الأدب الشرعي مع العلماء
كيف نوقر العلماء
وهناك أمور مهمة لا بد من التنبيه عليها ، وهي بم يكون توقير العلماء ؟ فبعض الناس يظن أن توقير أهل العلم يكون بمجرد أن يسلم عليه ، ويقبل رأسه ، أو يقبل يده ، ويكفي هذا ، ويرى أن هذا هو توقيره ، وهذا لا شك أنه من التوقير ، إلا أنه شيء من أشياء كثيرة يستحقها أهل العلم ، ومن هذه الأشياء :
أولا : أنه يجب علينا موالاتهم ومحبتهم ، قال الإمام الطحاوي ( 12) – رحمه الله تعالى – : وعلماء السلف من السابقين ومن بعدهم من التابعين أهل الخير والأثر وأهل الفقه والنظر لا يذكرون إلا بالجميل ومن ذكرهم بسوء فهو على غير السبيل .
لكن موالاتهم لا تعني أننا نقدسهم ، وإنما المقصود محبتهم ، فبعض الناس إذا أحب عالما أخذ بأقواله في كل شيء ، ويوالي ويعادي على محبة هذا الشيخ ، أو على هذا العالم ، وهذا خلاف السنة ، لأن هذا من الغلو المنهي عنه ، حيث اتخذ رجلا فجعله ميزانا ، أو معيارا للحق والباطل ، وهذا لا يجوز أبدا ، ولهذا يقول شيخ الإسلام ابن تيمية ( 13) – رحمه الله تعالى – : ومن نصّب شخصا – كائنا من كان – فوالى وعادى على موافقته في القول والفعل ، فهو ﴿ مِنَ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُم وَكَانُوا شِيَعًا ﴾ [سورة الروم : الآية 32] ، الآية ، وإذا تفقه الرجل وتأدب بطريقة قوم من المؤمنين ، مثل اتباع الأئمة والمشايخ ، فليس له أن يجعل قدوته وأصحابه هم العيار ، فيوالي من وافقهم ، ويعادي من خالفهم ، فينبغي للإنسان أن يعود نفسه التفقه الباطن في قلبه والعمل به ، فهذا زاجر ، وكمائن القلوب تظهر عند المحن ، وليس لأحد أن يدعو إلى مقالة ، أو يعتقدها لكونها قول أصحابه ، ولا يناجز عليها ، بل لأجل أنها مما أمر الله به ورسوله ، أو أخبر الله به ورسوله ، لكون ذلك طاعة لله ورسوله .
وينبغي للداعي أن يقدم فيما استدلوا به من القرآن ، فإنه نور وهدى ، ثم يجعل إمام الأئمة رسول الله – صلى الله عليه وسلم – .
ويقول في موضع آخر ( 14) : وليس لأحد أن ينتسب إلى شيخ يوالي على متابعته ويعادي على ذلك ، بل عليه أن يوالي كل من كان من أهل الإيمان ، ومن عُرف منه التقوى من جميع الشيوخ وغيرهم ، ولا يخص أحدا بمزيد موالات إلا إذا ظهر له مزيد إيمانه وتقواه ، فيقدم من قدم الله – تعالى – ورسوله عليه ، ويُفضل من فضَّله الله ورسوله ، قال الله – تعالى – ﴿ يا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ ﴾ [سورة الحجرات : الآية 13] .
وهكذا ينبغي أن يكون المؤمن مطيعا لله ولرسوله – صلى الله عليه وسلم – فيتخذ من هؤلاء العلماء دليلا يهتدي به ، فإذا استبانت له السنة عمل بها ، حتى لو كان الذي تكلم بها غير محبوب إليه .
احترام أهل العلم
ثانيا : من حقوق أهل العلم علينا احترامهم ، وتقديرهم ، يقول – صلى الله عليه وسلم – في الحديث الصحيح : « ليس منا من لم يُجِلَّ كبيرنا ، ويرحم صغيرنا ، ويعرف لعالمنا حقه » (15 ) . فالعالم له حق على الإنسان أيًّا كان .
يقول طاوس بن كيسان – رحمه الله تعالى – وهو من التابعين ، من أكبر تلاميذ ابن عباس : من السنة أن يُوَقَّر أربعة : العالم ، وذو الشيبة ، والسلطان ، والوالد ، هذا من سنة نبيكم – صلى الله عليه وسلم – .
والصحابة – رضي الله عنهم أجمعين – على حد سواء كانوا يهابون النبي – صلى الله عليه وسلم – أن يسألوه ، حتى إن أنس بن مالك – رضي الله عنه – قال : كَانَ يُعْجِبُنَا أَنْ يَجِيءَ الرَّجُلُ مِنْ أَهْلِ الْبَادِيَةِ فَيَسْأَلَ رَسُولَ اللهِ – صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – فَجَاءَ أَعْرَابِيٌّ فَقَالَ : يَا رَسُولَ اللهِ مَتَى قِيَامُ السَّاعَةِ ؟ وَأُقِيمَتِ الصَّلَاةُ ، فَصَلَّى رَسُولُ اللهِ ، فَلَمَّا فَرَغَ مِنْ صَلَاتِهِ قَالَ : « أَيْنَ السَّائِلُ عَنِ السَّاعَةِ » . قَالَ : أَنَا يَا رَسُولَ اللهِ. قَالَ : « وَمَا أَعْدَدْتَ لَهَا » . قَالَ : مَا أَعْدَدْتُ لَهَا مِنْ كَبِيرِ عَمَلٍ صَلَاةٍ ، وَلَا صِيَامٍ ، إِلَّا أَنِّي أُحِبُّ اللهَ وَرَسُولَهُ . فَقَالَ رَسُولُ اللهِ – صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : « الْمَرْءُ مَعَ مَنْ أَحَبَّ » (16 ). قَالَ أَنَسٌ : فَمَا رَأَيْتُ الْمُسْلِمِينَ فَرِحُوا بَعْدَ الْإِسْلَامِ بِشَيْءٍ مَا فَرِحُوا بِهِ .
ويقول ابن عباس – رضي الله عنه – : مكثت سنتين أريد أن أسأل عمر عن حديث ما منعني منه إلا هيبته .
فأين هذا من طلاب العلم الذين يتجرءون على المشايخ،ويرفعون أصواتهم في وجوههم ، وربما آذوهم ، وربما وقفوا في طريقهم وهم يمشون ، وهذا ليس من الأدب مع أهل العلم .
وهناك أمور مهمة لا بد من التنبيه عليها ، وهي بم يكون توقير العلماء ؟ فبعض الناس يظن أن توقير أهل العلم يكون بمجرد أن يسلم عليه ، ويقبل رأسه ، أو يقبل يده ، ويكفي هذا ، ويرى أن هذا هو توقيره ، وهذا لا شك أنه من التوقير ، إلا أنه شيء من أشياء كثيرة يستحقها أهل العلم ، ومن هذه الأشياء :
أولا : أنه يجب علينا موالاتهم ومحبتهم ، قال الإمام الطحاوي ( 12) – رحمه الله تعالى – : وعلماء السلف من السابقين ومن بعدهم من التابعين أهل الخير والأثر وأهل الفقه والنظر لا يذكرون إلا بالجميل ومن ذكرهم بسوء فهو على غير السبيل .
لكن موالاتهم لا تعني أننا نقدسهم ، وإنما المقصود محبتهم ، فبعض الناس إذا أحب عالما أخذ بأقواله في كل شيء ، ويوالي ويعادي على محبة هذا الشيخ ، أو على هذا العالم ، وهذا خلاف السنة ، لأن هذا من الغلو المنهي عنه ، حيث اتخذ رجلا فجعله ميزانا ، أو معيارا للحق والباطل ، وهذا لا يجوز أبدا ، ولهذا يقول شيخ الإسلام ابن تيمية ( 13) – رحمه الله تعالى – : ومن نصّب شخصا – كائنا من كان – فوالى وعادى على موافقته في القول والفعل ، فهو ﴿ مِنَ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُم وَكَانُوا شِيَعًا ﴾ [سورة الروم : الآية 32] ، الآية ، وإذا تفقه الرجل وتأدب بطريقة قوم من المؤمنين ، مثل اتباع الأئمة والمشايخ ، فليس له أن يجعل قدوته وأصحابه هم العيار ، فيوالي من وافقهم ، ويعادي من خالفهم ، فينبغي للإنسان أن يعود نفسه التفقه الباطن في قلبه والعمل به ، فهذا زاجر ، وكمائن القلوب تظهر عند المحن ، وليس لأحد أن يدعو إلى مقالة ، أو يعتقدها لكونها قول أصحابه ، ولا يناجز عليها ، بل لأجل أنها مما أمر الله به ورسوله ، أو أخبر الله به ورسوله ، لكون ذلك طاعة لله ورسوله .
وينبغي للداعي أن يقدم فيما استدلوا به من القرآن ، فإنه نور وهدى ، ثم يجعل إمام الأئمة رسول الله – صلى الله عليه وسلم – .
ويقول في موضع آخر ( 14) : وليس لأحد أن ينتسب إلى شيخ يوالي على متابعته ويعادي على ذلك ، بل عليه أن يوالي كل من كان من أهل الإيمان ، ومن عُرف منه التقوى من جميع الشيوخ وغيرهم ، ولا يخص أحدا بمزيد موالات إلا إذا ظهر له مزيد إيمانه وتقواه ، فيقدم من قدم الله – تعالى – ورسوله عليه ، ويُفضل من فضَّله الله ورسوله ، قال الله – تعالى – ﴿ يا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ ﴾ [سورة الحجرات : الآية 13] .
وهكذا ينبغي أن يكون المؤمن مطيعا لله ولرسوله – صلى الله عليه وسلم – فيتخذ من هؤلاء العلماء دليلا يهتدي به ، فإذا استبانت له السنة عمل بها ، حتى لو كان الذي تكلم بها غير محبوب إليه .
احترام أهل العلم
ثانيا : من حقوق أهل العلم علينا احترامهم ، وتقديرهم ، يقول – صلى الله عليه وسلم – في الحديث الصحيح : « ليس منا من لم يُجِلَّ كبيرنا ، ويرحم صغيرنا ، ويعرف لعالمنا حقه » (15 ) . فالعالم له حق على الإنسان أيًّا كان .
يقول طاوس بن كيسان – رحمه الله تعالى – وهو من التابعين ، من أكبر تلاميذ ابن عباس : من السنة أن يُوَقَّر أربعة : العالم ، وذو الشيبة ، والسلطان ، والوالد ، هذا من سنة نبيكم – صلى الله عليه وسلم – .
والصحابة – رضي الله عنهم أجمعين – على حد سواء كانوا يهابون النبي – صلى الله عليه وسلم – أن يسألوه ، حتى إن أنس بن مالك – رضي الله عنه – قال : كَانَ يُعْجِبُنَا أَنْ يَجِيءَ الرَّجُلُ مِنْ أَهْلِ الْبَادِيَةِ فَيَسْأَلَ رَسُولَ اللهِ – صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – فَجَاءَ أَعْرَابِيٌّ فَقَالَ : يَا رَسُولَ اللهِ مَتَى قِيَامُ السَّاعَةِ ؟ وَأُقِيمَتِ الصَّلَاةُ ، فَصَلَّى رَسُولُ اللهِ ، فَلَمَّا فَرَغَ مِنْ صَلَاتِهِ قَالَ : « أَيْنَ السَّائِلُ عَنِ السَّاعَةِ » . قَالَ : أَنَا يَا رَسُولَ اللهِ. قَالَ : « وَمَا أَعْدَدْتَ لَهَا » . قَالَ : مَا أَعْدَدْتُ لَهَا مِنْ كَبِيرِ عَمَلٍ صَلَاةٍ ، وَلَا صِيَامٍ ، إِلَّا أَنِّي أُحِبُّ اللهَ وَرَسُولَهُ . فَقَالَ رَسُولُ اللهِ – صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : « الْمَرْءُ مَعَ مَنْ أَحَبَّ » (16 ). قَالَ أَنَسٌ : فَمَا رَأَيْتُ الْمُسْلِمِينَ فَرِحُوا بَعْدَ الْإِسْلَامِ بِشَيْءٍ مَا فَرِحُوا بِهِ .
ويقول ابن عباس – رضي الله عنه – : مكثت سنتين أريد أن أسأل عمر عن حديث ما منعني منه إلا هيبته .
فأين هذا من طلاب العلم الذين يتجرءون على المشايخ،ويرفعون أصواتهم في وجوههم ، وربما آذوهم ، وربما وقفوا في طريقهم وهم يمشون ، وهذا ليس من الأدب مع أهل العلم .
ولما أراد خلف بن الأحمر شيخ الإمام أحمد بن حنبل أن يجلس الإمام أحمد بجواره ، أبى الإمام أحمد وقال : لا أقعد إلا بين يديك ، أُمرنا أن نتواضع لمن نتعلم منه .
فما منع الإمام أحمد أنه كان معروفا ، أو أنه كان مشهورا في ذلك الوقت ، أن يجلس بين يدي من يريد أن يتعلم منه ، ولو مسألة واحدة ، أو حديثا واحدا ، وهو أحد شيوخه الذين أخذ عليهم العلم ، ولهذا كان ابن عباس – رحمه الله تعالى ورضي عنه – ربما جلس في الظهيرة في اليوم القائظ الشديد تُثير عليه الريح التراب عند باب أُبَيّ بن كعب ، فما يطرق عليه الباب ليخرجه وقت القائلة ، فيخرج إليه أبي بن كعب فيقول : يا ابن عم رسول الله هلا طرقت الباب ، وهلا أرسلت إلي ؟ فيقول – رضي الله عنه ورحمه – : هكذا أمرنا أن نفعل .
وكان يأخذ بخطام دابة أُبي بن كعب ، احتراما لأبي بن كعب – رضي الله عنهم – جميعا .
ثالثا : ومن أعظم حقوق العالم أن تأخذ علمه ، أن تأتي لتسأله ، لتستفيد منه ، لألا يموت العالم وعلمه في صدره ، لأن هذا العلم ورثه العلماء عن الأنبياء ، فكما ورث أبو بكر وعمر وأجلاء الصحابة علم النبي – صلى الله عليه وسلم – كذلك ورثهم التابعون ، والتابعون ورثهم أتباع التابعين ، وهكذا إلى أن يصل إلى علمائنا الموجودين اليوم ، ولله الحمد والمنة .
فهذه تركة محمد – صلى الله عليه وسلم – في صدروهم في صدورهم ، فاحفظوها ، وخذوا عنهم ، فمن الجفاء أن يُضَيَّع العالم ، ويُترك علمه ، ولهذا يقول عبد الرحمن بن مهدي – رحمه الله تعالى – : كان الرجل من أهل العلم إذا لقي مَن هو فوقه في العلم ، فهو يوم غنيمته ، سأله وتعلم منه ، وإذا لقي من هو دونه علّمه ، وتواضع له ، وإذا لقي من هو مثله في العلم ذاكره ودارسه .
هكذا كان أسلافنا – رحمهم الله ورضي عنهم – وقال أبو الدرداء – رضي الله عنه وأرضاه – : من فقه الرجل ممشاه ومخرجه ومدخله مع أهل العلم .
هذا من فقه الشاب أن يكون دائما مع أهل العلم ، ذهابا وإيابا ، يرافقهم يلازمهم حتى يجعله الله – عز وجل – في يوم من الأيام من أهل العلم الذين يحملون هذا العلم العظيم
الحذر من القدح في أهل العلم
رابعا : من حقوق أهل العلم الحذر من القدح فيهم ، وتناولهم بالقبيح من القول ، أو الفعل على حد سواء ، فهذا أيضا من الحقوق المهمة ، فقد رأينا شبابا – هداهم الله ، وأصلح قلوبهم وأعمالهم ، وأصلحنا جميعا – رأيناهم يُطلقون ألسنتهم في أهل العلم ، وفي ولاة الأمور ، وكأن هاتين الفئتين هم أقل الناس حقوقا عليهم ، فيطلقون فيهم ألسنتهم ، ولو عقلوا عن الله ، وعن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – لعلموا أن حق العالم ، وحق السلطان لا يقل عن حق الوالد إلا قليلا ، فحقهم عظيم على الناس ، ولهذا كان الطعن في أصحاب النبي – صلى الله عليه وسلم – جريمة عظيمة ، بل أحيانا يكون كفرا مُخرجا من الملة بحسب قائله ، وبحسب بالصحابي المتكلَّم فيه ، ولهذا قال إمام عصره أبو زُرعة الرازي ( 17) – من أجل شيوخ مسلم – : إذا رأيت الرجل ينتقص أحدا من أصحاب رسول الله فاعلم أنه زنديق وذلك أن الرسول حق والقرآن حق وما جاء به حق وإنما أدى إلينا ذلك كله الصحابة فمن جرحهم إنما أراد إبطال الكتاب والسنة فيكون الجرح به ألصق والحكم عليه بالزندقة والضلالة والكذب والفساد هو الأقوم الأحق .
ويقول الإمام أحمد – رحمه الله تعالى – : إذا رأيت الرجل يغمز حماد بن سلمة ، فاتهمه على الإسلام ، فإنه كان شديدا على أهل البدع .
فحق العالم حامل السنة أن يُحترم ، ولو أخطأ استغفرنا له ، ولا نطلق ألسنتنا في عرضه لخطئه في مسألة فقهية ، أو اجتهادية .
لحوم العلماء مسمومة
ويقول ابن عساكر – رحمه الله تعالى – : واعلم يا أخي – وفقنا الله وإياك لمرضاته وجعلنا ممن يخشاه ويتقيه حق تقاته أن لحوم العلماء – رحمة الله عليهم – مسمومة ، وعادة الله في هتك أستار مُنتقصيهم معلومة ، لأن الوقيعة فيهم بما هم منه براء أمره عظيم ، والتناول لأعراضهم بالزور والافتراء مَرتع وخيم ، والاختلاق على من اختاره الله منهم لنعش العلم خُلُق ذميم ، والاقتداء بما مدح الله به قول المتبعين من الاستغفار لمن سبقهم وصف كريم .
والعجيب أن بعض الفضلاء – هداهم الله – ربما يفرح بأن يسمع لبعض أهل العلم خطأ في فتيا ، فإذا ما دخل مجلسا يقول : أسمعتم فلانا ؟ أرأيتم فلانا كيف أفتى في المسألة الفلانية ؟ كيف قال في المسألة الفلانية ؟ وهذا ليس من خلق أهل الإيمان ، بل ينبغي عليه أن يبين الحق في المسألة إن كان عنده فيها علم .
التروي قبل تخطئة أهل العلم
خامسا : من حقوق أهل العلم الحذر من تخطئتهم بغير علم ، فعلينا أن نتأكد من المسألة ، وينبغي عليك أن تتأدب مع العالم ، فلا تعارض قوله الذي استند فيه على دليل شرعي برأيك فتهلك ، يقول بعض الناس – هداهم الله – وكان هذا في وقت مضى ، وإلى الآن – للأسف – نسمع هذه الكلمة ، يقولون : المشايخ الكبار اليوم مشايخ حيض ونفاس . يعني نسألهم عن أمور الصوم والصلاة ، وما إلى ذلك ، أما مسائل الواقع ، ومسائل أحوال المسلمين ، ومسائل البيوع ، ومسائل الأسهم ، ومسائل كذا ، ومسائل كذا ، فهذه المسائل لها أناس متخصصون .
وهذا قول خطير ، لأن هذا يعني أن هؤلاء العلماء لم يفقهوا ، أو أن الكتاب والسنة الذي حوته صدورهم ليس فيه حلول لما نحن فيه من الأمور المشكلة علينا ، وهذا قول خطير وقول مخالف لما أمر الله – عز وجل – به .
وعندي نقل عن شيخنا الشيخ عبد العزيز بن باز – رحمة الله عليه – وكان قد قيل في وقته كلام فيما يتعلق بأن الشيخ لا يفقه الواقع ، ولا يعرفه ، فتكلم الشيخ بكلام يدل على علمه وفقهه – رحمه الله – حيث قال في إحدى فتاواه ، لما قيل له : إنكم لم تفقهوا الواقع يا شيخ ، إنكم أهل حيض ونفاس فقط . فقال – رحمه الله تعالى – : الواجب على الإنسان أن يحفظ لسانه عما لا ينبغي ، وألا يتكلم إلا عن بصيرة ، فالقول بأن فلانا لا يفقه الواقع ، هذا يحتاج إلى علم ، ولا يقوله إلا من عنده علم ، حتى يستطيع أن يحكم ، أما أن يقول هذا جزافا ، ويحكم برأيه على غير دليل ، فهذا منكر عظيم ، لا يجوز ، والعلم بأن صاحب الفتوى لم يفقه الواقع يحتاج إلى دليل ، ولا يتسنى ذلك إلا للعلماء .
يعني أن الذي يقول : إن العلماء لا يفقهون الواقع ، ولا يعرفون أن يفتوا في الأسهم والسندات وما إلى ذلك . قول لا دليل عليه ، وإنما هو خطأ ارتكبه من حيث لم يشعر .
التماس العذر للعلماء
سادسا : من حقوقهم التماس العذر لهم إذا زلت بهم القدم ، يقول بعض السلف : إذا كان الرجل ثقة مشهودا له بالإيمان والاستقامة ، فلا ينبغي أن يحمل كلامه وألفاظ كتاباته على غير ما تعود منه ومن أمثاله ، بل ينبغي التأويل الصالح ، فحسن الظن بهم واجب علينا .
الرجوع إليهم في زمن الفتن والنوازل
سابعا : من حقوقهم المهمة الرجوع إليهم ، خاصة في زمن الفتن والنوازل ، يقول الله – عز وجل – ﴿ وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِّنَ الأَمْنِ أَوِ الخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُوْلِي الأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنبِطُونَهُ مِنْهُمْ ﴾ [سورة النساء : الآية 83] فانظروا رحمكم الله إلى قوله – سبحانه وتعالى – ﴿ يَسْتَنبِطُونَهُ ﴾ ولم يقل : يحفظونه . فليس العلم بكثرة الحفظ ، وإنما العلم بالفقه والفهم ﴿ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنبِطُونَهُ ﴾ فإذا نزل بالمسلمين نازلة كغلاء أسعار ، أو حرب ، أو فتن ، أو نحوها ، فافزع إلى أهل العلم ، فاسألهم عن حكم الله ، وحكم رسوله فيما فهّمهم الله ، فبإذن الله – تعالى – تجد الجواب الذي يُثلج صدرك ، ولهذا يقول الشيخ ابن سعدي ( 18) – رحمه الله تعالى – في تفسير قوله – تعالى – ﴿ وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِّنَ الأَمْنِ أَوِ الخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُوْلِي الأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنبِطُونَهُ مِنْهُمْ ﴾ [سورة النساء : الآية 83] هذا تأديب من الله لعباده عن فعلهم هذا غير اللائق ، وأنه ينبغي لهم إذا جاءهم أمر من الأمور المهمة والمصالح العامة ما يتعلق بالأمن ، وسرور المؤمنين ، أو بالخوف الذي فيه مصيبة عليهم ، أن يتثبتوا ، ولا يستعجلوا بإشاعة ذلك الخبر ، بل يردونه إلى الرسول ، وإلى أولي الأمر منهم ، أهلِ الرأي والعلم والنصح والعقل والرزانة ، الذين يعرفون الأمور ويعرفون المصالح وضدها ، فإن رأوا في إذاعته مصلحة ونشاطا للمؤمنين وسرورا لهم وتَحَرُّزا من أعدائهم ، فعلوا ذلك ، وإن رأوا أنه ليس فيه مصلحة ، أو فيه مصلحة ، ولكن مضرته تزيد على مصلحته ، لم يذيعوه ، ولهذا قال ﴿ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنبِطُونَهُ مِنْهُمْ ﴾ أي يستخرجونه بفكرهم وآرائهم السديدة ، وعلومهم الرشيدة .
وفي هذا دليل لقاعدة أدبية ، وهي أنه إذا كان هناك بحث في أمر من الأمور ، فينبغي أن يولَّى مَنْ هو أهل لذلك ، فلا يُتَقدم بين أيديهم ، فإنهم أقرب إلى الصواب ، والسلامة من الخطإ .
وما ابتُلي المسلمون اليوم من البلايا المتكررة ، ووقعوا في الأخطاء التي ندموا عليها إلا لأنهم رجعوا إلى صغار السن من الشباب ، رجعوا إلى المتحمسين ، رجعوا إلى بعض من انتسب إلى العلم ، ولم ترسُخ قدمه ممن يخرج في القنوات الفضائية ، وفي غيرها فوقعت لهم الفتنة تلو الفتنة وهم لا يشعرون .
نشر فضائلهم
ثامنا : من حقوقهم علينا نشر فضائلهم ، والكف عن ذكر مثالبهم .
أصل المادة
رابط الموضوع : http://www.assakina.com/mohadrat/16342.html#ixzz2jYdtv2dV
فما منع الإمام أحمد أنه كان معروفا ، أو أنه كان مشهورا في ذلك الوقت ، أن يجلس بين يدي من يريد أن يتعلم منه ، ولو مسألة واحدة ، أو حديثا واحدا ، وهو أحد شيوخه الذين أخذ عليهم العلم ، ولهذا كان ابن عباس – رحمه الله تعالى ورضي عنه – ربما جلس في الظهيرة في اليوم القائظ الشديد تُثير عليه الريح التراب عند باب أُبَيّ بن كعب ، فما يطرق عليه الباب ليخرجه وقت القائلة ، فيخرج إليه أبي بن كعب فيقول : يا ابن عم رسول الله هلا طرقت الباب ، وهلا أرسلت إلي ؟ فيقول – رضي الله عنه ورحمه – : هكذا أمرنا أن نفعل .
وكان يأخذ بخطام دابة أُبي بن كعب ، احتراما لأبي بن كعب – رضي الله عنهم – جميعا .
ثالثا : ومن أعظم حقوق العالم أن تأخذ علمه ، أن تأتي لتسأله ، لتستفيد منه ، لألا يموت العالم وعلمه في صدره ، لأن هذا العلم ورثه العلماء عن الأنبياء ، فكما ورث أبو بكر وعمر وأجلاء الصحابة علم النبي – صلى الله عليه وسلم – كذلك ورثهم التابعون ، والتابعون ورثهم أتباع التابعين ، وهكذا إلى أن يصل إلى علمائنا الموجودين اليوم ، ولله الحمد والمنة .
فهذه تركة محمد – صلى الله عليه وسلم – في صدروهم في صدورهم ، فاحفظوها ، وخذوا عنهم ، فمن الجفاء أن يُضَيَّع العالم ، ويُترك علمه ، ولهذا يقول عبد الرحمن بن مهدي – رحمه الله تعالى – : كان الرجل من أهل العلم إذا لقي مَن هو فوقه في العلم ، فهو يوم غنيمته ، سأله وتعلم منه ، وإذا لقي من هو دونه علّمه ، وتواضع له ، وإذا لقي من هو مثله في العلم ذاكره ودارسه .
هكذا كان أسلافنا – رحمهم الله ورضي عنهم – وقال أبو الدرداء – رضي الله عنه وأرضاه – : من فقه الرجل ممشاه ومخرجه ومدخله مع أهل العلم .
هذا من فقه الشاب أن يكون دائما مع أهل العلم ، ذهابا وإيابا ، يرافقهم يلازمهم حتى يجعله الله – عز وجل – في يوم من الأيام من أهل العلم الذين يحملون هذا العلم العظيم
الحذر من القدح في أهل العلم
رابعا : من حقوق أهل العلم الحذر من القدح فيهم ، وتناولهم بالقبيح من القول ، أو الفعل على حد سواء ، فهذا أيضا من الحقوق المهمة ، فقد رأينا شبابا – هداهم الله ، وأصلح قلوبهم وأعمالهم ، وأصلحنا جميعا – رأيناهم يُطلقون ألسنتهم في أهل العلم ، وفي ولاة الأمور ، وكأن هاتين الفئتين هم أقل الناس حقوقا عليهم ، فيطلقون فيهم ألسنتهم ، ولو عقلوا عن الله ، وعن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – لعلموا أن حق العالم ، وحق السلطان لا يقل عن حق الوالد إلا قليلا ، فحقهم عظيم على الناس ، ولهذا كان الطعن في أصحاب النبي – صلى الله عليه وسلم – جريمة عظيمة ، بل أحيانا يكون كفرا مُخرجا من الملة بحسب قائله ، وبحسب بالصحابي المتكلَّم فيه ، ولهذا قال إمام عصره أبو زُرعة الرازي ( 17) – من أجل شيوخ مسلم – : إذا رأيت الرجل ينتقص أحدا من أصحاب رسول الله فاعلم أنه زنديق وذلك أن الرسول حق والقرآن حق وما جاء به حق وإنما أدى إلينا ذلك كله الصحابة فمن جرحهم إنما أراد إبطال الكتاب والسنة فيكون الجرح به ألصق والحكم عليه بالزندقة والضلالة والكذب والفساد هو الأقوم الأحق .
ويقول الإمام أحمد – رحمه الله تعالى – : إذا رأيت الرجل يغمز حماد بن سلمة ، فاتهمه على الإسلام ، فإنه كان شديدا على أهل البدع .
فحق العالم حامل السنة أن يُحترم ، ولو أخطأ استغفرنا له ، ولا نطلق ألسنتنا في عرضه لخطئه في مسألة فقهية ، أو اجتهادية .
لحوم العلماء مسمومة
ويقول ابن عساكر – رحمه الله تعالى – : واعلم يا أخي – وفقنا الله وإياك لمرضاته وجعلنا ممن يخشاه ويتقيه حق تقاته أن لحوم العلماء – رحمة الله عليهم – مسمومة ، وعادة الله في هتك أستار مُنتقصيهم معلومة ، لأن الوقيعة فيهم بما هم منه براء أمره عظيم ، والتناول لأعراضهم بالزور والافتراء مَرتع وخيم ، والاختلاق على من اختاره الله منهم لنعش العلم خُلُق ذميم ، والاقتداء بما مدح الله به قول المتبعين من الاستغفار لمن سبقهم وصف كريم .
والعجيب أن بعض الفضلاء – هداهم الله – ربما يفرح بأن يسمع لبعض أهل العلم خطأ في فتيا ، فإذا ما دخل مجلسا يقول : أسمعتم فلانا ؟ أرأيتم فلانا كيف أفتى في المسألة الفلانية ؟ كيف قال في المسألة الفلانية ؟ وهذا ليس من خلق أهل الإيمان ، بل ينبغي عليه أن يبين الحق في المسألة إن كان عنده فيها علم .
التروي قبل تخطئة أهل العلم
خامسا : من حقوق أهل العلم الحذر من تخطئتهم بغير علم ، فعلينا أن نتأكد من المسألة ، وينبغي عليك أن تتأدب مع العالم ، فلا تعارض قوله الذي استند فيه على دليل شرعي برأيك فتهلك ، يقول بعض الناس – هداهم الله – وكان هذا في وقت مضى ، وإلى الآن – للأسف – نسمع هذه الكلمة ، يقولون : المشايخ الكبار اليوم مشايخ حيض ونفاس . يعني نسألهم عن أمور الصوم والصلاة ، وما إلى ذلك ، أما مسائل الواقع ، ومسائل أحوال المسلمين ، ومسائل البيوع ، ومسائل الأسهم ، ومسائل كذا ، ومسائل كذا ، فهذه المسائل لها أناس متخصصون .
وهذا قول خطير ، لأن هذا يعني أن هؤلاء العلماء لم يفقهوا ، أو أن الكتاب والسنة الذي حوته صدورهم ليس فيه حلول لما نحن فيه من الأمور المشكلة علينا ، وهذا قول خطير وقول مخالف لما أمر الله – عز وجل – به .
وعندي نقل عن شيخنا الشيخ عبد العزيز بن باز – رحمة الله عليه – وكان قد قيل في وقته كلام فيما يتعلق بأن الشيخ لا يفقه الواقع ، ولا يعرفه ، فتكلم الشيخ بكلام يدل على علمه وفقهه – رحمه الله – حيث قال في إحدى فتاواه ، لما قيل له : إنكم لم تفقهوا الواقع يا شيخ ، إنكم أهل حيض ونفاس فقط . فقال – رحمه الله تعالى – : الواجب على الإنسان أن يحفظ لسانه عما لا ينبغي ، وألا يتكلم إلا عن بصيرة ، فالقول بأن فلانا لا يفقه الواقع ، هذا يحتاج إلى علم ، ولا يقوله إلا من عنده علم ، حتى يستطيع أن يحكم ، أما أن يقول هذا جزافا ، ويحكم برأيه على غير دليل ، فهذا منكر عظيم ، لا يجوز ، والعلم بأن صاحب الفتوى لم يفقه الواقع يحتاج إلى دليل ، ولا يتسنى ذلك إلا للعلماء .
يعني أن الذي يقول : إن العلماء لا يفقهون الواقع ، ولا يعرفون أن يفتوا في الأسهم والسندات وما إلى ذلك . قول لا دليل عليه ، وإنما هو خطأ ارتكبه من حيث لم يشعر .
التماس العذر للعلماء
سادسا : من حقوقهم التماس العذر لهم إذا زلت بهم القدم ، يقول بعض السلف : إذا كان الرجل ثقة مشهودا له بالإيمان والاستقامة ، فلا ينبغي أن يحمل كلامه وألفاظ كتاباته على غير ما تعود منه ومن أمثاله ، بل ينبغي التأويل الصالح ، فحسن الظن بهم واجب علينا .
الرجوع إليهم في زمن الفتن والنوازل
سابعا : من حقوقهم المهمة الرجوع إليهم ، خاصة في زمن الفتن والنوازل ، يقول الله – عز وجل – ﴿ وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِّنَ الأَمْنِ أَوِ الخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُوْلِي الأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنبِطُونَهُ مِنْهُمْ ﴾ [سورة النساء : الآية 83] فانظروا رحمكم الله إلى قوله – سبحانه وتعالى – ﴿ يَسْتَنبِطُونَهُ ﴾ ولم يقل : يحفظونه . فليس العلم بكثرة الحفظ ، وإنما العلم بالفقه والفهم ﴿ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنبِطُونَهُ ﴾ فإذا نزل بالمسلمين نازلة كغلاء أسعار ، أو حرب ، أو فتن ، أو نحوها ، فافزع إلى أهل العلم ، فاسألهم عن حكم الله ، وحكم رسوله فيما فهّمهم الله ، فبإذن الله – تعالى – تجد الجواب الذي يُثلج صدرك ، ولهذا يقول الشيخ ابن سعدي ( 18) – رحمه الله تعالى – في تفسير قوله – تعالى – ﴿ وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِّنَ الأَمْنِ أَوِ الخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُوْلِي الأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنبِطُونَهُ مِنْهُمْ ﴾ [سورة النساء : الآية 83] هذا تأديب من الله لعباده عن فعلهم هذا غير اللائق ، وأنه ينبغي لهم إذا جاءهم أمر من الأمور المهمة والمصالح العامة ما يتعلق بالأمن ، وسرور المؤمنين ، أو بالخوف الذي فيه مصيبة عليهم ، أن يتثبتوا ، ولا يستعجلوا بإشاعة ذلك الخبر ، بل يردونه إلى الرسول ، وإلى أولي الأمر منهم ، أهلِ الرأي والعلم والنصح والعقل والرزانة ، الذين يعرفون الأمور ويعرفون المصالح وضدها ، فإن رأوا في إذاعته مصلحة ونشاطا للمؤمنين وسرورا لهم وتَحَرُّزا من أعدائهم ، فعلوا ذلك ، وإن رأوا أنه ليس فيه مصلحة ، أو فيه مصلحة ، ولكن مضرته تزيد على مصلحته ، لم يذيعوه ، ولهذا قال ﴿ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنبِطُونَهُ مِنْهُمْ ﴾ أي يستخرجونه بفكرهم وآرائهم السديدة ، وعلومهم الرشيدة .
وفي هذا دليل لقاعدة أدبية ، وهي أنه إذا كان هناك بحث في أمر من الأمور ، فينبغي أن يولَّى مَنْ هو أهل لذلك ، فلا يُتَقدم بين أيديهم ، فإنهم أقرب إلى الصواب ، والسلامة من الخطإ .
وما ابتُلي المسلمون اليوم من البلايا المتكررة ، ووقعوا في الأخطاء التي ندموا عليها إلا لأنهم رجعوا إلى صغار السن من الشباب ، رجعوا إلى المتحمسين ، رجعوا إلى بعض من انتسب إلى العلم ، ولم ترسُخ قدمه ممن يخرج في القنوات الفضائية ، وفي غيرها فوقعت لهم الفتنة تلو الفتنة وهم لا يشعرون .
نشر فضائلهم
ثامنا : من حقوقهم علينا نشر فضائلهم ، والكف عن ذكر مثالبهم .
أصل المادة
رابط الموضوع : http://www.assakina.com/mohadrat/16342.html#ixzz2jYdtv2dV
———————-
الكاتب:د عادل السبيعي
رابط الموضوع : http://www.assakina.com/taseel/32020.html#ixzz2vSahGM4b
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق