الاستقامة من علامات الوسطية
الحمدلله العلي القدير، أحمده سبحانه على فضله السابغ وخيره الكثير، وأشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له ولا شبيه له ولا نظير، واشهد ان نبينا محمدا عبدالله ورسوله البشير النذير والسراج المنير، اللهم صلي وسلم على عبدك ورسولك محمد وعلى آله وصحبه أولي البر والتقى والفضل الكبير.. اما بعد
فاتقوا الله عباد الله واخشوا يوما تعرضون فيه على الله فيجزي كل نفس بما كسبت، فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره، ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره،
أيها المسلمون لأن كان للناس في سعيهم إلى بلوغ ماتصبوا اليه نفوسهم مسالك شتى وسبل يرون ان سلوكها يحقق المراد ويصيب الهدف ويوصل إلى الغاية التي يكون في بلوغها طيب الحياة وسعادة العيش فإن لاهل الايمان من الريادة في ذلك مايجعلهم اوفر الناس حظا في التوفيق إلى اسباب الحياة الطيبة واعظمهم نصيبا منها واكملهم دلالة عليها بما اتاهم الله من نفاذ البصيرة وسداد الرأي وحياة القلب واستقامة على الجادة تورث صاحبها تلك المنزلة الرفيعة والموعود الاجل الذي وعد الله به عباده في قوله سبحانه:(إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ) ،وفي قوله عز اسمه :(إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ)
ولذا كان جواب رسول الله صلى الله عليه وسلم لسفيان ابن عبدالله الثقفي حين طلب اليه أن يقول له في الاسلام قولا لايسال عنه احدا بعده كان جوابه عليه الصلاة و السلام (قل امنت بالله ثم استقم) اخرجه مسلم في الصحيح.
وحقيقة هذه الاستقامة كما قال اهل العلم أنها سلوك الطريق المستقيم وهو الدين القيم من غير تعريج عنه يمنة ولا يسرة ويشمل ذلك فعل الطاعات كلها الظاهرة والباطنة وترك المنهيات كلها كذلك، وأصل الاستقامة استقامة القلب على التوحيد، كما فسر ابو بكر الصديق رضي الله عنه وغيره قوله سبحانه:
(إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا) بأنهم لم يلتفتوا إلى غيره، وانهم استقاموا على أن الله ربهم، فاذا استقام القلب على توحيد الله تعالى وخشيته واجلاله ومهابته ورجائه ودعائه ومحبته والتوكل عليه والانابة اليه والتسليم له والاقبال عليه والاعراض عن ما سواه، فإن سائر الجوارح عند إذن تستقيم على طاعته بأداء فرائضه واجتناب نواهيه والتقرب اليه بالنوافل لان القلب بمنزلة الملك للجوارح فاذا استقام استقامت كما جاء في الصحيحين من حديث نعمان ابن بشير رضي الله عنهما ان النبي صلى الله عليه وسلم قال (الا وان في الجسد مضغة اذا صلحت صلح الجسد كله واذا فسدت فسد الجسد كله الا وهي القلب) الحديث .
وان من اعظم ماتجب العناية بصلاحه واستقامته من الجوارح بعد القلب اللسان اذ هو المعبر عن القلب الكاشف عن مكنونه وقد اخرج الامام احمد في مسنده باسناد جيد عن انس ابن مالك رضي الله عنه ان النبي صلى الله عليه وسلم قال (لا يستقيم ايمان عبد حتى يستقيم قلبه ولايستقيم قلبه حتى يستقيم لسانه) على ان مافي الطبيعة البشرية من ضعف بين ومايعتريها من قصور يقتضي الا يطيق الناس الاستقامة الكاملة على امر الله في كل اشواط الحياة فلا مناص من التقصير فيها بعدم الاتيان بها على وفق مايرضي الله تعالى، فارشد سبحانه إلى مايجبر به ذلك التقصير وهو الاستغفار المستلزم للتوبة النصوح التي يثوب بها العبد إلى رشده ويفيء الى طاعة ربه فقال سبحانه (قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحَىٰ إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَٰهُكُمْ إِلَٰهٌ وَاحِدٌ فَاسْتَقِيمُوا إِلَيْهِ وَاسْتَغْفِرُوهُ ۗ وَوَيْلٌ لِلْمُشْرِكِينَ) وفي مسند الامام احمد وسنن ابن باجة باسناد صحيح عن ثوبان رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم انه قال ( استقيموا ولن تحصوا، واعلموا ان خير أعمالكم الصلاة ولا يحافظ على الوضوء إلا مؤمن)
ولذا أمر صلوات الله وسلامه عليه من جنح عن الاستقامة او قصّر عنها بالتسديد والمقاربة فقال صلى الله عليه وسلم (سددوا وقاربوا) كما في الحديث الذي اخرجه الشيخان في صحيحهما من حديث ابو هريرة رضي الله عنه.
والسداد هو الاصابة في جميع الاقوال والاعمال والمقاصد وهو حقيقة الاستقامة والمقاربة أن يصيب ما قرب من الغرض ان لم يصب الغرض نفسه ما مادام عازما مبتغيا اصابة الغرض نفسه قاصدا التسديد غير متعمد الحيدة عنه كما جاء في الحديث الذي اخرجه الامام احمد في مسنده وابو داود في سننه باسناد حسن عن الحكم بن الحزن الكلفي ان النبي صلى الله عليه وسلم قال (ايها الناس انكم لن تعملوا او لن تطيقوا كل ما امرتكم به ولكن سددوا وابشروا)
فاتقوا الله عباد الله واتخذوا من سلوك سبيل الاستقامة خير عدة تعتدّونها واقوم منهجاً تسلكونه لبلوغ الحياة الطيبة فطوبى لمن استقام على امر الله ثم طوبى له بمرضاة الله ونزول جنان الله.
نفعني الله واياكم بهدي كتابه وبسنة نبيه صلى الله عليه وسلم اقول قولي هذا واستغفر الله العظيم الجليل لي ولكم ولكافة المسلمين من كل ذنب انه كان غفارا.
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور انفسنا وسيئات اعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له واشهد ان لا اله الا لله وحده لاشريك له واشهد ان محمد عبده ورسوله اللهم صلي وسلم على عبدك ورسولك محمد كما صليت على ابراهيم وعلى ال ابراهيم وبارك على محمد وعلى ال محمد كما باركت على ابراهيم وعلى ال ابراهيم انك حميد مجيد
اما بعد
فإن مما يعين العبد على الاستقامة على امر الله تذكر المقصود من خلق الله له فانه سبحانه لم يخلق الخلق الا لعبادته وحده كما قال تعالى
(وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ مَا أُرِيدُ مِنْهُم مِّن رِّزْقٍ وَمَا أُرِيدُ أَن يُطْعِمُونِ إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ)
واستحبار هذا المقصود يبعث على تعظيم الرب سبحانه واجلاله ومحبته محبة تورث سلامة القلب واقباله على ربه بطاعته والازدلاف اليه واجتناب ما نهى عنه من المحرمات واتقاء الشبهات حذرا من الوقوع في المحرمات واما الغفلة عن هذا المقصود فانها تعقب صاحبها قسوة قلب تجنح به عن سلوك سبيل الاستقامة وترديه في معامع العصيان وظلمات الخطايا فتكون عاقبة امره خسرا اعاذنا الله جميعا من ذلك فاتقوا الله عباد الله واستقيموا على امر الله وصلو وسلموا على خير خلق الله محمد بن عبدالله فقد امرتم بذلك في كتاب الله إن الله وملائكته يصلون على النبي يايها الذين امنوا صلوا عليه وسلموا تسليما اللهم صلي وسلم على عبدك ورسولك محمد وارض اللهم عن خلفائه الاربعة ابي بكر وعمر وعثمان وعلي، وعن سائر الآل والصحابة والتابعين ومن تبعهم باحسان إلى يوم الدين وعنا معهم بعفوك وكرمك واحسانك ياخير من تجاوز وعفى.
اللهم اعز الاسلام والمسلمين اللهم اعز الاسلام والمسلمين اللهم اعز الاسلام والمسلمين واحم حوزة الدين ودمر اعداء الدين وسائر الطغاة والمفسدين والف بين قلوب المسلمين ووحد صفوفهم واصلح قادتهم واجمع كلمتهم على الحق يارب العالمين اللهم انصر دينك وكتابك وسنة نبيك محمد صلى الله عليه وسلم وعبادك المؤمنين المجاهدين الصادقين
اللهم امنا في اوطاننا واصلح أامتنا وولاة امورنا وأيد بالحق امامنا وولي امرنا وهيئ له البطانة الصالحة ووفقه لما تحب وترضى ياسميع الدعاء اللهم وفقه ونائبيه واخوانه إلى مافيه خير للاسلام والمسلمين وإلى مافيه صلاح العباد والبلاد يامن اليه المرجع يوم المعاد اللهم اكفنا اعدائك واعدائنا بما شئت اللهم اكفنا اعدائك واعدائنا بما شئت يارب العالمين اللهم اكفنا اعدائك واعدائنا بما شئت يارب العالمين اللهم انا نجعلك في نحور اعدائك واعدائنا ونعوذ بك من شرورهم اللهم انا نجعلك في نحور اعدائك واعدائنا ونعوذ بك من شرورهم اللهم انا نجعلك في نحورهم ونعوذ بك من شرورهم اللهم احفظ المسلمين في كل ديارهم اللهم احفظ المسلمين في كل ديارهم واحقن دمائهم اللهم احقن دماء المسلمين اللهم احقن دماء المسلمين واصلح ذات بينهم وقهم شرور انفسهم وقهم شرور انفسهم وقهم شر الفتن ماظهر منها وما بطن يارب العالمين اللهم احسن عاقبتنا في الامور كلها واجرنا من خزي الدنيا وعذاب الاخرة اللهم اصلح لنا ديننا الذي هو عصمة امرنا واصلح لنا دنيانا التي فيها معاشنا واصلح لنا اخرتنا التي فيها معادنا واجعل الحياة زيادة لنا في كل خير والموت راحة لنا من كل شر
اللهم انا نسألك فعل الخيرات وترك المنكرات وحب المساكين وان تغفر لنا وترحمنا واذا اردت بقوم فتنة فاقبضنا إليك غير مفتونين اللهم انا نعوذ بك من زوال نعمتك وتحول عافيتك وفجاءة نقمتك وجميع سخطك
ربنا لاتزغ قلوبنا بعد اذ هديتنا وهب لنا من لدنك رحمة انك انت الوهاب ربنا ظلمنا انفسنا وان لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين اللهم اشف مرضانا وارحم موتانا وبلغنا في مايرضيك آمالنا ربنا اتنا في الدنيا حسنة وفي الاخرة حسنة وقنا عذاب النار وصلى الله وسلم على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين والحمدلله رب العالمين
رابط الموضوع : http://www.assakina.com/wastiah/27151.html#ixzz2vY3eQf00
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق