مفهوم طاعة ولاة الأمور في الإسلام
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد، وعلى آله الطيبين الطاهرين، وخلفائه الراشدين المهديين، وسائر أصحابه الغُرّ الميامين، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، أما بعد:
طاعة ولاة الأمور أصل من أصول عقيدة السلف
فطاعة ولاة الأمور أصل من أصول عقيدة السلف، ومعتقد يعتقده أهل السنة والجماعة، وقد دلت النصوص الكثيرة على هذا الأمر، وعلى هذا الأصل، وجاء العقل الصريح – أو السليم – بأهمية هذا الأمر، فإن الناس لا يصلح أن يعيشوا من دون أن يكون لهم رأس، يرجعون إليه، يرعى حق الله فيهم، وينصف مظلومهم من ظالمهم، ويقيم حدود الله – تبارك وتعالى – وقديما قال الشاعر الحكيم:
لا يصلح الناس فوضى لا سَراة لهم ولا سراة إذا جهّالهم سادوا
فالعقل والفطرة يقتضيان وجود مثل هذا الأمر، وجاءت نصوص الشرع بما يدل عليه ويؤكده وبخاصة في هذه الأمة الخاتمة، وفي هذه البعثة المحمدية، فقد أنزل الله – تبارك وتعالى – في كتابه آيات تدل على هذا، وصدحت السنة بأحاديث كثيرة، تؤكّد مثل هذا الأمر وتُعيّنه.
يقول الله – تبارك وتعالى – في كتابه الكريم ﴿يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ﴾ [سورة النساء: الآية 59]، فطاعة ولاة الأمر – من مدلول هذه الآية – أمر لازم، والطاعة إنما هي في المعروف، فهذه الطاعة أمر لازم ومتحتم، تنفيذا وامتثالا لهذا النص الصريح من كتاب الله – تبارك وتعالى -.
وجاء في السنة أن الصحابة قد بايعوا النبيَّ – صلى الله عليه وسلم – على السمع والطاعة، في المنشط والمكره، في العسر واليسر، وعلى أثرة عليهم، كما في حديث عبادة بن الصامت، في الصحيحين وغيرهما، وهذا يدل على عظم هذا الأمر، وأنه قد اقتضى البيعة على هذا الأمر، تأكيدا له، وتعظيما لشأنه، وهناك نصوص أخرى كثيرة سيأتي ذكرها عند مناسبتها.
ومما يدل على أهمية هذا الأمر أيضا، ما جاء عن عمر بن الخطاب، الفاروق الملهم – رضي الله تبارك وتعالى عنه – حين قال: كن كالكلمة الخالدة التي يقوم بها، أو بامتثالها أمور الدين والدنيا.
لا دين إلا بجماعة
وتلك الكلمة قامت عليها بعض المؤلفات، فصارت هي الأصل الذي تفرعت عنه مسائل ذلك الكتاب، كمقدمة ابن خلدون، يقول عمر الفاروق – رضي الله تبارك وتعالى عنه – الخليفة الراشد الثاني: لا دين إلا بجماعة، ولا جماعة إلا بإمامة، ولا إمامة إلا بسمع وطاعة.
فأول ما قال – رضي الله عنه -: لا دين إلا بجماعة. فهذه الكلمة قد يستغربها بعض الناس، فيقول: إذا كان الدين أركانه الشهادتان والصلاة والزكاة، والإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله، إلى آخر ما هو معروف، فكيف يقول عمر – رضي الله عنه -: لا دين إلا بجماعة. ونحن لا نجد هذا، لا في أركان الإسلام، ولا في أركان الإيمان؟
والجواب على ذلك أنه – رضي الله تبارك وتعالى عنه – لم يغب عنه أركان الإيمان، ولا أركان الإسلام، ولكنه أراد الدين بمعناه الشامل، وبمعناه الكامل، لعموم الناس، لا للفرد بذاته، فهذا الدين لا يكون إلا بجماعة، يعنى حتى يظهر أثر الدين، فإن الدين إذا كانت هناك جماعة ظهرت معالمه واشتهرت، كصلاة الجماعة والأعياد والاستسقاء، وما إلى ذلك.
كذلك أيضًا ظهور محافل الإسلام، من وجود العدل والرحمة بين المسلمين، والتواد والتآلف والتحاب، وكل هذا لا يكون من فرد واحد، بل لا بد أن يكون هناك جماعة، وهذه الجماعة إذا توافرت، فربما تعدى قوي على ضعيف، وأكل مبطل حق مُحِقّ، فإذا كان ثمة جماعة، ظهر منهم إنصاف المظلوم، وردع الظالم عن ظلمه، وإقامة شعائر هذا الدين، فمن هنا ظهر الدين بمعناه الشامل في الجماعة.
إذا تجمع الناس وتكاثروا في مكان، فلا بد لهم من إمام يرجعون إليه، يشعرون أن ما ورد من إشكال، أو ما ورد من أمور تهمهم في دينهم ودنياهم، أن هناك من ينير لهم السبيل فيها، ويرجعون إليه، فيعملون برأيه، وحتى يأطرهم على الحق أطْرا.
فلا بد إذن من وجود هذا الإمام لتكون تلك الجماعة على معناها المراد شرعًا، وإلا صارت غثاء كغثاء السيل، فلا دين إلا بجماعة، ولا جماعة إلا بإمامة، ولا إمامة إلا بسمع وطاعة.
فإذا وجدت الجماعة، ثم وجدت الإمام، لكن هذا الإمام لا يسمع له، ولا يطاع، ولا ينفذ له أمر، فما الفائدة إذن من إقامته؟ فحينئذ نستطيع أن نقول: إن الدين لا يظهر على وجهه، وعلى شموله وكماله، إلا بهذه الأمور: الجماعة، والإمامة، والسمع وطاعة لهذا الإمام.
فإن لم يتم ذلك، صار الناس هملا، فتضيع مصلحة الأمة، بل تضيع الأمة كلها إذا لم يكن لها رأس يُسمع له ويطاع، ولهذا جاء التأكيد في الشرع على أنه لا ينبغي للناس أن يعيشوا دون إمام.
وهذا عمر بن الخطاب – رضي الله عنه – لما طُعن وأوصى قال: لا يمضي ثلاث إلا وقد بايعتم خليفة. وذلك لأنه لا ينبغي للأمة أن تعيش فترة من دون أن يكون لها والٍ يلي أمورها.
من هم الولاة الذين يحق لهم السمع والطاعة؟
فهذه المقدمة تبين مفهوم تلك الطاعة، وأهمية وجود تلك الولاية، فإذا قال قائل: من هم إذن الولاة الذين يحق لهم السمع والطاعة؟ فالجواب أنهم الذين يلون أمور المسلمين، وأجمعت عليهم الأمة، متمثلا في أهل حَلها وعقدها الذين بايعوه، فإن مثل هذا تتعين طاعته في المعروف، وتلزم البيعة له، ولهذا جاء عن الإمام أحمد – رحمه الله – أنه سئل عن الإمام الذي إذا مات الإنسان، وليس في رقبته بيعة له مات ميتة جاهلية؟ فقال – رحمه الله -: هو الذي يُجمع الناس عليه كلهم.
وهذا يقتضي أنه إذا وُجد من يلي أمر المسلمين، ويقوم على شئونهم، وبايعه أهل الحل والعقد، فعلى جميع المسلمين أن يعلموا أن هذه بيعة شرعية، وأنها لازمة لهم، تأسيا بهؤلاء الذين بايعوا أبا بكر، والذين بايعوا عمر، فهؤلاء كانوا هم أهل الحل والعقد في المدينة، فلما بايعه هؤلاء تمت البيعة لهما – رضي الله عنهما – في جميع أصقاع بلاد الإسلام.
فهذا أيضا بيان للوالي الذي نريد التحدث عنه، يعني من هم ولاة الأمور الوارد ذكرهم في قول الله – تبارك وتعالى – ﴿أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ﴾ [سورة النساء: الآية 59]، فإن كلامنا هنا هو على ولاة الأمور الذين لهم البيعة، الذين يجب لهم السمع والطاعة.
طاعة ولاة الأمور في الإسلام وما حد طاعتهم
لفضيلة الشيخ أحمد المنيعي
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، نبينا محمد، وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا، وبعد:
فإن الطاعة في الأصل هي اللين والانقياد، فإذا قيل: فلان طائع لأبيه. يعني لين في يده، منقاد له، وأما حدود الطاعة لولي الأمر، فقد حددها الشارع الحكيم، فيقال: إن حدود الطاعة ما جاءت به الشريعة. وهو إيجاب الطاعة والانقياد لولي الأمر بالمعروف، في المنشط والمكره، والعسر واليسر، والأثرة على المسلم، فإذا أمر ولي الأمر بشيء مشروع، وجبت طاعته، وإذا أمر بمندوب وجبت طاعته، وإذا أمر بمباح وجبت طاعته أيضا، أما إذا أمر بمعصية، فحينئذ لم تجز طاعته في تلك المعصية فقط، ولا تنقص طاعته المشروعة، ولا تنزع يد من طاعة، ولا يشغب عليه بسبب تلك المعصية، فإذا أمرك ولي الأمر بترك الصلاة، أو قتل أحد بغير حق، أو نحو ذلك من الأمور المعلومة لكل أحد أنها مما حرمه الله – تعالى – لم تجز طاعته، بل الواجب عصيان أمره في هذا.
أما إذا أمر بشيء تنازع فيه أهل العلم، أو كان متفقا على تحريمه، لكن حمل ولي الأمر على هذا دفعُ ما هو أعظم منه شرا، وتعذر دفعهما جميعا، أو منع ولي الأمر من أمر مشروع لأجل تحصيل ما هو أكبر منه، وتعذر تحصيلهما جميعا، وجبت طاعته في ذلك، وحرمت مخالفته، والذي يقرر ما هو من هذا القبيل هم أهل العلم الراسخون، وليس لكل أحد أن يحكم بأن ذلك الأمر معصية لله – تعالى – لأن الكلام في الشريعة توقيع عن الله – تعالى – وولي الأمر قد يأمر بأمر، يظهر للناس أنه معصية، لكنه قرر ذلك لدفع مفسدة أعظم، أو منع من مصلحة شرعية، لتحصيل مصلحة أكبر، ويكون ذلك بالتدارس والتشاور مع أهل الحل والعقد من العلماء المعتبرين، وأهل المعرفة والتجربة من الوجهاء والرؤساء والمستشارين.
ولا يلزم أن يعلن للناس العلة والدافع والسبب لذلك، لأن للدولة أسرارها التي لو أعلنتها للعامة لاطلع عليها العدو، وأيضا للدولة سياستها الخارجية، كما أن لها سياستها الداخلية، وحيث إنه علي ولي الأمر تحقيق مصالح رعيته وجلبها وتحصيلها، وعليه حمايتهم وحفظهم وتحصينهم في أمور الدين والدنيا، فيجب على الرعية معاونته على تحقيق ذلك، بالدعاء له، والنصح له، والدفع عنه، والسمع والطاعة له، ديانة لله – تعالى – بالمعروف.
أما عن ولي الأمر الذي يجب طاعته، فهو من غلب على بلده، وتولى الزمام، وسمي أميرا، أو سلطانا، أو ملكا، أو نحو ذلك، واستتب له الأمر بَرًّا كان أو فاجرا.
هذا هو ولي الأمر، وأهل العلم مجمعون على وجوب الطاعة بالمعروف للسلطان المتغلب، برا كان أو فاجرا، وكل هذا بعد تحقق شرط الإسلام، لأن الله – تعالى – لا يقبل من الخلق غير دين الإسلام، ولا يصلح أي عمل بلا إسلام، قال – تعالى – ﴿إِنَّ الدِّينَ عِندَ اللَّهِ الإِسْلامُ﴾ [سورة آل عمران: الآية 19]، وقال ﴿وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلامِ دِينًا فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الخَاسِرِينَ﴾ [سورة آل عمران: الآية 85]، وقال ﴿اليَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلامَ دِينًا﴾ [سورة المائدة: الآية 3].
وعليه فالفهم الصحيح هو ما قرره القرآن والسنة، وطبقه الصحابة – رضي الله عنهم – وأئمة السنة بعدهم، فأهل السنة هم أهل العدل والوسط بين طرفي الإفراط والتفريط، وطرفي الغلو والجفاء، ولهذا لا يغلو أهل السنة في ولي الأمر، فيطيعونه بإطلاق، ولا يجفون، فيرونه مثل أي واحد منهم، فيطيعونه فيما يحبون، ويعصونه فيما يكرهون ويسخطون، وإنما يطيعونه ويُعزرونه ويوقرونه طاعة لله – تعالى – فإذا أمرهم بمعصية لم يطيعوه في تلك المعصية فقط، ولا ينزعون أيديهم من طاعته، ولا يخرجون عليه بسبب المعاصي والمخالفات الشرعية، ولا يغْلون أيضا في ولاة الأمر، فلا يأمرون بطاعته مطلقا، وإنما يقيدون طاعته بالمعروف، ويُجرون هذا الأصل مجرى النصوص الشرعية، ويُعملونها إعمال بقية النصوص الشرعية، فيلزمون الطاعة، لكن بالمعروف، ويتركون طاعته في المعصية، من غير نزع يد الطاعة، وينصحونه من غير خروج عليه، وصدق الله القائل ﴿وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا﴾ [سورة البقرة: الآية 143].
أسباب تكلم العلماء عن طاعة ولاة الأمر في كتب الاعتقاد
وقد تكلم العلماء عن طاعة ولاة الأمر في كتب الاعتقاد، وذلك للأسباب التالية:
أولا: أن السمع والطاعة بالمعروف لولاة الأمر، أصل من أصول عقيدة أهل السنة والجماعة، وليس من المسائل الفرعية التي يسوغ فيها الخلاف.
ثانيا: أن المخالف والمنازع لهم في ذلك – يعني أهل السنة – هم أهل الأهواء والبدع، من الخوارج والمعتزلة وأضرابهم، أما أهل السنة والجماعة فمتفقون على وجوب السمع والطاعة بالمعروف لولاة أمر المسلمين، وإن جاروا، وإن ظلموا، وصاحب السنة يرى أن هذا الأمر دين، يسير فيه على وفق كتاب الله – تعالى – وسنة نبيه – صلى الله عليه وسلم – ويتبع الصحابة – رضي الله تعالى عنهم – وأئمة أهل السنة – رحمهم الله تعالى – ويعلم أن هذه عقيدة، إنما يخالف فيها أهل الأهواء والبدع.
ثالثًا: أنه بالسمع والطاعة تحصل مصالح الدين والدنيا وتحفظ، وبعدم السمع والطاعة يفسد الدين، وتفسد الدنيا، ولهذا قال أمير المؤمنين عمر الفاروق – رضي الله عنه -: إنه لا إسلام إلا بجماعة، ولا جماعة إلا بإمارة، ولا إمارة إلا بطاعة.
وقال التابعي الجليل، الحسن البصري – رحمه الله تعالى – عن ولاة الأمر: هم يلون من أمورنا خمسا: الجمعة والجماعة والعيد والثغور والحدود، والله ما يستقيم الدين إلا بهم، وإن جاروا، أو ظلموا، والله لما يُصلح الله بهم أكثر مما يفسدون، مع أن طاعتهم لغيظ، وإن فرقتهم لكفر.
الدعاء للسلطان
وقال الإمام الجليل الحسن بن علي البَرْبَهَاري في كتابه الجليل “شرح السنة”: إذا رأيت الرجل يدعو على السلطان، فاعلم أنه صاحب هوى، وإذا سمعت الرجل يدعو للسلطان بالصلاح، فاعلم أنه صاحب سنة.
ويقول الفضل بن عياض: لو كان لي دعوة، ما جعلتها إلا في السلطان.
قال الإمام البربهاري: فأُمرنا أن ندعو لهم بالصلاح، ولم نؤمر أن ندعو عليهم، وإن جاروا وظلموا، لأن جورهم وظلمهم على أنفسهم وعلى المسلمين، وصلاحهم لأنفسهم وللمسلمين.
فالدعاء للسلطان بالصلاح صلاح له ولرعيته، وسبب للعدل، وانتشار الخير، وفي الدعاء عليه شر عليه، وعلى رعيته، وسبب للظلم والجور وانتشار الشر.
معنى لزوم الجماعة وما هي ثمرات طاعة ولاة الأمر
لفضيلة الدكتور / محمد بن عبد الله آل فهيد
الحمد لله رب العالمين، وبعد:
فلا شك أن طاعة ولاة الأمور تعني لزوم الجماعة، لأن الجماعة إذا كان عليها هذا الإمام، ثم التزموا له صاروا يدا واحدة، وهذا يقتضي أمورا منها:
ما يلزم من وجود الإمام
أولا: الاعتراف بولايتهم وإمامتهم، وأن بيعتهم بيعة شرعية، فهذا أول ما يلزم من الطاعة، وهو الدلالة على لزوم الجماعة أن تعترف ببيعتهم وبإمامتهم، وأن بيعتهم بيعة شرعية.
ثانيا: الطاعة لهم في المعروف، ويؤكد النبي – صلى الله عليه وسلم – على هذا في حديث أبي هريرة المتفق عليه، أن النبي – صلى الله عليه وسلم – قال: «من أطاعني فقد أطاع الله، ومن عصاني فقد عصى الله، ومن يُطِع الأمير فقد أطاعني، ومن يَعْص الأمير فقد عصاني، وإنما الإمام جُنّة يقاتَل مِن ورائه، ويُتَّقى به، فإن أمر بتقوى الله وعدل، فإن له بذلك أجرا، وإن قال بغيره، فإن عليه منه» (1).
فهذا يدل على عظم هذا الأمر، وأنه لا بد من الطاعة للوالي، وأن تعتبر أن طاعتك لولي الأمر هي طاعة لرسول الله، وطاعة لله – تبارك وتعالى – فعلى هذا وأنت تطيع تحتسب هذا عند الله – تبارك وتعالى – فهو نوع من أنواع العبادة، فأنت تمتثل وتؤدي ما جاءت به الشريعة، فتحتسب عند الله – تبارك وتعالى – أجرك على هذا.
وقد جاء أيضا في الصحيح أن النبي – صلى الله عليه وسلم – بعث سرية، وأمر عليهم رجلا من الأنصار (2)، وأمرهم أن يطيعوه، فغضب عليهم وقال: أليس قد أمر النبي – صلى الله عليه وسلم – أن تطيعوني؟ قالوا: بلى. قال: قد عزمت عليكم لما جمعتم حطبا، وأوقدتم نارا، ثم دخلتم فيها. فجمعوا حطبا، فأوقدوا فلما هموا بالدخول، فقام ينظر بعضهم إلى بعض، قال بعضهم: إنما تبعنا النبي – صلى الله عليه وسلم – فرارا من النار، أفندخلها؟ فبينما هم كذلك إذ خمدت النار، وسكن غضبه، فذكر للنبي – صلى الله عليه وسلم – فقال: «لو دخلوها ما خرجوا منها أبدا، إنما الطاعة في المعروف» (3).
فمعناه أن طاعة ولاة الأمور لا تكون في معاصي الله – عز وجل – ولا شك أن قتل المسلم لنفسه بإلقائه نفسه في النار معصية، ولا ينبغي أن يطاع فيها كائنا من كان، فهذا يدل على وجوب الطاعة لهم، وأن هذه الطاعة إنما هي في المعروف.
ثالثا: ومما يلزم من طاعتهم عدم الخروج عليهم، يعني عدم الخروج على الإمام الذي له البيعة، وعدم شق العصا، وعدم التحريض على ذلك بأي وجه كان، وبأي صورة، وعلى أي نحو، ينبغي للمسلم ألا يكون منه شيء من هذا القبيل، فلا يخرج، ولا يشق العصا، ولا يحرض على ذلك، لا بنشر مقال، ولا بالدعوة إلى ذلك، ولا بالتحريض ولا بعدم الإنصات.
ولهذا لما خرج أهل المدينة على يزيد بن معاوية، جاء عبد الله بن عمر إلى عبد الله بن مطيع حين كان من أمر الحرة ما كان زمن يزيد، فقال: اطرحوا لأبي عبد الرحمن وسادة. فقال: إني لم آتك لأجلس، أتيتك لأحدثك حديثا، سمعت رسول الله – صلى الله عليه وسلم – يقوله، سمعت رسول الله – صلى الله عليه وسلم – يقول: «من خلع يدا من طاعة لقي الله يوم القيامة لا حجة له، ومن مات وليس في عنقه بيعة مات ميتة جاهلية» (4).
فرضي الله عنه، فقد أنكر هذا الأمر، ولم يرض به وأخبرهم براءة للذمة، وأن هذا لا يجوز، فإذن لا ينبغي التحريض، ولا الخروج، ولا شق العصا، ولا تحسين ذلك، بل ينبغي الإنكار فيه، وعدم تحسينه، وإعلان ذلك بحسب وسعه وطاقته.
رابعا: النصيحة لولاة الأمر، فالنصيحة هذه من لوازم الجماعة، ومن لوازم الطاعة، وهي مما يعنيه لزوم الجماعة، وقد صح عن النبي – عليه الصلاة والسلام – أنه قال: «إن الدين النصيحة، إن الدين النصيحة، إن الدين النصيحة». قالوا: لمن يا رسول الله؟ قال: «لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وَعَامَّتِهِم» (5).
فقد يحدث أمر من ولي الأمر، إما في تصرفه، وإما فيما يأمر به، وإما فيما ينهى عنه، ويكون في هذا كله مخالفا للشرع، فمن الحق على أهل العلم أن ينصحوا له، ويبينوا له بأن هذا الأمر فيه مخالفة، أو أنه لا يقره الشرع، أو أن الشرع قد نهى عنه، لأن هذا من الحقوق اللازمة لهم، وهو من حقوق الطاعة، ومن الحق الواجب أيضا على المسلم، وبخاصة أهل العلم.
وهذه النصيحة يجب أن تقدم لولي الأمر على الصورة التي يسهل قبولها، ويحصل أخذها واعتبارها، فلا يأتي العالم لينصح أميرا، أو وزيرا، أو إماما، على رءوس الأشهاد بالتبكيت والتقريع واللوم، فإن هذه تصبح حينئذ فضيحة، وليست نصيحة، وقد أمر الله – تبارك وتعالى – نبيه موسى – عليه السلام – بأن يقول لأعتى عتاة أهل الأرض في زمانه – وهو فرعون – أمره أن يقول له قولا لينا، قال: ﴿فَقُولَا لَهُ قَوْلًا لَيِّنًا لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى﴾ [سورة طه: الآية 44].
فتُقدم النصيحة من أهل العلم – وبخاصة المعروفين عندهم – على الوجه الذي يحصل قبوله، وبلين من الجانب، وفي المكان المناسب، فإن امتثل فبها، وإلا فقد برئ.
وما ينبغي لأهل العلم، وأهل الحل والعقد، أن يروا هفوة، أو خطأ من الإمام، ثم يسكتوا، كأن الأمر لا يعنيهم، فهذا لا ينبغي، بل يجب عليهم نصحه، قياما بحق الله – تبارك وتعالى – عليهم، ويكون هذا بالأسلوب الحسن، وبالحكمة والموعظة الحسنة، وفي الوقت المناسب، وفي المكان المناسب، فإن هذا أدعى للقبول.
وعلى أية حال فإنه إن امتثل، فهذا من حظ الجميع، وإن لم يمتثل، فقد برئت ذمة المنكِر والناصح، لأنه قد جاء في الحديث: «ستكون أمراء، فتعرفون وتنكرون، فمن عرف برئ، ومن أنكر سلم، ولكن من رضي وتابع». قالوا: أفلا نقاتلهم؟ قال: «لا ما صلوا» (6).
أما من أنكر، أو كره بقلبه، فإن هؤلاء يدورون بين السلامة والبراءة، وفي كلٍّ خير، إما أن يسلموا، وإما أن يبرءوا.
خامسا: الذب عن أعراضهم، يعني إذا سمعت من يقع في أعراضهم، فذلك الواقع لا يخلو، إما أن يكون واقعًا بحق، وإما أن يكون واقعًا بباطل، فإن كان واقعًا بالحق، فتقول له: يا أخي أنت هنا تغتاب، والغيبة محرمة، لا يجوز لك أن تذكر أخاك بما يكره، ولا سيما إذا كان وليا لأمر الناس، وإماما من أئمة المسلمين، فإنك حينئذ تحمل الرعية على كراهيتهم، وتجعل مسألة الخروج عليهم أمرا يسيرا وسهلا. وإن كان بباطل قلنا له: أنت لم تغتبه فقط، وإنما بَهتّه، لأنك ذكرت أخاك بما ليس فيه.
فمن لزوم الجماعة أن يُذَبّ عن أعراض الولاة، من الذين يقعون فيهم، ويبين لهم أن الفعل لا يجوز، وأن هذا إما من الغيبة، وإما من البهتان، وكلاهما أمر خطير، وكبيرة من كبائر الذنوب.
سادسا: مما يعنيه لزوم الجماعة، الدعاء لهم، وهذا مما أكدته السنة النبوية، فقد جاء في صحيح البخاري وغيره، من حديث أم عطية – رضي الله تبارك وتعالى – عنها أنها قالت: أُمرنا أن نخرج الحيّض يوم العيدين، وذوات الخدور، فيشهدان جماعة المسلمين ودعوتهم، ويعتزل الحيّض عن مصلاهن، قالت امرأة: يا رسول الله، إحدانا ليس لها جلباب؟ قال: «لتلبسها صاحبتها من جلبابها» (7).
ودعوة الخير، يعني الدعاء، فتؤمن على دعاء المسلمين، وهذا يشمل الحائض والطاهر، وهذا في الأعياد والجمعة، وقد دلت الأحاديث على تسميتها عيدا، إذن فالدعاء مشروع في الأعياد، ويقاس عليه تجمعات المسلمين، ومن أهم ما يدعى للمسلمين، الدعاء لولاتهم، لأنه إذا صلح الراعي، استفاد الناس خيرا كثيرا، فبصلاح السلطان تصلح الرعية.
الدعاء لولي الأمر
وهناك من الناس من يزعم أن الدعاء لولاة الأمور لا أصل له في الشريعة، ومنهم من يقول: ما كلفنا بالدعاء لهم. فنقول: إنك عندما تدعو لهؤلاء، فإنك في الحقيقة تدعو للمسلمين جميعا، ومن هنا أكد الشارع على مثل هذا الأمر، فالدعاء لهم بالصلاح والهداية والاستقامة، إذا ستجاب الله له، كسبت منه الرعية مكاسب عظيمة، فانصلح الحال، وأنصت الإمام والوالي، ورعى حق الله، وابتعد عن الظلم والبطش، وأوصل إلى الناس حقوقهم، ورفع الظلم عنهم، ويسر لهم أمورهم، وهيأ لهم السبل التي تعينهم على قضاء حوائجهم.
إذن فالدعاء لهم مما يعنيه لزوم الجماعة، وهو ما في صالح الأمة.
وقد يقول قائل: لماذا يراعي الشرع أولئك الفجار؟ لماذا لا يُؤخذ على أيديهم، ويضربون، ويقام عليهم، ويخرج عليهم؟ والجواب: أن الشرع ما جاء بهذه التشريعات على الفهم الذي يظهر لك بهذه الصورة، فلو نظرنا إلى الحديث الذي يتكلم عن مثل هذا الأمر – وهو مستند أهل السنة والجماعة – وهو حديث حذيفة بن اليمان – رضي الله عنه – في صحيح مسلم وغيره أنه قال قلت: يا رسول الله، إنا كنا بشر، فجاء الله بخير، فنحن فيه، فهل من وراء هذا الخير شر؟ قال: «نعم». قلت: هل وراء ذلك الشر خير؟ قال: «نعم». قلت: فهل وراء ذلك الخير شر؟ قال: «نعم». قلت: كيف؟ قال: «يكون بعدي أئمة، لا يهتدون بهداي، ولا يستنون بسنتي، وسيقوم فيهم رجال، قلوبهم قلوب الشياطين، في جثمان إنس». قال قلت: كيف أصنع يا رسول الله إن أدركت ذلك؟ قال: «تسمع وتطيع للأمير، وإن ضرب ظهرك، وأخذ مالك، فاسمع وأطع» (8).
ففي هذا الحديث يصرح النبي – صلى الله عليه وسلم – بأن هؤلاء الأمراء لا يهتدون بهديه، ولا يستنون بسنته، ومع ذلك لما سأله حذيفة فقال: كيف أصنع يا رسول الله إن أدركت ذلك؟ قال: «تسمع وتطيع للأمير، وإن ضرب ظهرك، وأخذ مالك، فاسمع وأطع». فهذا هو معتقد أهل السنة والجماعة، السمع والطاعة للأئمة والولاة، أبرارا كانوا أو فجارا.
هذا الأمر ليس في صالح أولئك الحكام، أو مجاملة لهم على حساب الأمة، إنما هو في صالح الأمة، ورحمة بها، فلو أنك رأيت أمراء بهذه الحالة، ثم قمت وخرجت، والثاني قام وخرج، والثالث قام وخرج، وهؤلاء الأمراء الذين وصفهم الحبيب بأنهم لا يهتدون بهديه، ولا يستنون بسنته، هل سيأخذون في أحد لومة لائم؟ أو هل سيرحمون أحدا قام بذلك؟ إنهم سيسحقون من خالفهم بدباباتهم، وبصواريخهم، وبطائراتهم، سيحرقون الأرض أخضرها ويابسها.
إذن هل يعقل أن يقف أناس عُزْل، لا حول لهم ولا قوة، في وجه السلطان الذي أوتي كل وسائل القوة، وهو مع ذلك لا يتقي الله – عز وجل -؟
الشرع الحكيم عندما نهى عن الخروج على أمثال هؤلاء، إنما فعل ذلك من أجل مراعاة مصالح الأمة بجملتها، حتى لا يلحقهم الضرر.
ثم إن ضرر الخروج سيكون أكبر، وسيترتب على إنكار المنكر منكر أكبر منه، وحينئذ لا تحمد العاقبة، فنهى الشارع الحكيم عن أن يخرج على مثل من هذه حاله.
ولم ينص الشارع إلا في حالة واحدة، كما في حديث عبادة بن الصامت – رضي الله عنه -: «بايعنا على السمع والطاعة، في منشطنا ومكرهنا وعسرنا ويسرنا وأثرة علينا، وأن لا ننازع الأمر أهله، إلا أن تروا كفرا بَواحا، عندكم من الله فيه برهان» (9).
ولا بد أن يكون عند الناس قدرة على الخروج والانتصار، ويكون هناك أيضا من يكون مكانه، ويكون هذا معينا ومعلوما ومعروفا.
ثمرات طاعة ولي الأمر
أما ثمرات تلك الطاعة، وذلك اللزوم، فهي كثيرة، من أهمها:
أولا: امتثال أمر الله – عز وجل – حيث يقول ﴿يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ﴾ [سورة النساء: الآية 59]، وقول النبي – صلى الله عليه وسلم – «تسمع وتطيع للأمير، وإن ضرب ظهرك، وأخذ مالك، فاسمع وأطع» (10). والأحاديث في هذا الباب كثيرة.
ثانيا: تحقيق الطاعة على الوجه المعتبر، فأنت تطيع سواء نشطت، أو كرهت، لأن البيعة قد تمت من أصحابه – صلى الله عليه وسلم – له، ورضوان الله عليهم، في المنشط والمكره، يعني ما تنشط إليه النفوس، وما قد تنقبض عنه، وفي العسر واليسر.
ثالثا: أن به تحقيق مصالح العباد والبلاد، من إقامة الصلاة، وإقامة الحج، وتحقيق وسائل التقدم والازدهار في الكون وعمرانه بما يرضي الله – عز وجل – وحصول الأمن والطمأنينة لدى الناس على أعراضهم، وأموالهم، وبيوتهم، وحصول التوجه لكسب المعاش، لأن الناس إذا أمنوا على بيوتهم، وعلى أسرهم، توجهوا لكسب معاشهم، فهذا يعمل في وظيفته، وذاك يعمل في متجره، وذاك يعمل في مزرعته، وذاك في مصنعه، وهكذا.
رابعا: ومن ثمرات الطاعة أيضا تقوية شوكة المسلمين، واجتماعهم، فتصبح كلمتهم سواء، وقلوبهم متحدة، فهذا يعطي هيبة لهم في نظر العدو، فإذا اتحدوا واتفقوا وائتلفوا مع ولاتهم وأئمتهم، صاروا شوكة في حلوق أعدائهم، وأرهبوهم، ولم يستطيعوا التجرؤ عليهم، أو الحط من كرامتهم، أو نحو ذلك من الأمور، فهذا كله من أظهر ثمرات الطاعة لولاة الأمور.
حق ولاة الأمر في الشرع
للشيخ أحمد المنيعي
الحمد لله رب العالمين، وبعد:
فالحق الذي لولاة الأمر، والقدر الذي لهم، إنما قرره الشارع الحكيم وطبقه الصحابة – رضي الله عنهم – وأئمة الهدى من بعدهم، ومن حقهم على الرعية طاعتهم بالمعروف، لقول النبي – صلى الله عليه وآله وسلم -: «إنما الطاعة في المعروف» (11). وقوله – صلى الله عليه وسلم -: «اسمع وأطع، وإن ضرب ظهرك، وأخذ مالك» (12).
وفي الحديث: «بايعنا على السمع والطاعة، في منشطنا ومكرهنا وعسرنا ويسرنا وأثرة علينا، وأن لا ننازع الأمر أهله، إلا أن تروا كفرا بَواحا، عندكم من الله فيه برهان» (13). يعني وإن استأثروا بالدنيا، أو بشيء منها.
بل إن الشارع حدد منزلة ولي الأمر ومكانته، فجعلها رفيعة، فمن يكره، أو يعترض على ذلك، فإنما يكره ويعترض على حكم قرره الشارع، فليحذر المؤمن من ذلك.
وقصد الشارع من جعلها في تلك المنزلة الرفيعة هو تحقيق مقاصد عظيمة، وحفظ مصالح كبيرة، أول المستفيدين منها هم الرعية، وهذا من حكمة الشارع ليتناسب قدر الولاة مع ما تولوه من مسئولية، فإن الناس لا يسوسهم إلا قوة الإمام وحزمه، فلولا ما يفرض الشارع من توقير الولاة وتعزيرهم، لامتهنهم الناس، واستخفوا بهم، وبأوامرهم، فوقع الخلاف والشقاق.
وسائل أهل البدع والأهواء والضلال، إلى إفساد عقول الشباب
أما عن كيفية توصل المعاصرين من أهل البدع والأهواء والضلال، إلى إفساد عقول الشباب، فإن هناك العديد من الوسائل التي يلجأ إليها أهل البدع، منها:
أولا: أنهم يهوّنون من شأن السمع والطاعة بالمعروف للولاة، ويظهرون أمام الناس بمظهر الشجاعة والجرأة، وهم لا يعلمون أنهم بذلك إنما يتمردون على أمر الله، وأمر رسوله – صلى الله عليه وسلم – وأنهم يخالفون الشرع، ولا غرو ولا عجب، فإن قدوتهم في ذلك، وسلفهم من الخوارج ورءوس المعتزلة، فقد كان أهل البدع قديما يخالفون أهل السنة في أصول شرعية، تُعرف بأدلة الكتاب والسنة أنها مخالفة للشرع.
وقد صنف في ذلك الأئمة، في القديم والحديث، في كشف بدعهم ومخالفاتهم، بأدلة الكتاب والسنة، ثم مع حصول الحضارة المدنية في القرن المنصرم، أضافوا إلى بدعهم بدعا جديدة خطيرة، تخفى على كثيرين من المنتسبين للخير، ومن تلك البدع الخطيرة التنظيمات السرية، والسعي لتحقيق الهدف السياسي المغلف بغلاف الخلافة الإسلامية وتحت شعار الخلافة الإسلامية.
ثانيا: ومن وسائلهم في ذلك، السكوت عن أصلَي الدين، والتغافل عنهما، أعني إفراد الله – تعالى – بالعبادة واتباع النبي – صلى الله عليه وآله وسلم – ولذلك فإنهم يجمعون تحت شعاراتهم كل من يتفق معهم على تحقيق أهدافهم، وإن كان مشركًا في العبادة، أو مبتدعا غير متبع للنبي – صلى الله عليه وسلم – وإن كان يقول لا إله إلا الله، بل يتفقون ويقتربون من أعداء الصحابة – رضي الله عنهم – ويتسامحون مع الكفار ويتلطفون معهم، لا لأجل الدعوة، وترغيبهم في الإسلام، ولكن لأجل تحقيق أهدافهم البدعية، حتى بلغ بهم الأمر أن تعاونوا مع الكفار، في مقابل خذلان ولي أمر المسلمين، بل والتأليب عليه.
ثالثا: حجب الناس عن العلم الشرعي، لا سيما المتعلق بحق ولاة الأمر، فلا يُفقّهون الناس، ولا يعلمونهم من هذا الباب شيئا، ويتحقق لهم ذلك بطرق مباشرة، أو غير مباشرة.
رابعا: إشغالهم للناس، وتفريغ عواطفهم، وإنفاذ طاقاتهم، في أمور لا يراعى فيها الأولوية في معرفة أصول الدين، ثم أحكامه العملية، فإذا رأوا الناس قد انصرفوا إلى أمر مشروع، وأصل من أصول الدين، شغلوهم بما لا ينفع كثيرا، ولو ترك الناس هذا الأمر لم يضرهم شيء، أما ما قصده الشارع، فيتغافل عنه أولئك المبتدعة، وتجدهم مع ذلك يُوغرون صدور الناس على ولاة الأمر، فلا يسمعون خيرا قام به إلا حجبوه عن الناس، فإن لم يقدروا على حجبه، ذهبوا لتحريفه والطعن في قصد الحاكم، بأنه إنما فعل ذلك بقصد كذا وكذا، وكأنهم شقوا عن قلبه، واطلعوا على نيته، وهذا إنما هو لله وحده لا شريك له، لا يعلم ما في الصدور إلا الله رب العالمين.
خامسا: وأولئك المبتدعة لا يسمعون عن خطإ، أو زلل، أو هفوة، تصدر عن ولي الأمر، إلا نفخوا فيها، وروجوا لها، وبالغوا في إنكارها علانية، وشغّبوا بذلك المنكر على ولي الأمر، واستغلوه لإيغار صدور الناس على ولي الأمر، وهذا من ضلال أولئك الفكريين، فعدم شكر المحسن على إحسانه، وإشاعتهم للمنكر بإظهار زلات وهفوات وأخطاء ولاة الأمر، هذا بخلاف ما جاء به الشرع، وخلاف العقل الصحيح والحكمة والمصلحة، قال الله – تبارك وتعالى – ﴿إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَن تَشِيعَ الفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ﴾ [سورة النور: الآية 19].
سادسا: ومن ذلك أنهم إذا سمعوا أحدا من أهل العلم يُعلم الناس هذا الأصل العقدي المهم – وهو طاعة ولاة الأمر بالمعروف – ويحذرهم من التهاون فيه، ويقرر ذلك بأدلة الكتاب والسنة، ويوضح بفعل سلف الأمة هذا الأصل الأصيل في عقيدة أهل السنة، قالوا: هذا مداهن لولاة الأمر. وقد كذب أولئك المبتدعة الضلال، أولئك الخوارج، كذبوا وضلوا عن الصراط المستقيم في ذلك، وصرفوا الناس عن الحق إلى الباطل، فالله – تعالى – يقول ﴿يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ﴾ [سورة النساء: الآية 59]، فنحن إنما نطيع ولاة الأمر طاعة لله – تعالى -.
قال أبو ذر – رضي الله عنه – فيما أخرجه مسلم في الصحيح: إن خليلي – صلى الله عليه وسلم – أوصاني أن أسمع وأطيع، وإن كان عبدًا مجدع الأطراف (14).
وعن العرباض بن سارية – رضي الله تعالى عنه – قال: وعظنا رسول الله – صلى الله عليه وآله وسلم – موعظة بليغة، ذرفت منها العيون، ووجلت منها القلوب، فقلنا: يا رسول الله كأنها موعظة مودع، فأوصنا. قال: «أوصيكم بتقوى الله والسمع والطاعة، وإن أُمِّر عليكم عبد حبشي، فإنه من يَعِش منكم بعدي فسيرى اختلافًا كثيرًا، فعليكم بسنتي، وسنة الخلفاء المهديين الراشدين، تمسكوا بها، وَعَضُّوا عليها بالنواجذ، وإياكم ومحدثات الأمور، فإن كل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة» (15).
ومن أقوال أهل البدع المعاصرين – إذا سمعوا من يقرر عقيدة أهل السنة في السمع والطاعة لولاة الأمر – قولهم: ما بقي علينا إلا هذا الموضوع؟!! لماذا لا يتكلمون – يعني أهل العلم الذين يقررون السمع والطاعة – يوجهون لهم السؤال، يقولون: لماذا لا يتكلمون في المنكرات؟ يريدون بذلك أن الذين يتكلمون في السمع والطاعة من أهل العلم، لا ينكرون المنكرات، وقد كذبوا في ذلك، وضلوا عن الحق، فالذين يقررون الطاعة بالمعروف لولاة الأمر يقررون غيرها من أصول الشريعة، وينكرون المنكر بالطرق الشرعية، وأعلاها إخلاص العبادة لله – تعالى – وإنكار الشرك الذي هو أعظم المنكرات، فهم يقومون بإنكاره، ثم ينكرون البدع، وسائر المنكرات، ولكن هم يعلمون أن إنكار المنكر يجب أن يتحقق فيه الإخلاص.
سابعا: ومن ذلك أنهم يتحولون من النصح إلى التشهير والتعيير، وهذا فيه جرأة على منصب ولي الأمر، وإثارة للدهماء عليهم، باسم إنكار المنكر، حتى يحصل الجفاء والبغض والشر، بين الراعي والرعية.
ومن أقوال أهل البدع المعاصرين – إذا سمعوا من يقرر عقيدة أهل السنة في السمع والطاعة لولاة الأمر، سواء كان ذلك في خطبة، أو محاضرة، أو إذاعة، أو تلفاز، أو صحيفة، أو كتاب – قولهم: من المستفيد من ذلك؟ يشيرون إلى أن المستفيد هو ولي الأمر فقط، وهذا جهل، بل هو جهل مفرط، فإن صاحب السنة، إنما يسمع ويطيع، لأن الشارع أمره بطاعة الولاة بالمعروف، أبرارًا كانوا، أو فجارا، ونهاه عن المنازعة والفرقة والخلاف والمشاقة لهم، والعاقل يعرف أن بالسمع والطاعة تنتظم الأمور، وتتحقق المصالح، وفي هذا مصلحة مشتركة بين الراعي والرعية، بل العاقل يعلم أن ما تحصله الرعية من المصلحة أكثر مما يحصله الرعاة.
ومن أقوال أهل البدع المعاصرين قوله: إن الحديث عن طاعة ولاة الأمر ليس هذا وقته. ويهدفون من وراء ذلك زيادة جهل الناس بهذا الأصل العظيم، حتى تستقر أهواؤهم في النفوس، وترتفع عقيرة الفتنة، ثم تستحكم الخلافات والمشاقة والمنازعة، فيقع الهرج والمرج، وتطيش العقول، وتُقطع السبل، وتسفك الدماء، وتنهب الأموال، وتنتهك الأعراض، فلا ينفع عندئذ نصح ناصح، ولا بيان عالم، إذ العقول طائشة، والقلوب فاسدة، وعلى الأبصار غشاوة.
ولأهل الأهواء والبدع غير ذلك من العبارات التي سبقهم إليها الخوارج الأُول، فيجب على صاحب السنة أن يؤمن بأن طاعة ولاة الأمور بالمعروف من طاعة الله – تعالى – وطاعة رسوله – صلى الله عليه وسلم – وأن تعليم الناس ذلك من تعليمهم دين الله – تعالى – وأن تقريره وتكريره في الأوقات التي يرى فيها أهل العلم بوادر فتن من الفقه والحكمة، والنصح لله، لأجل قطع دابر الفتن، ومنع وقوعها.
الخوارج والأحزاب المعاصرة
ففي هذا العصر قد انتشرت أفكار الخوارج بين كثير من الشباب، عن طريق الأحزاب الإسلامية البدعية، التي قاد ذمامها شراذم من قيادات ودعاة تلك الأفكار والاتجاهات الوافدة علينا، من حزب التحرير، وحزب التكفير، وحزب الهجرة والجهاد، والإخوان المسلمين، فيجب على أهل العلم النصح لله وكتابه ورسوله، وأئمة المسلمين وعامتهم، وانتشال الشباب من تلك المستنقعات، وغوائل تلك الأفكار، وذلك بالعلم والبيان، وإظهار الحق، وتوضيح دلالات القرآن والسنة، وكلام السلف الصالح – رضي الله عنهم – وكلام أئمة السنة وتقريراتهم – رحمهم الله تعالى – وعدم الالتفات لما يعيرهم به أصحاب الأهواء والبدع، فإن الأمر جد خطير، فالشباب قد أسروا بشباك الحجر الفكري، كما أسروا بشباك الإرهاب الفكري، فالأمة قد وصلت إلى مرحلة خطيرة، وذلك عبر مخطط موجه لشباب الأمة، يتضح من خلال ما يمكن أن نسميه اليوم بالحجْر الفكري، والإرهاب الفكري.
الحجْر الفكري
أما الحجر الفكري، فهو السعي بوسائل متعددة ومتنوعة لعزل الشباب عن العلماء، وطلاب العلم الناصحين، فيشغل الشباب عن سماع صوت الناصحين من العلماء، وطلاب العلم، حتى لا يكتشفوا حقيقة ما يراد بهم، وما يساقون إليه، فلا تتضح لهم مفاسد تلك المناهج، ولا يعرفون خطأ ما هم عليه، بسبب تلك العزلة.
وفي المقابل يُربطون بأشخاص معينين، يحملون أفكارًا، تلهب حماس الشباب الطائش، وتستجيب لعواطفهم المتهورة، فيظهر أولئك الأشخاص أمام الشباب بأنهم من العلماء، وطلاب العلم الملهمين، فيصفونهم بأوصاف تجعل لهم في نفوس الشباب المنزلة العلية، وهكذا في سلسلة من الأعمال التي تؤكد العزلة الفكرية في مرحلة خطيرة من العمر، حتى يتشرب أولئك الشباب تلك الأفكار، فلا يمكن بعد ذلك تغيير مفاهيمهم بسهولة، لأنهم لا يعتبرون بالعلماء الراسخين، وإنما يعظمون أشخاصًا آخرين، ويعتقدون أنهم هم العلماء حقا، ولا ينظرون إلى ضعف علمهم، وضحالة فكرهم، وقلة ورعهم، وحداثة أسنانهم، وسرعة أحكامهم، وجرأتهم في المسائل الكبيرة، وتقدمهم على العلماء الكبار، بل ومخالفتهم، وعدم الاكتراث بهم، وربما ازدرائهم.
ومن برامج مخططهم محاولة السيطرة على بعض القنوات، لأجل توصيل تلك الأفكار للناس، وخاصة الشباب، وترسيخ تلك المفاهيم الخطيرة، وتحقيق أهدافهم الضالة، ومنع كل ما يخالف فكرهم، كل ذلك من خلال خُطة محكمة، يصلون من خلال مراحلها إلى نتائج وخيمة، وهذه هي بداية الفتن، وسفك الدماء، وإخافة السبل، وذلك حين يتجه شباب الأمة إلى هؤلاء الأحداث الجهال، ويبتعدون عن العلماء الراسخين، هذا ما نسميه بالحجر الفكري.
فالحجر الفكري – باختصار – هو عزل الشباب عن العلماء الكبار، وعزلهم عن وسائل التأثير السليمة، بشعارات أو أعمال، تبدو شرعية، أو خيرية، أو جهادية.
الإرهاب الفكري
أما الإرهاب الفكري فهو أن يقوم قادة ذلك الفكر المنحرف بعمل مخطط، ينتهون فيه إلى تشويه صورة العلماء الراسخين، وطلاب العلم الناصحين، وقصدهم من ذلك زعزعة الثقة بالعلماء، وبالتالي منع تأثيرهم على الناس، وخاصة الشباب، وطمس صوتهم الصادق، في بيان خطر الأفكار المنحرفة، والسبل المضلة، لئلا يحذر الناس من تلك الأهواء، بعد أن يعرفوا حقيقتها، فإن ظهر صوت الحق حينا، ازداد قادة الفكر الضال في العمل على توجيه التهم الفاسدة، لتشويه سمعة ذلك الصادق، بأسلوب ماكر، ودعايات مضلة، ويجتهدون في إلصاق التهم الكاذبة بالعلماء، وطلاب العلم، ويشيعون القصص المفتعلة عنهم، التي ربما دعمت بالشواهد المزيفة، ولو ناقشها العاقل لوجد أنها لا تصمد أمام الميزان الشرعي في قبول الأخبار والدعاوى، فتجدهم يتهمون العلماء الراسخين، وطلاب العلم الناصحين، بعدم فقه الواقع ومعرفة الأحداث، وأنهم مداهنون للدولة، وأنهم لا يهتمون بقضايا الأمة، وربما تجاوزوا ذلك إلى اتهامهم بتهم يترفع العاقل عن ذكرها، ليصلوا من وراء ذلك إلى التمكين من العلماء، وإسقاط منزلتهم، وعدم الأخذ بفتاواهم، وفي المقابل تجدهم يرجعون في الفتوى، وفي الفصل في النوازل العظيمة، إلى أغمار ليسوا من أهل الرسوخ في العلم، فيظهرونهم بأنهم المدركون لقضايا الأمة، والغيورون على مصالح المسلمين، ليصلوا من وراء تشويه صورة أهل العلم، وتحسين صورة أهل الانحراف إلى تحقيق أهدافهم الخطيرة.
فالمتأمل فيما يقال عن العلماء بأوصاف بعض الشباب يجده سلسلة من التهم الخطيرة، يهدف من ورائها إلى زعزعة الثقة في كبار العلماء، حتى لا يثق الشباب بهم، وبالتالي لا يسمعون لهم، فيبحثون عن غيرهم، فيقعون في غوائل الأفكار، والفتاوى الضالة، وهذا ما نسميه بالإرهاب الفكري، لمن انحرف عن الكتاب والسنة ونهج السلف الصالح – رضي الله عنهم -.
فاعرفوا الحجر الفكري، والإرهاب الفكري، وعرّفوا أولادكم به، وحذروهم منه، وانظروا في حالهم، هل هم واقعون فيه أم لا؟ وراقبوهم، حتى يكبروا ويعقلوا الأمور، ويدركوا الشباك التي تُنصب لهم باسم المدنية، أو الدين، فإن تلك الأفكار الضالة، والخلايا السرية، لها فكرها وعقيدتها، ولها تنظيمها وإمكاناتها، ولها عدد من الشعارات البراقة الساحرة، التي تتستر تحتها مكرا وخداعا، فأوصي جميع المسلمين، وأوصي ونفسي بلزوم أهل العلم الراسخين، وأوصيكم بلزوم جماعة المسلمين وإمامهم، قال عبد الله بن عمر – رضي الله عنه -: سمعت رسول الله – صلى الله عليه وآله وسلم – يقول: «مَنْ خَلَعَ يَدًا مِنْ طَاعَةٍ لَقِيَ اللَّهَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ لاَ حُجَّةَ لَهُ، وَمَنْ مَاتَ وَلَيْسَ فِي عُنُقِهِ بَيْعَةٌ مَاتَ مِيتَةً جَاهِلِيَّةً (16)» (17).
وأوصيكم بأن تحذروا من هذه الأفكار، وأن تعلموا بأنها من المحدثات، وأنها من الفتن العاصفة، قال نبيكم – صلى الله عليه وسلم -: «ما من ثلاثة في قرية، ولا بدو لا تقام فيهم الصلاة إلا استحوذ عليهم الشيطان، فعليكم بالجماعة، فإنما يأكل الذئب القاصية» (18).
وأوصيكم بكثرة الاستغفار، وأوصيكم بالإلحاح في الدعاء، والإكثار منه، والنصح ما أمكن لهؤلاء الشباب، الذين وقعوا في غوائل تلك الأفكار، الذين انتحلوا تلك الأفكار من خوارج العصر، فأبغضوا العلماء، وحقدوا على جماعة المسلمين، فقاموا بالتشهير، وشقوا عصا الطاعة، وأخافوا الناس، وفرقوا الجماعة.
نسأل الله – عز وجل – أن يمكن منهم، اللهم آتنا في الدنيا حسنة، وفي الآخرة حسنة، وقنا عذاب النار، اللهم فقهنا في أمور ديننا ودنيانا، اللهم علمنا ما ينفعنا، وجنبنا ما يضرنا، وألهمنا رشدنا، واكفنا شر أنفسنا، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد.
تعليق سماحة مفتي عام المملكة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله آل الشيخ
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، اللهم صل وسلم وبارك على عبدك ورسولك محمد، أشرف الأنبياء، وأشرف المرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، وعلى من تبعهم، واقتفى أثرهم، وسار على نهجهم بإحسان إلى يوم الدين وبعد:
فمن أصول أهل السنة والجماعة طاعة ولاة الأمور في طاعة الله، وفيما أمروا به من طاعة الله، ومن أصولهم أيضًا الالتفاف حول الولاة، واجتماع الكلمة، وتحريم الخروج على الأئمة، وتذكير الأمة بنعمة الاجتماع والتآلف ووحدة الصف، يقول الله – تعالى – ﴿وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُم بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا﴾ [سورة آل عمران: الآية 103]، ويقول ﴿وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا﴾ [سورة آل عمران: الآية 103]، ويقول ﴿يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُوا وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَّعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ * وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُوا إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ﴾ [سورة الأنفال: الآية 45-46].
والله – جل وعلا – يأمر عباده المؤمنين بطاعته، وبطاعة رسوله، ثم يضيف إلى ذلك طاعة ولي الأمر، قال – تعالى – ﴿يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ﴾ [سورة النساء: الآية 59]، ويأمرنا أن نرد ما تنازعنا فيه إلى كتاب ربنا، وإلى سنة نبينا – صلى الله عليه وسلم – فقال ﴿فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ﴾ [سورة النساء: الآية 59]، وأرشد المسلمين أن يردوا المشكِل، ويرجعوا أمر المهمات إلى ذوي الرأي والفكر والعقل فيهم، حتى يسلموا من طيش الطائشين وسفه الجاهلين، قال – تعالى – ﴿وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِّنَ الأَمْنِ أَوِ الخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُوْلِي الأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنبِطُونَهُ مِنْهُمْ﴾ [سورة النساء: الآية 83].
إن الله – جل وعلا – أخبر ملائكته بقوله ﴿إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَن يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لَا تَعْلَمُونَ﴾ [سورة البقرة: الآية 30]، فالملائكة – عليهم السلام – قالوا للرب – سبحانه – ﴿أَتَجْعَلُ فِيهَا مَن يُفْسِدُ فِيهَا﴾، وذلك من تعظيمهم لربهم، خافوا أن يفسد هذا الخليفة، كما قيل: إن الجن أفسد من قبل. فقال الله – تعالى – ﴿إِنِّي أَعْلَمُ مَا لَا تَعْلَمُونَ﴾ [سورة البقرة: الآية 30] فأهبط آدم إلى الأرض، واستخلفه وذريته فيها، ليعمروها بطاعة الله، والله – جل وعلا – أرشد الأمة إلى اجتماع الكلمة، وأن يكون فيهم من يقودهم إلى الخير، قال الله – جل وعلا – عن إبراهيم – عليه السلام – ﴿إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا قَالَ وَمِن ذُرِّيَّتِي﴾ [سورة البقرة: الآية 124]، فهو إمام في دين الله، إمام في شرع الله، وهو إمام في مصلحة الأمة، فإن الرسل وأنبياء الله يعمرون الأرض بطاعة الله، ويقودون أُممهم لما فيه خيرهم وصلاحهم، في دينهم ودنياهم.
وعلماء المسلمين مجمعون على أن الأمة لا بد لها من قيادة تقودها، وولاية تنظم مصالحها، قال – تعالى – ﴿يا دَاوُودُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الأَرْضِ فَاحْكُم بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ وَلَا تَتَّبِعِ الهَوَى فَيُضِلَّكَ عَن سَبِيلِ اللَّهِ﴾ [سورة ص: الآية 26]، فجعل الله داود خليفة في الأرض، وأمره أن يقوم فيها بالقسط.
إذن فالأمة لا بد لها من قيادة، وإذا لم تكن لها قيادة تقودها، وولاية ترعى مصالحها، ورجال يتفانون في خدمتها، ويسعون لما فيه صلاحها، فإن طبيعة البشر الظلم والعدوان بعضهم على بعض، قال – تعالى – ﴿إِنَّا عَرَضْنَا الأَمَانَةَ عَلَى السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَن يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الإِنسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا﴾ [سورة الأحزاب: الآية 72].
فلو ترك الناس بلا قيادة، وبلا رعاية، وبلا قاضٍ يقضي بينهم في أحكامهم، وبلا قائد يقودهم في مصالح دينهم ودنياهم، لعمّ الفساد البشرية، قال – تعالى – ﴿وَلَوْلا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُم بِبَعْضٍ لَّهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيرًا﴾ [سورة الحجج: الآية 40]، وقال ﴿وَلَوْلا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُم بِبَعْضٍ لَّفَسَدَتِ الأَرْضُ وَلَكِنَّ اللَّهَ ذُو فَضْلٍ عَلَى العَالَمِينَ﴾ [سورة البقرة: الآية 251].
فمن فضله على العالمين أن جعل للناس من يردعهم ويقودهم ويحملهم على الخير، وينهاهم عن الشر، وأي مجتمع في الأرض لا تتم مصالح دنياه، ولا تنتظم شئونه إلا إذا كان له راعٍ يرعاه، وقيادة تنظم شأنه، وتدرك مصالحه، وتزود عنها.
فطاعة ولاة الأمر، إنما هي لمصلحة الأمة ذاتها، ولرحمتها ذاتها، وليست المصلحة للوالي فقط، ولكن الأمة هي المستفيدة من ذلك، وهي التي ترعى تلك النعم، وتتقلب في هذا الخير، إذ هي مطمئنة، تنقل بعد الله إلى قيادة تقودها، وتَذُود عنها، وتحمي حماها، وتدافع عن كيانها.
وبهذا المنطق يمكن الرد عما قد يثيره البعض، ممن قل إدراكه، وضعف فقهه، ولم يكن عنده التصور عن سبب هذه التشديدات في طاعة ولي الأمر، ولم هذه الأوامر الأكيدة، والوعيد الشديد على من خرج عن الطاعة؟
والجواب: أن هذا الوعيد الشديد انصب لأجل حفظ كيان الأمة، والدفاع عنها، فإن الناس – بلا قيادة تجمعهم – سيصبحون فوضويين في أحوالهم كلها، ولقد كانت الجاهلية في جاهليتها لا تخضع لقيادة، ولا تنتظم تحت راية، فكانت الحروب الطاحنة بينهم، أفنت الكثير منهم، ومزقتهم شذر مذر، فلما جاء الإسلام، وجاء بالسمع والطاعة، وانتظام الكلمة، عزّت الأمة، وارتفع شأنها.
أما عن آثار العصيان، والأفكار المنحرفة التي تختفي خلف شعارات معينة، تنصب كلها في تحريض الأمة، والشجب على ولاة الأمر، فهذه الأفكار لا تعتمد على حق، وإنما هي بدعة من آثار بدع الضالين السابقين، فالأمة مطالبة بالاستماع، ومحذرة من الفرقة والاختلاف.
وقد كانت الأمة في عهد رسول الله – صلى الله عليه وسلم – وفي عهد الصديق، وفي عهد عمر، وفي عهد عثمان، على أحسن حال، القلوب مجتمعة متآلفة والكلمة واحدة، فلما جاءت الفتن، وعصفت بالأمة وفرقتها، بدأت البدع والضلالات تنبت شيئا فشيئا، لأن المجتمع المطمئن، المتراص الصفوف، المتحد الكلمة، لا يمكن للعدو أن ينفذ من خلاله، ولا أن يبذر بذوره الشريرة ليفرق شمل الأمة، ويضرب بعضها ببعض.
قد يُظهر أولئك للناس باطلهم وبدعتهم، على أنها غَيرة على محارم الله، وبعضهم قد يظهرها على أنها انتصار للمظلوم، ونحو ذلك، والله يعلم المفسد من المصلح، إذ لو كان الهدف الإصلاح والتوجيه، لعرفوا للإصلاح أبوابه، وللتوجيه والإرشاد مقاله، ولكن القوم مبتلون بأمور باطنة، يظهرون خلاف ما يبطنون، ويعلنون خلاف ما يسرون، وكل هذا من مبادئ البدع والضلالات، فنحن أمة تفضل الله علينا بالإسلام، وجمع كلمتنا بالإسلام، ووفق لنا قيادة، نسأل الله أن يأخذ بنواصيها، لما فيه صلاح الإسلام والمسلمين، وأن يجعلهم أئمة هدى، وقادة خير، وأن يكون خلفهم عقبا لسلفهم، في الخير والتقوى، وجمع الكلمة، فنحن مأمورون بأن نشكر الله على نعمة هذا الاجتماع، ونعمة هذا التآلف، ونعمة هذه الوحدة.
ونسأل الله أن يديم نعمته، وألا ينزع منا ما تفضل به علينا بذنب من ذنوبنا، فإن معاصي الله، والإعراض عن شرعه، من أسباب زوال النعم، نعوذ بالله من زوال نعمته، ومن تحول عافيته، ومن فُجاءة نقمته.
وإن الدعاء للولاة، بالصلاح والتوفيق والتسديد، أمر مضطر له كل مسلم، إذ الدعاء سلاح المؤمن، والله يقول ﴿وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ﴾ [سورة غافر: الآية 60]، والمعترضون على هذا هم جهلة فيما يقولون، فالدعاء مطلوب من المؤمن، والمؤمنون يدعون الله بصلاح ولاتهم واستقامة حالهم، لأن بذاك تستقيم الأحوال، وتنتظم الأمور، وتجتمع الكلمة.
نسأل الله التوفيق والسداد، وصلى الله وسلم على محمد.
الأسئلة
السؤال الأول: يقول السائل من الجزائر: أحد المدرسين عندنا يقول: إن الحاكم إذا وصل إلى الحكم – عن طريق الانتخابات – فإنا لا نخرج عليه، ولكن لا نقول: إن له بيعة. فهل هذا الكلام صحيح؟
الجواب: أي حاكم اجتمعت عليه كلمة قومه، واتفق عليه أهل الحل والعقد، من أهل بلده، فإن اجتماعهم عليه، واتفاقهم عليه، يجعله قائدا لهم، يجب أن يسمعوه، ويطيعوا في المعروف.
ولا شك أن بلادنا هذه تميزت بأن قيادتها أُعطيت بيعة شرعية، من قلوب وأيدي أبناء هذا البلد، عن رضًا ومحبة وطمأنينة، وانشراح صدر، وفرح بهذه النعمة، فما وقع في هذا البلد من هذا الاجتماع يعادل البيعة الشرعية التي يدين كل مسلم لله بالتزامها والقيام بحقها، وهذا أمر – ولله الحمد – قد تفضل الله به علينا، ونستطيع أن نقول: إن كل قائد اجتمعت عليه كلمة قومه، ذوي الحل والعقد منهم، فإنه يجب عليهم طاعته، ويحرم عليهم الخروج عليه.
السؤال الثاني: وهذا سائل من السعودية يقول: ما ردكم على من يقول: إن ولي الأمر كفر بسبب موالاته للكفار، والسماح لهم بالبقاء في بلاد المسلمين؟
الجواب: هذه كلمات جاهلية، تكفير الإنسان لمجرد فكر وهوى يهواه الإنسان، هذا هو الخطأ، كون الإنسان يتصور شيئًا، ويحكم عليه بمجرد هواه ورأيه الخاطئ، وتصوره غير المصيب هذا من البلاء، حكام المسلمين، حكام مسلمون، من جنسنا، حكام يُصلون، ويصومون، ويلتزمون أحكام الشرع، ويُحكّمون شرع الله، ويأمرون بالمعروف، وينهون عن المنكر، ويلتزمون بالإسلام، ويفرضونه، ويعلنونه، ولا نشك في ذلك منهم، فلهم علينا السمع والطاعة بالمعروف.
وأما الحكم بالتكفير لمجرد هوى يهواه الإنسان، فهذا هو البلاء، يجب على المسلم أن يعلم أن كلمة الكفر لا يطلقها إلا على مَن علم أنه عَبَد غير الله، أو حرم ما أحل الله، أو أحل ما حرم الله، أما أن تُطلق كلمة الكفر هكذا دون تروٍّ وتأنٍّ، فهذا لا يجوز شرعا، لقول النبي – صلى الله عليه وسلم -: «إذا قال الرجلُ لأخيه يا كافرُ، فقد باء بها أحدُهما، إن كان كافرا، وإلاَّ رجعتْ عليه» (19).
السؤال الثالث: يقول السائل: يوجد في الأسواق كتاب اسمه “معاملة الحكام في ضوء الكتاب والسنة” للشيخ عبد السلام برجس بن عبد الكريم – رحمه الله – فهل تنصحون بقراءة هذا الكتاب؟
الجواب: الشيخ عبد السلام برجس – رحمه الله – رجل طيب، وطالب علم، وقد جمع في هذا الموضوع من رسائل المشايخ الدالة على دعوة الأمة إلى اجتماع الكلمة، وتآلف القلوب والمحبة، وتحذيرهم من السماع للأقوال الشاذة، والآراء الباطلة، فكُتب الشيخ عبد السلام برجس أحسبها طيبة، إن شاء الله.
السؤال الرابع: سائل يقول: هنالك من يحتج بقصة العز بن عبد السلام في الإنكار العلني على الحكام، وولاة الأمر، ويربي شباب الأمة على ذلك، فهل هذا المنهج صحيح؟
الجواب: لا يصح، فنحن لسنا متعبدين بأقوال الناس، نحن عندنا كتاب وسنة، يقول – صلى الله عليه وسلم -: «إن الدين النصيحة، إن الدين النصيحة، إن الدين النصيحة». قالوا: لمن يا رسول الله؟ قال: «لله، ولكتابه، ولرسوله، ولأئمة المسلمين، وَعَامَّتِهِم» (20).
ويقول جرير بن عبد الله – رضي الله عنه -: بايعت رسول الله – صلى الله عليه وسلم – على إقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، والنصح لكل مسلم (21). فعندنا كتاب ربنا، وعندنا سنة نبينا، وعندنا – إضافة إلى هذا – ما فهمه سلف هذه الأمة، من التابعين وتابعيهم، ومن سار على نهجهم، في أنهم التزموا السمع والطاعة، وحذروا من المخالفة، ونهوا عن الأقوال الشاذة.
فأئمة الإسلام كانوا يدعون إلى السمع والطاعة، لأن ولي الأمر يقيم الله به العدل، وينتصر به للمظلوم من ظالمه، وبه تقام الحدود، وتحمى الثغور، وبه تقام الجمعة والجماعة، وبه تطمئن الأمة في أمر دينها، وصالح دنياها، فلسنا متعبدين بأقوال الناس، ينبغي أن نعرض على شبابنا آيات القرآن، وأحاديث المصطفى، وأقوال الصحابة، ومن تبعهم بإحسان، ليعلموا حقيقة السمع والطاعة الذي سار عليه علماء هذه الأمة، وأئمة الهدى.
السؤال الخامس: يقول السائل: يخلط البعض في فهم قوله – صلى الله عليه وسلم -: «إنما الطاعة في المعروف» (22). وذلك عند تطبيق بعض الأوامر، لا سيما إذا أصدر ولي الأمر قرارًا يمنع جمع التبرعات، أو غيره، فإنهم لا يلتزمون بهذا القرار، ويحتجون بهذا الحديث، فما رأيكم في ذلك؟
الجواب: معنى قول النبي – صلى الله عليه وسلم -: «إنما الطاعة في المعروف». يعني إذا أمرك بمعصية فلا تفعل، لكن إذا أمرك بمباح، أو نهاك عن أمر مباح، لمصلحة يراها، وأمر يراه، فيجب أن تلتزم بذلك، إن أمرك أن تعصي الله، فلا تفعل، لكن إن لم يأمرك بمعصية، وإنما أمرك بشيء يرى المصلحة فيما أمرك به، وأن عدم الامتثال فيه مفاسد، ونظّم أمرًا من الأمور، للمصلحة العامة، فالواجب السمع والطاعة، فإذا قال: لا تتبرعوا إلا تحت حساب الجمعية، أو كذا، أو كذا. أو خاف من أن هذه التبرعات ربما يستغلها من لا يحسن، ومن ليس عنده أمانة، وأراد أن ينظم هذه التبرعات، لتنصب في المكان المناسب، ولا يتلاعب الناس بهذه الأمور، وأراد التنظيم، فولي الأمر له ذلك.
السؤال السادس: وهذا يسأل ويقول: إذا نصب الكفار على المسلمين إمامًا مسلما، فهل يُسمع له ويطاع، وتحصل له البيعة أم لا؟
الجواب: هذه لها ظروف وأحوال وأمور، نسأل الله أن يدل الجميع على الخير، وأن يوفق المسلمين لما يحبه ويرضاه.
السؤال السابع: يقول السائل: قد يحدث من ولاة الأمر أكبر من ضرب الظهر، وأخذ المال، وذلك كأخذ الرشوة وغير ذلك، فهل ينطبق حديث النبي – صلى الله عليه وسلم – على مثل هذا الفعل؟
الجواب: لا تنظر لهذه الأمور، ولا تكن مصغيًا لكل ما يقال، فإن كلام الناس وأهواءهم كثيرة، أنت عليك السمع والطاعة بالمعروف، فيما أمرت به من معروف، واعبد الله على بصيرة، والذي يحاسب الناس هو الله.
نسأل الله – سبحانه وتعالى – التوفيق والسداد، وصلى الله على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.
*******************************************************
(1 ) أخرجه البخاري (3/1080، رقم 2797)، ومسلم (3/1466، رقم 1835).
(2 ) هو عبد الله بن حذافة السهمي، كما جاء مصرحا في بعض الروايات.
(3 ) أخرجه أحمد (1/82، رقم 622)، والبخاري (6/2612، رقم 6726)، ومسلم (3/1469، رقم 1840).
(4 ) أخرجه مسلم (3/1478، رقم 1851).
(5 ) رواه مسلم (1/74، رقم 55).
(6 ) أخرجه مسلم (3/1480، رقم 1854).
(7 ) أخرجه البخاري (1/333، رقم 937)، ومسلم (3/21، رقم 2009).
(8 ) أخرجه مسلم (3/1476، رقم 1847).
(9 ) أخرجه البخاري (4/376، رقم 7199)، ومسلم (6/17، رقم 1837).
(10 ) سبق تخريجه.
(11 ) سبق تخريجه.
(12 ) سبق تخريجه.
(13 ) أخرجه البخاري (4/376، رقم 7199)، ومسلم (6/17، رقم 1837).
(14 ) أحمد (5/161، رقم 21465)، ومسلم (1/448، رقم 648).
(15 ) أخرجه أحمد (4/126، رقم 17184)، وأبو داود (4/200، رقم 4607)، والترمذي (5/44، رقم 2676) وقال: حسن صحيح. وابن ماجه (1/15، رقم 42). وصححه الألباني في المشكاة 165.
(16 ) أي على صفة موتهم من حيث هم فوضى لا إمام لهم. شرح النووي على مسلم 12/238.
(17 ) أخرجه مسلم (3/1478، رقم 1851).
(18 ) أخرجه أحمد (5/196، رقم 21758)، وأبو داود (1/150، رقم 547)، والنسائي (2/106، رقم 847). وقال الألباني في صحيح الترغيب والترهيب (427): حسن صحيح.
(19 ) أخرجه البخاري (5/2264، رقم 5753)، ومسلم (1/79، رقم 60).
(20 ) رواه مسلم (1/74، رقم 55).
(21 ) أخرجه البخاري (1/22، رقم 57)، ومسلم (1/54، رقم 109).
(22 ) سبق تخريجه.
رابط الموضوع : http://www.assakina.com/mohadrat/25663.html#ixzz2vXnu8TyM
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق