكفير، وأن كل من شارك في الاقتتال الدائر بين المسلمين كافر يجب تنزيل أحكام الكفر عليه.
وهذه الشبهة ناشئة بسبب الجهل بموجبات التكفير عند أهل السنة، وبسبب العاطفة الجياشة غير المنضبطة بالعلم لدى بعض المسلمين حين يرون دماء محبيهم تسيل على الأرض.
وقتل المسلم لأخيه المسلم أو اقتتاله له لا شك أنه ذنب عظيم وجرم كبير، ولكنه لا يصل إلى أن يخرج به المسلم من الإسلام، وقد دلت الأدلة على هذا الأصل، فمنها:
قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى الْحُرُّ بِالْحُرِّ وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ وَالْأُنْثَى بِالْأُنْثَى فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ فَاتِّبَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ وَأَدَاءٌ إِلَيْهِ بِإِحْسَانٍ ذَلِكَ تَخْفِيفٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَرَحْمَةٌ فَمَنِ اعْتَدَى بَعْدَ ذَلِكَ فَلَهُ عَذَابٌ أَلِيمٌ} [البقرة: 178].
ففي هذه الآية الكريمة دلالة على تسمية القاتل أخاً للمقتول، ولو كان القاتل كافراً لما وسمته بالأخوة الإيمانية، وهذا ما فهمه علماء الأمة المعتبرون من هذه الآية الكريمة.
قال الشيخ عبد الرحمن بن سعدي رحمه الله في تفسيره (ص: 84):
وفي قوله: { أَخِيهِ } دليل على أن القاتل لا يكفر، لأن المراد بالأخوة هنا أخوة الإيمان، فلم يخرج بالقتل منها، ومن باب أولى أن سائر المعاصي التي هي دون الكفر، لا يكفر بها فاعلها، وإنما ينقص بذلك إيمانه.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في مجموع الفتاوى (3/ 151):
وَمِنْ أُصُولِ أَهْلِ السُّنَّةِ : أَنَّ الدِّينَ وَالْإِيمَانَ قَوْلٌ وَعَمَلٌ : قَوْلُ الْقَلْبِ وَاللِّسَانِ، وَعَمَلُ الْقَلْبِ وَاللِّسَانِ وَالْجَوَارِحِ، وَأَنَّ الْإِيمَانَ يَزِيدُ بِالطَّاعَةِ وَيَنْقُصُ بِالْمَعْصِيَةِ. وَهُمْ مَعَ ذَلِكَ لَا يُكَفِّرُونَ أَهْلَ الْقِبْلَةِ بِمُطْلَقِ الْمَعَاصِي وَالْكَبَائِرِ كَمَا يَفْعَلُهُ الْخَوَارِجُ؛ بَلْ الْأُخُوَّةُ الْإِيمَانِيَّةُ ثَابِتَةٌ مَعَ الْمَعَاصِي كَمَا قَالَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى فِي آيَةِ الْقِصَاصِ : { فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ فَاتِّبَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ }.
ومن الأدلة على هذه المسألة قوله تعالى: {وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ فَإِنْ فَاءَتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ * إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ} [الحجرات: 9، 10].
ففي هاتين الآيتين الكريمتين دلالة على أن المؤمنين قد يحصل بينهم نزاع واقتتال، فخاطبت المؤمنين جميعا بنداء الإيمان؛ ولو كان الاقتتال موجبا من موجبات الكفر لما كان النداء بالإيمان له مسوغ.
قال الحافظ ابن كثير رحمه الله في تفسيره (7/ 374):
يقول تعالى آمرًا بالإصلاح بين المسلمين الباغين بعضهم على بعض: {وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا }، فسماهم مؤمنين مع الاقتتال. وبهذا استدل البخاري وغيره على أنه لا يخرج من الإيمان بالمعصية وإن عظمت، لا كما يقوله الخوارج ومن تابعهم من المعتزلة ونحوهم.
ومن أدلة المسألة أيضاً ما رواه البخاري في صحيحه عن أَبي بَكْرَةَ رضي الله عنه قال: رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى المِنْبَرِ وَالحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ إِلَى جَنْبِهِ، وَهُوَ يُقْبِلُ عَلَى النَّاسِ مَرَّةً، وَعَلَيْهِ أُخْرَى وَيَقُولُ: «إِنَّ ابْنِي هَذَا سَيِّدٌ وَلَعَلَّ اللَّهَ أَنْ يُصْلِحَ بِهِ بَيْنَ فِئَتَيْنِ عَظِيمَتَيْنِ مِنَ المُسْلِمِينَ».
فدل هذا الحديث الصحيح على أن الاقتتال سيحصل بين فئتين عظيمتين من المسلمين، ولو كان الاقتتال من لوازم الخروج من الإسلام لما سماهم النبي صلى الله عليه وسلم مسلمين.
قال الإمام البغوي رحمه الله في شرح السنة (14/ 136):
وفيه دليل على أن واحداً من الفريقين لم يخرج بما كان منه في تلك الفتنة من قول أو فعل عن ملة الإسلام، لأن النبي صلى الله عليه وسلم جعلهم كلهم مسلمين مع كون إحدى الطائفتين مصيبة، والأخرى مخطئة. وهكذا سبيل كل متأول فيما يتعاطاه من رأي ومذهب إذا كان له فيما يتأوله شبهة وإن كان مخطئا في ذلك، وعن هذا اتفقوا على قبول شهادة أهل البغي ، ونفوذ قضاء قاضيهم.
وقال الحافظ ابن حجر رحمه الله في فتح الباري (13/ 66):
وَفِيهَ رَدّ عَلَى الْخَوَارِج الَّذِينَ كَانُوا يُكَفِّرُونَ عَلِيًّا وَمَنْ مَعَهُ؛ وَمُعَاوِيَة وَمَنْ مَعَهُ؛ بِشَهَادَةِ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِلطَّائِفَتَيْنِ بِأَنَّهُمْ مِنْ الْمُسْلِمِينَ، وَمِنْ ثَمَّ كَانَ سُفْيَان بْن عُيَيْنَةَ يَقُول عَقِبَ هَذَا الْحَدِيث: قَوْله ” مِنْ الْمُسْلِمِينَ ” يُعْجِبنَا جِدًّا، أَخْرَجَهُ يَعْقُوب بْن سُفْيَان فِي تَارِيخه عَنْ الْحُمَيْدِيِّ وَسَعِيد بْن مَنْصُور عَنْهُ.
فهذه الأدلة مجتمعة تدل دلالة واضحة على أن اقتتال المسلمين فيما بينهم وقتل بعضهم بعضاً ليس مما علق به الشرع المطهر الخروج من الإسلام بسببه.
ويتبين به خطأ من يخرج به من الإسلام، وخطورة ما انتشر من الكتابات التي يكتبها من قلّ علمه بسبب الحوادث الدائرة بين المسلمين في ديار الإسلام.
والمسلم وإن كان قد يحصل بينه وبين أخيه المسلم شحناء ومباغضة ومقاتلة؛ إلا أن بقاء وصف الإسلام على أخيه المسلم سيحجزه عن ارتكاب كثير من الأمور المحرمة في حقه، ولذلك يسارع الجهلة في نزع هذا الوصف الشرعي لاستحلال وتبرير أفعالهم المحرمة من القتل وغيره.
قال ابن تيمية رحمه الله في مجموع الفتاوى (12/ 466): “وليس لأحد أن يكفِّر أحدا من المسلمين وإن أخطأ وغلط حتى تقام عليه الحجة، وتبين له المحجة، ومن ثبت إسلامه بيقين لم يزل ذلك عنه بالشك، بل لا يزول إلا بعد إقامة الحجة، وإزلة الشبهة…، وإذا تبين ذلك فاعلم أن مسائل التكفير و التفسيق هي من مسائل الأسماء والأحكام التي يتعلق بها الوعد والوعيد في الدار الآخرة، وتتعلق بها المولاة والمعاداة والقتل والعصمة وغير ذلك في الدار الدنيا…”.
وقد استسهل بعض المسلمين في هذه الأزمان المتأخرة الرمي بالتكفير وعلقوه بأسباب غير شرعية؛ وانتشر التكفير بسبب ذلك.
ومن بين تلك الأسباب: أن القتل والاقتتال موجب من موجبات التكفير، وأن كل من شارك في الاقتتال الدائر بين المسلمين كافر يجب تنزيل أحكام الكفر عليه.
وهذه الشبهة ناشئة بسبب الجهل بموجبات التكفير عند أهل السنة، وبسبب العاطفة الجياشة غير المنضبطة بالعلم لدى بعض المسلمين حين يرون دماء محبيهم تسيل على الأرض.
وقتل المسلم لأخيه المسلم أو اقتتاله له لا شك أنه ذنب عظيم وجرم كبير، ولكنه لا يصل إلى أن يخرج به المسلم من الإسلام، وقد دلت الأدلة على هذا الأصل، فمنها:
قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى الْحُرُّ بِالْحُرِّ وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ وَالْأُنْثَى بِالْأُنْثَى فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ فَاتِّبَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ وَأَدَاءٌ إِلَيْهِ بِإِحْسَانٍ ذَلِكَ تَخْفِيفٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَرَحْمَةٌ فَمَنِ اعْتَدَى بَعْدَ ذَلِكَ فَلَهُ عَذَابٌ أَلِيمٌ} [البقرة: 178].
ففي هذه الآية الكريمة دلالة على تسمية القاتل أخاً للمقتول، ولو كان القاتل كافراً لما وسمته بالأخوة الإيمانية، وهذا ما فهمه علماء الأمة المعتبرون من هذه الآية الكريمة.
قال الشيخ عبد الرحمن بن سعدي رحمه الله في تفسيره (ص: 84):
وفي قوله: { أَخِيهِ } دليل على أن القاتل لا يكفر، لأن المراد بالأخوة هنا أخوة الإيمان، فلم يخرج بالقتل منها، ومن باب أولى أن سائر المعاصي التي هي دون الكفر، لا يكفر بها فاعلها، وإنما ينقص بذلك إيمانه.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في مجموع الفتاوى (3/ 151):
وَمِنْ أُصُولِ أَهْلِ السُّنَّةِ : أَنَّ الدِّينَ وَالْإِيمَانَ قَوْلٌ وَعَمَلٌ : قَوْلُ الْقَلْبِ وَاللِّسَانِ، وَعَمَلُ الْقَلْبِ وَاللِّسَانِ وَالْجَوَارِحِ، وَأَنَّ الْإِيمَانَ يَزِيدُ بِالطَّاعَةِ وَيَنْقُصُ بِالْمَعْصِيَةِ. وَهُمْ مَعَ ذَلِكَ لَا يُكَفِّرُونَ أَهْلَ الْقِبْلَةِ بِمُطْلَقِ الْمَعَاصِي وَالْكَبَائِرِ كَمَا يَفْعَلُهُ الْخَوَارِجُ؛ بَلْ الْأُخُوَّةُ الْإِيمَانِيَّةُ ثَابِتَةٌ مَعَ الْمَعَاصِي كَمَا قَالَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى فِي آيَةِ الْقِصَاصِ : { فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ فَاتِّبَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ }.
ومن الأدلة على هذه المسألة قوله تعالى: {وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ فَإِنْ فَاءَتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ * إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ} [الحجرات: 9، 10].
ففي هاتين الآيتين الكريمتين دلالة على أن المؤمنين قد يحصل بينهم نزاع واقتتال، فخاطبت المؤمنين جميعا بنداء الإيمان؛ ولو كان الاقتتال موجبا من موجبات الكفر لما كان النداء بالإيمان له مسوغ.
قال الحافظ ابن كثير رحمه الله في تفسيره (7/ 374):
يقول تعالى آمرًا بالإصلاح بين المسلمين الباغين بعضهم على بعض: {وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا }، فسماهم مؤمنين مع الاقتتال. وبهذا استدل البخاري وغيره على أنه لا يخرج من الإيمان بالمعصية وإن عظمت، لا كما يقوله الخوارج ومن تابعهم من المعتزلة ونحوهم.
ومن أدلة المسألة أيضاً ما رواه البخاري في صحيحه عن أَبي بَكْرَةَ رضي الله عنه قال: رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى المِنْبَرِ وَالحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ إِلَى جَنْبِهِ، وَهُوَ يُقْبِلُ عَلَى النَّاسِ مَرَّةً، وَعَلَيْهِ أُخْرَى وَيَقُولُ: «إِنَّ ابْنِي هَذَا سَيِّدٌ وَلَعَلَّ اللَّهَ أَنْ يُصْلِحَ بِهِ بَيْنَ فِئَتَيْنِ عَظِيمَتَيْنِ مِنَ المُسْلِمِينَ».
فدل هذا الحديث الصحيح على أن الاقتتال سيحصل بين فئتين عظيمتين من المسلمين، ولو كان الاقتتال من لوازم الخروج من الإسلام لما سماهم النبي صلى الله عليه وسلم مسلمين.
قال الإمام البغوي رحمه الله في شرح السنة (14/ 136):
وفيه دليل على أن واحداً من الفريقين لم يخرج بما كان منه في تلك الفتنة من قول أو فعل عن ملة الإسلام، لأن النبي صلى الله عليه وسلم جعلهم كلهم مسلمين مع كون إحدى الطائفتين مصيبة، والأخرى مخطئة. وهكذا سبيل كل متأول فيما يتعاطاه من رأي ومذهب إذا كان له فيما يتأوله شبهة وإن كان مخطئا في ذلك، وعن هذا اتفقوا على قبول شهادة أهل البغي ، ونفوذ قضاء قاضيهم.
وقال الحافظ ابن حجر رحمه الله في فتح الباري (13/ 66):
وَفِيهَ رَدّ عَلَى الْخَوَارِج الَّذِينَ كَانُوا يُكَفِّرُونَ عَلِيًّا وَمَنْ مَعَهُ؛ وَمُعَاوِيَة وَمَنْ مَعَهُ؛ بِشَهَادَةِ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِلطَّائِفَتَيْنِ بِأَنَّهُمْ مِنْ الْمُسْلِمِينَ، وَمِنْ ثَمَّ كَانَ سُفْيَان بْن عُيَيْنَةَ يَقُول عَقِبَ هَذَا الْحَدِيث: قَوْله ” مِنْ الْمُسْلِمِينَ ” يُعْجِبنَا جِدًّا، أَخْرَجَهُ يَعْقُوب بْن سُفْيَان فِي تَارِيخه عَنْ الْحُمَيْدِيِّ وَسَعِيد بْن مَنْصُور عَنْهُ.
فهذه الأدلة مجتمعة تدل دلالة واضحة على أن اقتتال المسلمين فيما بينهم وقتل بعضهم بعضاً ليس مما علق به الشرع المطهر الخروج من الإسلام بسببه.
ويتبين به خطأ من يخرج به من الإسلام، وخطورة ما انتشر من الكتابات التي يكتبها من قلّ علمه بسبب الحوادث الدائرة بين المسلمين في ديار الإسلام.
والمسلم وإن كان قد يحصل بينه وبين أخيه المسلم شحناء ومباغضة ومقاتلة؛ إلا أن بقاء وصف الإسلام على أخيه المسلم سيحجزه عن ارتكاب كثير من الأمور المحرمة في حقه، ولذلك يسارع الجهلة في نزع هذا الوصف الشرعي لاستحلال وتبرير أفعالهم المحرمة من القتل وغيره.
**********************
الكاتب: محمد بن عبدالسلام الأنصاري
رابط الموضوع : http://www.assakina.com/shobhat/30800.html#ixzz2vY6du89Z
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق