الاثنين، 10 مارس 2014

الدَّجَلُ الإعلاميُّ على الدَّعوةِ السَّلفيةِ

الدَّجَلُ الإعلاميُّ على الدَّعوةِ السَّلفيةِ

بسمِ اللهِ الرَّحمنِ الرَّحيمِ
الحمدُ للهِ رَبِّ العالمينَ ، والصَّلاةُ والسَّلامُ على أشرفِ الأنبياءِ والمرسلينَ، نبينا محمدٍ وعلى آلهِ وصحبهِ أجمعينَ ، أمَّا بعدُ :
فَإِنَّ مِنْ أعظمِ فتنِ آخرِ الزَّمانِ ؛ مِمَّا يجعلُ الولدانَ شيباً و تدعُ الحليمَ حيرانَ ؛ أن ترى في بلادِ المسلمينَ -ولا سيما في أرضِ مصرَ-حرسها اللهُ- جيشاً مِنَ  الإعلاميينَ البعيدينَ عنِ المنهجيةِ العلميةِ الموضوعيةِ في تمحيصِ الأخبارِ وَغَرْبَلتِها؛ بحيثُ يُقحمونَ أنفسهم في قضايا الأمةِ الجسيمةِ المصيريةِ ؛ كما هو الشأنُ في(العقيدةِ) ، و(الشَّريعةِ) ، وهمْ لا يَدرونَ عنها شيئاً .
وإِنَّ مِنَ الدَّواهي العظامِ ألا يقفَ القومُ في دائرة الجهلِ فحسبْ ؛ وإنما بلغَ بهم الحالُ مبلغاً مشيناً إلى درجةٍ يصِحُّ أن نطلقَ عليها دونَ تهويلٍ أو تضخيمٍ ما يُسمَّى بـِ (الفسادِ الإعلامي) الَّذِي يَضربُ بأطنابهِ في أروقةِ الأعلامِ-إلا منْ رحمَ اللهُ- ، وَالَّذِي يَبُثُّ الافتراءاتِ الكاذبةَ والأراجيفَ الشَّائنةَ ، ومن صورِ هذا الفسادِ : تلكَ الحملةُ المسعورةُ الهوجاءُ الَّتي أطلقها (الإعلام المصريُّ) ضدَ الدَّعوةِ السَّلفيةِ ورموزها الذينَ يشُارُ إليهم بالبنانِ ، وقد حوتْ هذه الحملةُ على جملةٍ منَ الاتهاماتِ(1) ، ومِنْ ذلكَ :
1-إطلاقُ النَّارِ على راقصتينِ في حفلِ زفافٍ في مدينةِ الإسكندريةِ مِنْ قبلِ مجهولينَ ينتمونَ للتَّيارِ السلفيِّ .
2-قطعُ أُذنِ نصرانيٍّ على يدِ مجموعةٍ سلفيةٍ في صعيدِ مصرَ .
3-الاعتداءُ على فتياتٍ متبرجاتٍ بإلقاءِ النَّارِ عليهنَّ .
4-هدمُ أضرحةِ أولياءِ اللهِ الصَّالحينَ .
إنَّ هَذهِ التُّهمَ الباطلةَ تَرْمي إلى تَشويهِ صورةِ الدَّعوةِ المشرقةِ الوضَّاءةِ والمنتمينَ إليها منْ خلالِ عَرضها في صورةِ التَّطرُّفِ والغلوِ : تلكَ الصُّورةُ السَّوداءُ الكالحةُ ، وأَنَّ ثَمَّتَ تنظيماً للقاعدةِ يُهدِّدُ مستقبلَ المنطقةِ بأسرها .
كما أَنَّها تهدفُ إلى إشعالِ فتنةً عمياءَ صَمَّاءَ بينَ السلفيينَ (أصحابِ المنهجِ الحقِّ) وشرائحِ المجتمعِ المختلفةِ ، وتكوينِ حاجزٍ نفسيٍّ عميقٍ يحولُ دونَ وصولِ الدَّعوةِ السَّلفيةِ إلى أطيافِ المجتمعِ المتنوعةِ .
إِنَّ هؤلاءِ الإعلاميينَ هم (طليعةُ الدَّجالِ) ، وهم (الرُّويبضاتُ) الَّذينَ يهرفونَ بما لا يعرفونَ ، و يهذونَ ولا يدرونَ ؛ وإِنَّكَ لترى الواحدَ منهم يُزبِّرُ المقالَ الطَّويلَ في قضيةٍ معينةٍ أوْ في شخصٍ معينٍ ، وإنَّ المقالَ مِنْ أُسِّهِ وأساسهِ إلى آخرِ حرفٍ منه قائمٌ على الدَّجلِ : كذباً وتخويناً .
ومهما أمعنا النَّظرَ:  نقداً وتحليلاً في وصفِ هذا الشأنِ ؛ فلنْ نجدَ وصفاً ولا تصويراً لحقيقةِ هؤلاء القومِ إلا ما حدَّثنا بهِ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ فيما يكونُ من مُقدِّماتٍ وإرهاصاتٍ بينَ يدي ( الدَّجالِ الأكبرِ)-نعوذُ باللهِ مِنْ فتنتهِ وشَرِّهِ- ؛ فعَنْ حُذَيْفَةَ-رضي اللهُ عنه- قَالَ ذُكِرَ الدَّجَّالُ عِنْدَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: ( لَأَنَا لَفِتْنَةُ بَعْضِكُمْ أَخْوَفُ عِنْدِي مِنْ فِتْنَةِ الدَّجَّالِ ، وَلَنْ يَنْجُوَ أَحَدٌ مِمَّا قَبْلَهَا إِلَّا نَجَا مِنْهَا وَمَا صُنِعَتْ فِتْنَةٌ مُنْذُ كَانَتْ الدُّنْيَا صَغِيرَةٌ وَلَا كَبِيرَةٌ إِلَّا لِفِتْنَةِ الدَّجَّالِ )(2) .
 وَعنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ-رضي الله عنه- قَالَ :  قَالَ رَسُولُ اللهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :
 ( إِنَّ أَمَامَ الدَّجَّالِ سِنِينَ خَدَّاعَةً :  يُكَذَّبُ فِيهَا الصَّادِقُ ، وَيُصَدَّقُ فِيهَا الْكَاذِبُ ، وَيُخَوَّنُ فِيهَا الْأَمِينُ ، وَيُؤْتَمَنُ فِيهَا الخائِنُ ،  وَيَتَكَلَّمُ فِيهَا الرُّوَيْبِضَةُ) . قِيلَ : وَمَا الرُّوَيْبِضَةُ ؟ قَالَ : ( الْفُوَيْسِقُ يَتَكَلَّمُ فِي أَمْرِ الْعَامَّةِ)(3) .
و جوهرُ الدَّجلِ يدورُ لغةً واصطلاحاً على التَّمويهِ على النَّاسِ وخداعهم وتضليلهم عن معرفةِ الحقِّ بالكذبِ والتَّخوينِ(4) .
و قدْ عَدَّ شيخُ الإسلامِ ابنُ تيميةَ-رحمهُ اللهُ- مَنْ يُمارسُ صنعةَ التلبيسِ وقلبِ الحقائقِ ؛ كذباً وزوراً ؛ تحتَ غطاءِ ( المصداقيةِ وتحرِّي الحقيقةِ) ؛ تَشَبُّهاً بالأنبياءِ منْ جنسِ الدَّجالِ الأكبرِ(5) الذي أنذرَ به الأنبياء كُلُّهم-عليهم الصَّلاةُ والسَّلامُ-
ولنا مع هذا (الدَّجلِ الإعلاميِّ) الوقفاتُ الآتيةُ :
1-الدَّعوةُ السلفيةُ هي دعوةُ الإسلامِ الصَّحيحِ الكائنِ في القرونِ الثلاثةِ الخيريةِ المفضلةِ في نقائِها وفطرتِها ؛ وهي تقومُ على العلمِ النَّافعِ والعملِ الصَّالحِ ؛ كما قال تعالى : (هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الحقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ )[الصف : 9] .
كما أَنَّها تُحقِّقُ الانسجامَ الرَّائعَ بينَ صحيحِ المنقولِ وصريحِ المعقولِ في سياجٍ من الرَّحمةِ والحلمِ ؛ ومنْ ثَمَّ فإِنَّها تقفُ بالمرصادِ لكلِّ دعوةٍ غاليةٍ متطرفةٍ تخبطُ خبطَ عشواءَ في عمايةٍ رهيبةٍ عنِ الموازينِ الشَّرعيةِ ؛ وما قامَ بهِ السَّلفيونَ منْ خدماتٍ جليلةٍ للمجتمعِ المصريِّ المسلمِ على المستوى التوعويِّ والأمنيِّ والتكافليِّ إِبَّانَ الثَّورةِ المصريةِ ؛ لهو من أكبرِ البراهينِ التَّي تدمغُ تلكَ الافتراءتِ والأراجيفِ ، ولو كان السلفيونَ-وحاشاهم من ذلك-يُبيِّتونَ نيةً خبيثةً لإحداثِ الضَّررِ وإلحاقِ الأذى بشريحةٍ معينةٍ منْ شرائحِ المجتمعِ ؛ لكانَ وقتُ الثورةِ بامتيازٍ منْ أنسبِ الأوقاتِ الذهبيةِ في إجراءِ هذا الشأنِ في ظلِّ الفوضى العارمةِ التي كانتْ تضربُ البلادَ والعبادَ ؛ بيدَ أنَّ السَّلفيينَ منْ خلالِ دعوتهم المباركةِ ضربوا أروعَ الأمثلةِ في سماحةِ الإسلامِ ورحمتهِ للعالمينَ .
2-الحذرُ التَّامُّ منْ إلقاء السمعِ ؛ ناهيك عن إسلامِ العقلِ والفؤادِ لهذا الزخمِ الإعلاميِّ ؛ فإِنَّهُ-وأَيمُ اللهِ- لونٌ من ألوانِ الدَّجلِ الَّذي ينبغي أن تُغلقَ دونه الأبوابُ ؛ وفي هذه الحقيقةِ الشَّرعيةِ : إجراءٌ تحصينيٌّ في غايةِ الأهميةِ ؛  يقي المسلمَ بإذنِ اللهِ منْ عللِ وأدواءِ الشائعاتِ والأخبارِ الكاذبةِ ؛ وفي ذلكَ يقولُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم منْ حديثِ عِمْرَانَ بْنَ حُصَيْنٍ-رضي اللهُ عنهُ- : (مَنْ سَمِعَ بِالدَّجَّالِ فَلْيَنْأَ عَنْهُ ؛ فَوَاللَّهِ إِنَّ الرَّجُلَ لَيَأْتِيهِ وَهْوَ يَحْسِبُ أَنَّهُ مُؤْمِنٌ فَيَتَّبِعُهُ مِمَّا يُبْعَثُ بِهِ مِنَ الشُّبُهَاتِ أَوْ لِمَا يُبْعَثُ بِهِ مِنَ الشُّبُهَاتِ) (6). هَكَذَا قَالَ.
3-حفظُ اللِّسانِ ، وعدمُ الزَّجِ بهِ في تحليلاتٍ أو أخبارٍ قائمةٍ على الظَّنِّ والتَّخرُّصِ؛ ومنْ كانتْ أخبارهُ كذلكَ فله نصيبٌ منْ قولهِ تعالى : (قُتِلَ الْخَرَّاصُونَ}[الذاريات: 10]  ، والخرَّاصونَ هم : ( الكذَّابونَ) ؛ كما قرَّرَ ذلكَ أئمةُ التفسيرِ في كتبهم(7) .
وعَنْ عُقْبَةَ بن عَامِرٍ قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا النَّجَاةُ ؟  قَالَ : ( أَمْلِكْ عَلَيْكَ لِسَانَكَ وَلْيَسَعْكَ بَيْتُكَ وَابْكِ عَلَى خَطِيئَتِكَََََ)(8) .
4-العلمُ والبصيرةُ بِحَقيقةِ هذا الدَّجلِ وما يَنطوي عليه مِنْ أخطارٍ جسيمةٍ ومرامٍ شنيعةٍ ؛ قد تُودِي بدينِ الإنسانِ ، وتُعرِّضهُ للعطبِ والهلاكِ-عياذاً باللهِ- ؛ وفي قصةِ ذلكَ الشابِ المؤمنِ مع المسيحِ الدَّجالِ ما يدلُّ على هذه الحقيقةِ الشَّرعيةِ ؛ فعَنْ أَبِى سَعِيدٍ الخدريِّ-رَضِيَ اللهُ عنه- قَالَ :  قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلَّى اللهُ عليهِ وَسلَّم-  : ( يَخْرُجُ الدَّجَّالُ فَيَتَوَجَّهُ قِبَلَهُ رَجُلٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ فَتَلْقَاهُ الْمَسَالِحُ مَسَالِحُ الدَّجَّالِ فَيَقُولُونَ لَهُ أَيْنَ تَعْمِدُ ؟ فَيَقُولُ أَعْمِدُ إِلَى هَذَا الَّذِى خَرَجَ – قَالَ – فَيَقُولُونَ لَهُ أَوَمَا تُؤْمِنُ بِرَبِّنَا ؟! فَيَقُولُ مَا بِرَبِّنَا خَفَاءٌ. فَيَقُولُونَ اقْتُلُوهُ . فَيَقُولُ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ أَلَيْسَ قَدْ نَهَاكُمْ رَبُّكُمْ أَنْ تَقْتُلُوا أَحَدًا دُونَهُ ؟ – قَالَ – فَيَنْطَلِقُونَ بِهِ إِلَى الدَّجَّالِ فَإِذَا رَآهُ الْمُؤْمِنُ قَالَ يَا أَيُّهَا النَّاسُ هَذَا الدَّجَّالُ الَّذِى ذَكَرَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ فَيَأْمُرُ الدَّجَّالُ بِهِ فَيُشَبَّحُ فَيَقُولُ خُذُوهُ وَشُجُّوهُ. فَيُوسَعُ ظَهْرُهُ وَبَطْنُهُ ضَرْبًا – قَالَ – فَيَقُولُ أَوَمَا تُؤْمِنُ بِى قَالَ فَيَقُولُ أَنْتَ الْمَسِيحُ الْكَذَّابُ – قَالَ – فَيُؤْمَرُ بِهِ فَيُؤْشَرُ بِالْمِئْشَارِ مِنْ مَفْرِقِهِ حَتَّى يُفَرَّقَ بَيْنَ رِجْلَيْهِ – قَالَ – ثُمَّ يَمْشِى الدَّجَّالُ بَيْنَ الْقِطْعَتَيْنِ ثُمَّ يَقُولُ لَهُ قُمْ. فَيَسْتَوِى قَائِمًا – قَالَ – ثُمَّ يَقُولُ لَهُ أَتُؤْمِنُ بِى فَيَقُولُ مَا ازْدَدْتُ فِيكَ إِلاَّ بَصِيرَةً)(9) .
5-العقوبةُ الشَّديدةُ  لمنْ ينشرُ الكذبَ والافتراءَ في أوساطِ النَّاسِ ؛ حتى يبلغَ الآفاق ؛ فعَنْ سَمُرَةَ بْنِ جُنْدُبٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ :  قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ( رَأَيْتُ اللَّيْلَةَ رَجُلَيْنِ أَتَيَانِي قَالَا الَّذِي رَأَيْتَهُ يُشَقُّ شِدْقُهُ فَكَذَّابٌ يَكْذِبُ بِالْكَذْبَةِ تُحْمَلُ عَنْهُ حَتَّى تَبْلُغَ الْآفَاقَ فَيُصْنَعُ بِهِ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ )(10) .
 6-التَّثبُّتُ والتَّبيُّنِ منْ صحةِ الأخبارِ المبثوثةِ عبر وسائلِ الإعلامِ ؛ وعدمُ اتخاذِ مواقفَ عمليةٍ قبل إجراء عمليةِ التحقيقِ والتمحيصِ عليها ؛ كما قال تعالى : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن جَاءكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا أَن تُصِيبُوا قَوْماً بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ )[الحجرات : 6].
7-التَّدبُّرُ الواعي للعشرِ الأوائلِ من سورةِ الكهفِ ، والعملُ بموجبها ومقتضاها؛ فإِنَّها العاصمةُ-بإذنِ اللهِ- من فتنةِ (المسيحِ الدَّجالِ ) ؛ ولذلكَ أرشدَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلمَ إلى أنْ تُحفظَ ؛ فقَالَ : (مَنْ حَفِظَ عَشْرَ آيَاتٍ مِنْ أَوَّلِ سُورَةِ الْكَهْفِ عُصِمَ مِنَ الدَّجَّالِ )(11) .
كما أَمَرَ-صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ- أَنْ تُقْرَأَ عِندَ إدراكِ المسيحِ الدَّجالِ ؛ كما قَالَ النَّبيُّ صَلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ : ( فَمَنْ أَدْرَكَهُ مِنْكُمْ فَلْيَقْرَأْ عَلَيْهِ فَوَاتِحَ سُورَةِ الْكَهْفِ فَإِنَّهَا جِوَارُكُمْ مِنْ فِتْنَتِهِ )(12) .
وَلئنْ كانت هذه العشرُ عاصمةً من فتنة المسيحِ الدَّجالِ مع كونِها أعظمَ فتنةٍ على الإطلاقِ ؛فإنَّها لعاصمةٌ -بإذنِ الله- أيضاً مِمَّا هي دونها من فتنِ الدَّجلِ ؛ كما هو الشأن في (فتنة الدَّجلِ الإعلاميِّ) الَّتي نكتوي بنارها هذهِ الأيامِ ؛ ولعلَّ السِّرَّ في ذلكَ-واللهُ أعلمُ-أَنَّها اشتملتْ على العديدِ من الآياتِ العظيمةِ التي تُبَصِّرُ المسلمَ بجملةٍ منَ الحقائقِ الشَّرعيةِ الكبرى التَّي منْ شأنِها أن تُبدِّدَ ظلامَ الفتنةِ ؛ وتنيرَ للإنسانِ دربهَ في هذه الحياةِ ؛ كما قال تعالى : (أَوَ مَن كَانَ مَيْتاً فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُوراً يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ كَمَن مَّثَلُهُ فِي الظُّلُمَاتِ لَيْسَ بِخَارِجٍ مِّنْهَا )[الأنعام : 122].
ومنْ هذهِ الحقائقِ ما يلي :
1-إنزالُ القرآنِ العظيمِ أعظمُ نعمةٍ على الإطلاق ؛ إذْ هو الحاكمُ القيِّمُ على حياةِ الأُمَّةِ ومسيرتها .
2-ربطُ المسلمِ بالنَّعيمِ الأبديِّ السَّرمديِّ في جنةِ اللهِ في الآخرةِ .
3-التَّحذيرُ من فتنةِ اليهودِ والنَّصارى الذين قالوا اتخذ الله ولداً ؛ وبيانُ حضارتهم المزخرفةِ بمتعِ الحياةِ الزَّائلةِ ؛ البعيدةِ كُلِّ البعدِ عنِ قيمِ الآخرةِ ، والتَّي اغترَّ بها فئامٌ من هذه الأمةِ  ؛  مثلما هو الواقعُ اليومَ في أرباب الدَّجلِ الإعلاميِّ الذينَ صاحوا عبر أبواقهم الإعلاميةِ وملأوا الدنيا عويلاً وضجيجاً بخطورةِ تحكيمِ الشريعةِ  ، والدَّعوةِ لإلغاءِ النَّصِّ الدستوريِّ القاضي  بأنَّ الشَّريعةَ الإسلاميةَ هي المصدرُ الرئيسُ للتَّشريعِ ؛ مِمَّا يُؤَدِّي-عياذاً باللهِ- لسلخِ مصرَ عن هويتها الإسلاميةِ العربيةِ؛ وإحلالِ الهويةِ الفرعونيةِ أو القبطيةِ أو العلمانيةِ اللادينية بديلاً عن ذلك ؛ جرياً على اتباعِ سننِ الكافرينَ ؛ ودوراناً في فلكِ المغضوبِ عليهم والضَّالينَ ؛  كما قال النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: (لَتَتَّبِعُنَّ سَنَنَ مَنْ قَبْلَكُمْ شِبْرًا بِشِبْرٍ وَذِرَاعًا بِذِرَاعٍ حَتَّى لَوْ سَلَكُوا جُحْرَ ضَبٍّ لَسَلَكْتُمُوهُ قُلْنَا يَا رَسُولَ اللهِ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى قَالَ فَمَنْ ؟ )(13) .
4-بيانُ فسادِ المنهجِ القائمِ على الجهلِ في النَّظرِ والتَّفكيرِ ؛ وأَنَّهُ البابُ الذي يُفضي بصاحبهِ إلى الكذبِ والافتراءِ .
5-التَّمسُّكُ بالعقيدةِ الصحيحةِ والثَّباتُ عليها ؛ كما في قصةِ أصحابِ الكهفِ ، والتَّوجُّهُ الكُليُّ للهِ ؛ بسؤالهِ الرَّحمةَ واللُّطفَ والسِّترَ والعاقبةَ الحميدةَ .
هذا ؛ وأسألُ اللهَ أنْ يُبرمَ لهذه الأمةِ أمراً رشداً ؛ يُعزُّ فيه أهلُ الطَّاعةِ ؛ ويُهدى فيه أهلُ المعصيةِ ؛ إِنَّهُ سبحانهُ-جوادٌ كريمٌ- .
**********************************************
(1)-في مجلةِ (روز اليوسف اليومية ) : العدد 1762 – الخميس – 31 مارس 2011، و العدد 1765 – الاثنين – 4 أبريل 2011 ، و(صحيفة الشرق الأوسط ) : العدد 11814 ، الأحد 29ربيع الثاني 1432هـ=13إبريل 2011 .
(2)-أخرجه أحمد في :”مسنده”برقم  23304 ؛ وإسنادهُ صحيحٌ على شرطِ الشيخينِ .
(3)-أخرجه أحمد في :”مسنده” برقم 13297 ، وجوَّدَ إسناده الحافظ ابن حجرٍ ؛ كما في :”فتح الباري” : (20/131/رقم6588 ) ، وكذا الحافظ ابن كثير ؛ كما في “الفتن والملاحم” : (1/57 ) .
(4)-انظر :”لسان العرب” : (11/236) مادة : (دجل)لابن منظور ، و”معجم مقاييس اللغة” : (4/392)لابن فارس ، و” غريب الحديث” : (1/325)لابن الجوزي ، و”تهذيب الأسماء واللغات”: (1/258) للنووي .
(5)-انظر:”الجواب الصحيح” : (2/333) لابن تيمية .
(6)-أخرجه أبو داود بإسناد صحيح برقم 4321 .
(7)-انظر:”"تفسير ابن كثير” : (7/415)  ، و”تفسير القرطبي” : (17/33) .
(8)-أخرجه أحمد في :”مسنده” برقم 22235 ، وإسناده دائرٌ بين الحسنِ والصِّحةِ .
(9)-أخرجه مسلم في صحيحه برقم 7564 .
(10)-أخرجه البخاري في صحيحه برقم 6096 .
 (11)-أخرجه مسلمٌ في :”صحيحه” برقم 1919.
(12)-أخرجه أبو داود في :”سننه”بإسنادٍ صحيحٍ برقم  4323.
(13)-أخرجه البخاريُّ في :”صحيحه” 3456 .


رابط الموضوع : http://www.assakina.com/shobhat/7392.html#ixzz2vYRZRtVr

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق