الوسطية صراط الله المستقيم
بسم الله ، والحمد لله ، وصلى الله وسلم وبارك على رسول الله ، وعلى آله ، وعلى صحابته أجمعين ، وعلى التابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين ، وعلينا جميعًا . نسأله أن يجعلَنا ممن تبعهم بإحسان ، وبعد :
دين الله وسط ، وصراطه مستقيم :
إن الله – جل وعلا – بعث محمدًا – صلى الله عليه وسلم – بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ، بعثه بهذا الدين القويم ، والصراط المستقيم ، ليسير المسلم على نهجه ، مقتفيًا أَثَر نبيه . وأمرنا ربنا في كل ركعة من ركعات صلاتنا بفاتحة الكتاب ، المشتملة على هذه الآية : ﴿ اهْدِنَا الصِّرَاطَ المُسْتَقِيمَ * صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ المَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلاَ الضَّالِّينَ ﴾ [سورة الفاتحة : الآيتان 6- 7] .
نَعَم ، صراط الله المستقيم ، فاستقامته هو وضوح سبيله ، وعدم اعوجاجه . وهو يجانب طريق الضُّلال ؛ أعداء الله اليهود ، المخالفين لما علموا ، المعطلين لما علموا ، التاركين لما علموا ، فضَلُّوا بترك الحق الذي علموه وكتموه وأخفوه . ومنها صفة محمد – صلى الله عليه وسلم – فإنهم يعرفونه كما يعرفون أبناءهم ، ولكن الكبر والحسد صدهم عن سبيل الله المستقيم ، والضالون : الذين لا علم عندهم ، وأعرضوا عن العلم والتعلم ، وبدلوا دينهم وحرفوه وغيروه ، وعملوا بجهل وضلال ، دون استناد إلى علم وهدى . فكلا الفريقين ضالٌّ عن سواء السبيل ، مجانب للصراط المستقيم .
أما أتباع محمد – صلى الله عليه وسلم – فهم الذين علموا وعملوا وآمنوا ، عملوا بما علموا ، ولم يكن مصدر دينهم آراء ولا استحسانات بشرية ، ولكن مصدرها كتاب الله ، وسُنة محمد – صلى الله عليه وسلم .
فقد خطَّ رسول الله – صلى الله عليه وسلم – خطًّا مستقيمًا ، فقال : « هَذَا سَبِيلُ اللهِ » . ثم خطَّ خطوطًّا عن يمين ذلك الخط ويساره ، وقال : « وَهَذِهِ سُبُلٌ عَلَى كُلِّ سَبِيلٍ شَيْطَانٌ يَدْعُو إِلَيْهِ » ( 30) . فالسبل متعددة ، والسبل متباينة ، كل سبيل له شيطان يدعو إليه ، ويؤيده ، ويحامي عنه ؛ لأنها طرق ملتوية ومتباينة ومتغايرة .
أما صراط الله المستقيم فهو الحق الذي لا ضلالة فيه ، والنور الذي لا ظلمة فيه ، قال تعالى : ﴿ وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيماً فَاتَّبِعُوهُ وَلاَ تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَن سَبِيلِهِ ﴾ [سورة الأنعام : الآية 153] .
الغلو مذموم في العبادة :
الغلو مذموم في الأقوال والأعمال ، والغلو مذموم في الموالاة والمعاداة ، والغلو مذموم في العبادات والعادات . غلوك في عبادتك مذموم ؛ لأن الواجب عليك أن تكون عبادتك – مع كونها خالصة لله – على وَفق ما شرعه الله على لسان محمد صلى الله عليه وسلم .
فالوضوء للصلاة شرط لصحتها ، فلو غلا إنسان في الوضوء ، وزاد على الحد المشروع ، كان من الغالين . الأعلى غسل العضو ثلاث مرات ، فالنبي توضأ ثلاثًا ثلاثًا ، ومرتين مرتين ، ومرة مرة . فمن زاد عن الثلاث فقد أساء وتعدَّى في الوضوء ، وغلا في وضوئه .
الصلوات الخمس تُؤدَّى بكمال أركانها وواجباتها ، ومن وفقه الله ، فاستكمل سننها ، فذاك خير ، لكنه لو غلا أتعب المؤمنين . فالنبي يقول لمعاذ : « فَأَيُّكُمْ أَمَّ النَّاسَ فَلْيُوجِزْ ؛ فَإِنَّ مِنْ وَرَائِهِ الْكَبِيرَ وَالضَّعِيفَ وَذَا الْحَاجَةِ » ( 31) . وقال لمعاذ : « يَا مُعَاذُ ، أَفَتَّانٌ أَنْتَ ؟ » ( 32) . لأنه أطال ، وهذه الإطالة ضرت بالمؤمومين ، فلا بد من الاعتدال ، حتى في الصلاة ، والاعتدال في النفقة ، والاعتدال في الملبس ، والاعتدال في المشي ، والاعتدال في كل الأحوال ؛ في محبة الأشخاص وبغضهم ، لا بد من الاعتدال ، والبعد عن الغلو .
ولذا قال الله لنا : ﴿ وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلاَّ تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى ﴾ [سورة المائدة : الآية 8] . فكَوْنِي أبغض إنسانًا ، أو أعادي إنسانًا ، يجب أن يجعل المعاداة تتخطَّى الحدود ، فلا تحملني كراهيتي له أن أغلو في بغضه ؛ بأن أُسيء وأضر به ، وإنما أكون في بُعدِي عنه على اعتدال . ولا تحملني محبته أن أغلو فيه ، فأتناسى أخطاءه وسيئاته .
الولاء للأحزاب والجماعات سبب للغلو :
وقد أشار المشايخ إلى الولاء للأحزاب والجماعات والانتماءات ، فأحسَنوا القول في ذلك ؛ فإن ولاء المسلم حقًّا لكتاب ربه ، وسُنة نبيه ، وجماعة المسلمين ، هذا هو الحق والهدى . وأما الولاء لغير الكتاب والسنة ، ولغير المنتسبين إليها ، إن كان هذا الولاء مصدره تحزب وتآلف على غير المنهج الصحيح كان ذلك بُعدًا عن الهدى . قال تعالى : ﴿ مُنِيبِينَ إِلَيْهِ وَاتَّقُوهُ وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَلاَ تَكُونُوا مِنَ المُشْرِكِينَ * مِنَ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُم وَكَانُوا شِيَعًا كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ ﴾ [سورة الروم : الآيتان 31-32] . وقال تعالى ﴿ لَّسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ ﴾ [سورة الأنعام : الآية 159] .
الاعتدال في كل شيء يبعد عن الغلو :
فلا بد من الاعتدال في الأمور كلها ، ونبينا – صلى الله عليه وسلم – حذر أن نغلو فيه غلوَّ مَن قبلنا ، فقال : « إِيَّاكُمْ وَالْغُلُوَّ فِي الدِّينِ ، فَإِنَّهُ أَهْلَكَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمُ الْغُلُوُّ فِي الدِّينِ »(33 ). فمحبتنا له أصل الإيمان ، وكمالها أن نحبه محبةً فوق محبةِ النفس والولد والمال . ولكن لا نغلو فيه ، ونجاوز الحد ، فقد قال صلى الله عليه وسلم : « « لا تُطْرُونِي كَمَا أَطْرَتِ النَّصَارَى عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ ، فَإِنِّمَا أَنَا عَبْدٌ ، فَقُولُوا : عَبْدُ اللهِ وَرَسُولُهُ » ( 34) .
ولا تغلُ في حب ابنك وابنتك ، غلوًّا يحجبك عن بيان أخطائهم وتجاوزاتهم ، فالحب يجب أن يكون معتدلاً ؛ حتى لا يطغى شيء على شيء . أسأل الله أن يثبتنا وإياكم على الحق ، وأن يحفظ هذا البلد من كل سُوء ، ويصلح وليَّ أمرنا ، وولي عهده . وأسأله أن يأخذ بنواصيهم لما يحبه ويرضاه ، وأن يرد عن هذا البلد كيد الكائدين ، وحسد الحاسدين ، وظلم الظالمين ، وأن يديم عليها نعمة الإسلام والأمن والرخاء ، وأن يحفظ بلادنا وسائر بلاد المسلمين من كل سوء .
دين الله وسط ، وصراطه مستقيم :
إن الله – جل وعلا – بعث محمدًا – صلى الله عليه وسلم – بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ، بعثه بهذا الدين القويم ، والصراط المستقيم ، ليسير المسلم على نهجه ، مقتفيًا أَثَر نبيه . وأمرنا ربنا في كل ركعة من ركعات صلاتنا بفاتحة الكتاب ، المشتملة على هذه الآية : ﴿ اهْدِنَا الصِّرَاطَ المُسْتَقِيمَ * صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ المَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلاَ الضَّالِّينَ ﴾ [سورة الفاتحة : الآيتان 6- 7] .
نَعَم ، صراط الله المستقيم ، فاستقامته هو وضوح سبيله ، وعدم اعوجاجه . وهو يجانب طريق الضُّلال ؛ أعداء الله اليهود ، المخالفين لما علموا ، المعطلين لما علموا ، التاركين لما علموا ، فضَلُّوا بترك الحق الذي علموه وكتموه وأخفوه . ومنها صفة محمد – صلى الله عليه وسلم – فإنهم يعرفونه كما يعرفون أبناءهم ، ولكن الكبر والحسد صدهم عن سبيل الله المستقيم ، والضالون : الذين لا علم عندهم ، وأعرضوا عن العلم والتعلم ، وبدلوا دينهم وحرفوه وغيروه ، وعملوا بجهل وضلال ، دون استناد إلى علم وهدى . فكلا الفريقين ضالٌّ عن سواء السبيل ، مجانب للصراط المستقيم .
أما أتباع محمد – صلى الله عليه وسلم – فهم الذين علموا وعملوا وآمنوا ، عملوا بما علموا ، ولم يكن مصدر دينهم آراء ولا استحسانات بشرية ، ولكن مصدرها كتاب الله ، وسُنة محمد – صلى الله عليه وسلم .
فقد خطَّ رسول الله – صلى الله عليه وسلم – خطًّا مستقيمًا ، فقال : « هَذَا سَبِيلُ اللهِ » . ثم خطَّ خطوطًّا عن يمين ذلك الخط ويساره ، وقال : « وَهَذِهِ سُبُلٌ عَلَى كُلِّ سَبِيلٍ شَيْطَانٌ يَدْعُو إِلَيْهِ » ( 30) . فالسبل متعددة ، والسبل متباينة ، كل سبيل له شيطان يدعو إليه ، ويؤيده ، ويحامي عنه ؛ لأنها طرق ملتوية ومتباينة ومتغايرة .
أما صراط الله المستقيم فهو الحق الذي لا ضلالة فيه ، والنور الذي لا ظلمة فيه ، قال تعالى : ﴿ وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيماً فَاتَّبِعُوهُ وَلاَ تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَن سَبِيلِهِ ﴾ [سورة الأنعام : الآية 153] .
الغلو مذموم في العبادة :
الغلو مذموم في الأقوال والأعمال ، والغلو مذموم في الموالاة والمعاداة ، والغلو مذموم في العبادات والعادات . غلوك في عبادتك مذموم ؛ لأن الواجب عليك أن تكون عبادتك – مع كونها خالصة لله – على وَفق ما شرعه الله على لسان محمد صلى الله عليه وسلم .
فالوضوء للصلاة شرط لصحتها ، فلو غلا إنسان في الوضوء ، وزاد على الحد المشروع ، كان من الغالين . الأعلى غسل العضو ثلاث مرات ، فالنبي توضأ ثلاثًا ثلاثًا ، ومرتين مرتين ، ومرة مرة . فمن زاد عن الثلاث فقد أساء وتعدَّى في الوضوء ، وغلا في وضوئه .
الصلوات الخمس تُؤدَّى بكمال أركانها وواجباتها ، ومن وفقه الله ، فاستكمل سننها ، فذاك خير ، لكنه لو غلا أتعب المؤمنين . فالنبي يقول لمعاذ : « فَأَيُّكُمْ أَمَّ النَّاسَ فَلْيُوجِزْ ؛ فَإِنَّ مِنْ وَرَائِهِ الْكَبِيرَ وَالضَّعِيفَ وَذَا الْحَاجَةِ » ( 31) . وقال لمعاذ : « يَا مُعَاذُ ، أَفَتَّانٌ أَنْتَ ؟ » ( 32) . لأنه أطال ، وهذه الإطالة ضرت بالمؤمومين ، فلا بد من الاعتدال ، حتى في الصلاة ، والاعتدال في النفقة ، والاعتدال في الملبس ، والاعتدال في المشي ، والاعتدال في كل الأحوال ؛ في محبة الأشخاص وبغضهم ، لا بد من الاعتدال ، والبعد عن الغلو .
ولذا قال الله لنا : ﴿ وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلاَّ تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى ﴾ [سورة المائدة : الآية 8] . فكَوْنِي أبغض إنسانًا ، أو أعادي إنسانًا ، يجب أن يجعل المعاداة تتخطَّى الحدود ، فلا تحملني كراهيتي له أن أغلو في بغضه ؛ بأن أُسيء وأضر به ، وإنما أكون في بُعدِي عنه على اعتدال . ولا تحملني محبته أن أغلو فيه ، فأتناسى أخطاءه وسيئاته .
الولاء للأحزاب والجماعات سبب للغلو :
وقد أشار المشايخ إلى الولاء للأحزاب والجماعات والانتماءات ، فأحسَنوا القول في ذلك ؛ فإن ولاء المسلم حقًّا لكتاب ربه ، وسُنة نبيه ، وجماعة المسلمين ، هذا هو الحق والهدى . وأما الولاء لغير الكتاب والسنة ، ولغير المنتسبين إليها ، إن كان هذا الولاء مصدره تحزب وتآلف على غير المنهج الصحيح كان ذلك بُعدًا عن الهدى . قال تعالى : ﴿ مُنِيبِينَ إِلَيْهِ وَاتَّقُوهُ وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَلاَ تَكُونُوا مِنَ المُشْرِكِينَ * مِنَ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُم وَكَانُوا شِيَعًا كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ ﴾ [سورة الروم : الآيتان 31-32] . وقال تعالى ﴿ لَّسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ ﴾ [سورة الأنعام : الآية 159] .
الاعتدال في كل شيء يبعد عن الغلو :
فلا بد من الاعتدال في الأمور كلها ، ونبينا – صلى الله عليه وسلم – حذر أن نغلو فيه غلوَّ مَن قبلنا ، فقال : « إِيَّاكُمْ وَالْغُلُوَّ فِي الدِّينِ ، فَإِنَّهُ أَهْلَكَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمُ الْغُلُوُّ فِي الدِّينِ »(33 ). فمحبتنا له أصل الإيمان ، وكمالها أن نحبه محبةً فوق محبةِ النفس والولد والمال . ولكن لا نغلو فيه ، ونجاوز الحد ، فقد قال صلى الله عليه وسلم : « « لا تُطْرُونِي كَمَا أَطْرَتِ النَّصَارَى عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ ، فَإِنِّمَا أَنَا عَبْدٌ ، فَقُولُوا : عَبْدُ اللهِ وَرَسُولُهُ » ( 34) .
ولا تغلُ في حب ابنك وابنتك ، غلوًّا يحجبك عن بيان أخطائهم وتجاوزاتهم ، فالحب يجب أن يكون معتدلاً ؛ حتى لا يطغى شيء على شيء . أسأل الله أن يثبتنا وإياكم على الحق ، وأن يحفظ هذا البلد من كل سُوء ، ويصلح وليَّ أمرنا ، وولي عهده . وأسأله أن يأخذ بنواصيهم لما يحبه ويرضاه ، وأن يرد عن هذا البلد كيد الكائدين ، وحسد الحاسدين ، وظلم الظالمين ، وأن يديم عليها نعمة الإسلام والأمن والرخاء ، وأن يحفظ بلادنا وسائر بلاد المسلمين من كل سوء .
للإطلاع على كامل الموضوع
********************************
سماحة المفتي العام للمملكة :الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله آل الشيخ
رابط الموضوع : http://www.assakina.com/wastiah/34301.html#ixzz2vY08JUnI
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق