الاثنين، 10 مارس 2014

"ومن يتولهم منكم فإنه منهم"

ومن يتولهم منكم فإنه منهم

فلا يمكن الحكم على ولاة الأمر بالكفر .. لأنهم يقيمون علاقات مع الكفار .. فليست كل علاقة مع الكفار تعتبر مولاة لهم … و أيضاً ليست كل مولاة كفر بواح … لأن الحكم بالبواح أمر يخفى على الكثير من الناس …و سأفصل فيه بإذن الله …
مفهوم الكفر البواح
قد يثير الكلام السابق عن وسائل تغيير المنكر تساؤلات كثيرة، واعتراضات كثيرة أيضا، وقد ينبري للرد علي بطرق غير مباشرة كثيرون، ومن أهم هذه الاعتراضات والشبهات التي قد أثيرت حول هذا الموضوع هي: ما مفهوم الكفر البواح؟ هل هو بأن يعلن الفرد عن نفسه أنه كافر؟ قالوا إن هذا لا يحصل عادة، وذهب هؤلاء المعترضون إلى أن الكفر البواح هو الخروج عن أحكام الدين، ولو في أمر واحد فقط، فقد قطع كلام هؤلاء في أن كل من خالف أحكام الإسلام ولو في قضية واحدة فهو كافر، وإن صلى وصام وأعلن أنه مسلم!! وهذا الذي توصل إليه هؤلاء المعترضون هو من أعظم الفساد في الأرض لأنه إخراج للمسلمين جميعا من الإسلام بل إخراج لأنفسهم أيضا منه لأنه لا يوجد فرد ما حاكما كان أو محكوما إلا وهو مقصر، أو خارج عن بعض أحكام الدين، وقد يكون هذا ضعفا أو تقصيرا أو جهلا أو خوفا أو غير ذلك.. ولو عرف هؤلاء الآثار المدمرة لفقههم المريض في هذه القضية الخطيرة لربما كفوا عن الكلام في العقائد دون روية وتبصر وتعلموا أيضا أن دراسة العقائد ومسائل الإيمان من أهم ما ينبغي على المسلمين فعله الآن، فليس كل من حمل بعض الحماس الديني، واستطاع أن ينقل بعض الأحاديث والآيات قد أصبح فقيها بها، وهذه أعظم مشكلاتنا في الوقت الحاضر: أنصاف وأرباع المتعلمين الذين يستعجلون الفتوى وخاصة في الأمور العقائدية الخطيرة!.
والآن إليك بحول الله البيان لمفهوم (الكفر البواح) الذي عناه الرسول صلى الله عليه وسلم في حديثه الذي يرويه مسلم عن جنادة بن أمية، قال دخلنا على عبادة بن الصامت وهو مريض فقلنا: حدثنا أصلحك الله بحديث ينفع الله به، سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: «دعانا رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فبايعناه، فكان فيما أخذ علينا أن بايعنا على السمع والطاعة في منشطنا ومكرهنا وعسرنا ويسرنا وأثرة علينا وأن لا ننازع الأمر أهله قال: إلا أن تروا كفرا بواحا، عندكم من الله فيه برهان» -انظر مختصر مسلم للمنذري ص331- فالبواح هو الظهور والإعلان وهو ضد الخفاء وبالرغم من أن الإسلام قد أمرنا أن نحكم للمسلم بالإسلام بأي ظاهر يدل على ذلك فإنه قد شدد جدا علينا أن نُخرج مسلما من جماعة المسلمين إلا بيقين مطلق لا يقبل الشك أبدا، فنحن نحكم بالإسلام للشخص إذا رأيناه يعمل أي عمل يدل على الإسلام، كالشهادتين والصلاة، ففي صحيح مسلم عن عتبان بن مالك أنه قال: [أصابني في بصري بعض الشيء فبعثت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم أني أحب أن تأتيني فتصلي في منزلي، فأتخذه مصلى، قال: فأتى النبي صلى الله عليه وسلم ومن شاء الله من أصحابه فدخل وهو يصلي في منزلي وأصحابه يتحدثون بينهم، ثم أسندوا عظم ذلك وكبره إلى مالك بن دخشم، (أي أنهم اتهموا هذا الرجل بالنفاق وسوء الأفعال)، قالوا: -أي الصحابة- ودوا أنه دعا عليه رسول صلى الله عليه وسلم فهلك، أو أصابه شر.. فلما قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاته قال: «أليس يشهد أن لا إله إلا الله وأني رسول الله؟ قالوا: إنه يقول ذلك وما هو في قلبه، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا يشهد أحد أن لا إله إلا الله وأني رسول الله فيدخل النار أو تطعمه» ، وهذا نص واضح في أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى أصحابه عن الحكم بنفاق رجل ظهرت لهم منه أفعاله القبيحة، مادام أنه يشهد أن لا إله إلا الله.
وكذلك جاء في الحديث الصحيح « أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا غزا قوما انتظر إلى صلاة الفجر، فإن سمع أذانا كف عنهم، وإن لم يسمع أذانا هاجمهم» وهذا واضح أيضا أن الحكم بالإسلام يثبت للقوم إذا أعلنوا شعيرة من شعائر الإسلام، وهي الأذان، وأنهم يأخذوا بعض حقوق المسلمين، وهي عدم جواز الهجوم عليهم وقتالهم، وكذلك جاء النص القرآني في سورة الفتح الذي يعلن الله فيه أنه صرف المسلمين عن قتال الكفار في غزوة الحديبية لأن بمكة مسلمين مستترين، قال تعالى:  ولولا رجال مؤمنون ونساء مؤمنات لم تعلموهم أن تطئوهم فتصيبكم منهم معرة بغير علم ليدخل الله في رحمته من يشاء لو تزيلوا لعذبنا الذين كفروا منهم عذابا أليما  ، أي وتنحى هؤلاء المؤمنون وتميزوا وخرجوا عن مكة ولم يبق فيها إلا المشركون الخُلص لسلطناكم عليهم.. وهذا إعلان من الله لنا أن المؤمن – ولو كان مستترا أيضا – له كرامة المؤمنين في عدم جواز البطش بقومه، إلا إذا خرج من بين ظهرانيهم، فكيف بالذين يريدون الفتن في بلاد المسلمين، وأن يقتل المسلم أخاه، والحال أن هذه البلاد تقام فيها الصلاة وسائر العبادات ؟!
والمهم من كل ذلك أن الحكم بالإسلام إنما هو للظاهر، وكف اليد عن المسلم حق له وإن لم يقل لا إله إلا الله إلا تحت السيف كما جاء في الحديث الصحيح عن أسامة بن زيد، قال: «بعثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الحرقة فصبحنا القوم فهزمناهم، ولحقت أنا ورجل من الأنصار رجلا منهم فلما غشيناه قال: لا إله إلا الله، فكف الأنصاري عنه وطعنته برمحي حتى قتلته، فلما قدمنا (إلى المدينة) بلغ النبي صلى الله عليه وسلم ما فعلته، فقال: يا أسامة أقتلته بعد أن قال لا إله إلا الله؟.. قلت: يا رسول الله كان متعوذا. قال: هلا شققت عن قلبه؟! فما زال يكررها حتى تمنيت أني لم أكن أسلمت قبل ذلك اليوم» (رواه البخاري ومسلم).
وكذلك جاء مثل هذا عن المقداد بن الأسود أنه قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم: « أرأيت إن لقيت رجلا من الكفار فاقتتلنا، فضرب إحدى يدي بالسيف فقطعها، ثم لاذ مني بشجرة فقال: أسلمت لله. أأقتله يا رسول الله بعد أن قالها؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا تقتله، فإن قتلته فإنه بمنزلتك قبل أن تقتله، وإنك بمنزلته قبل أن يقول كلمته التي قال» (متفق عليه) ومعنى هذا أن المسلم يكفر إذا قتل مسلما ومن مات مظلوما بعد أن قال لا إله إلا الله فهو في الجنة.
ومعنى هذا كله ، أن الحكم بالإسلام لشخص ما يتحقق إذا أظهر شيئا من الإسلام، وأنه يُحكم له بذلك، ويأخذ أحكام الإسلام من وجوب الكف عن دمه وماله وعرضه، وأنه لا يجوز الحكم بتاتا بأنه منافق، وإن أظهر بعض أعمال المنافقين، لأن النفاق قضية قلبية لا يطلع عليها إلا الله سبحانه.. وأن القرائن التي قد توحي بأن شخصا ما أعلن الإسلام لحاجة في نفسه، أو لمنفعة مادية لرغبة أو رهبة، لا يجوز التعويل عليها مطلقا…..


رابط الموضوع : http://www.assakina.com/shobhat/shobhat1/3342.html#ixzz2vYB6XCu2

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق